تنتشر شائعات عديدة من أبرزها أن “اللقاحات المضادة لفيروس كورونا تجعل المرء عقيماً”، ما يسبب القلق من تلقي التطعيم. هل هذا القلق مبرر؟ وما مدى تأثير اللقاحات على الخصوبة بالفعل؟
“التطعيم ضد فيروس كورونا يجعلك عقيماً!”، يتم تداول هذه الأقوال وما يشابهها على وسائل التواصل الاجتماعي. منذ شهور قيل في البداية إن على النساء بوجه الخصوص الخشية على قدرتهن الإنجابية، كما تم تقديم “تفسير” بيولوجي أيضاً، وهو أن “الأجسام المضادة التي يتم تكوينها في الجسم بتأثير اللقاح لا تجعل فيروس كورونا غير ضار فحسب، بل تستهدف أيضاً بروتيناً يدخل في تكوين المشيمة في الرحم”.
وبحسب تلك الادعاءات يتم ذلك على النحو التالي: لقاحات “الحمض النووي الريبي المرسال” (mRNA) منشركات بيونتيك- فايزر وموديرنا تحتوي “مخططا”، على شكل “mRNA”، للبروتين السطحي لفيروس كورونا، وهو ما يسمى “بروتين سبايك”. وباتباع تعليمات اللقاح، تنتج بعض الخلايا في الجسم، بحسب الادعاءات، “بروتين سبايك” الذي يحرك استجابة مناعية تؤدي إلى تكوين أجسام مضادة ضد هذا البروتين الفيروسي المعين.
“الادعاءات لا أساس لها على الإطلاق”
ويُزعم أن هذه الأجسام المضادة تعمل ضد بروتين آخر ، وهو “سينسيتين-1″، الذي يشارك في تكوين المشيمة في الرحم وهو ضروري لنجاح الحمل. أما سبب هجوم الجسم المضاد فهو “التشابه الهيكلي بين فيروسي سبايك و سينسيتين-1″، كما يزعم مؤيدو نظرية العقم.
يتكون “بروتين سبايك” لفيروس كورونا من 1273 حمض أميني، أما بروتين “سينسيتين-1” فيتكون من 538 حمض أميني. وقد وجد الباحثون سلسلة من خمسة أحماض أمينية يتشابه فيها البروتينان. لكن هذا التسلسل ليس متطابقاً أيضاً. وهذا كل ما يتعلق بالتشابه بين البروتينين.
لو كان الافتراض القائل بأن الاستجابة المناعية التي يثيرها اللقاح يمكن أن تجعل المرء عقيماً، صحيحاً، فإن “الإصابة بكورونا يجب أن تؤدي أيضاً إلى العقم”، كما يكتب أودو ماركيرت، رئيس مختبر المشيمة في مستشفى جامعة ينا ورئيس الجمعية الأوروبية للمناعة التناسلية، مع زميله إيكيهارد شلويسنر، مدير عيادة الولادة في مستشفى جامعة ينا ونائب رئيس الجمعية الألمانية لطب ما قبل الولادة، في توضيح مشترك. وأضاف الخبيران: “من وجهة نظر أبحاث المشيمة والطب التناسلي، فإن هذه الادعاءات التي تنتشر بشكل واسع لا أساس لها على الإطلاق!” ونصح الطبيبان النساء أن يتلقين التطعيم.
خوف الرجال!
لكن القلق من الادعاءات التي لا أساس لها والتصريحات الكاذبة لا يقتصر على النساء فحسب، بل يمتد إلى الرجال أيضاً. وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي أخبار عن “الآثار لسلبية للتطعيم على خصوبة الرجال”.
لكنّ دراسة من الولايات المتحدة تذهب في اتجاه آخر، إذ فحص الباحثون الحيوانات المنوية لـ 45 رجلاً، قبل التطعيم بلقاح “mRNA” وبعده، ولم يجدوا أي تأثير سلبي للتطعيم على القدرة الإنجابية للرجال.يقول دانيال ناساو، أخصائي المسالك البولية وأحد مؤلفي الدراسة: “لم نتمكن من العثور في أي من الرجال الذين تم فحصهم على أن التطعيم كان له أي تأثير على الحيوانات المنوية”. إنه متأكد من أن عدداً أكبر من الأشخاص لن يغير هذه النتيجة. في الوقت نفسه، يشير رانجيث راماسامي، أستاذ جراحة المسالك البولية في جامعة ميامي، والذي شارك في الدراسة مع ناساو، إلى خطر الإصابة بكورونا في مقال بعنوان “المحادثة”.
الإصابة أخطر من التطعيم
يقول راماسامي إن اللقاحات المضادة لكورونا ليست سبباً لضعف الانتصاب أو العقم، ويضيف: “الحقيقة هي أن فيروس SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لكوفيد-19، يعرض كلا المرضين لمزيد من الخطر”.
تمكن راماسامي وفريقه من اكتشاف الفيروس في دراسة سابقة في أنسجة الخصية للأشخاص الذين ماتوا بكوفيد-19. وفقاً لراماسامي، لا يمكن للفيروس أن يضعف إنتاج الحيوانات المنوية وخصوبتها فحسب، بل يؤدي أيضاً إلى ضعف الانتصاب.
ومع ذلك، فإن هذه النتائج ليست مفاجئة تماماً، كما يكتب راماسامي. فيمكن أن تسبب فيروسات أخرى، مثل النكاف أو فيروس زيكا، التهاباً في الخصيتين وضعفاً في الخصوبة. يقول ناساو: “يزداد خطر الإصابة بالعقم وضعف الانتصاب كلما زادت حدة العدوى”، لكنه يضيف: “يمكنني أن أنصح بشدة كل رجل بتلقي التطعيم”.
يوليا فيرجين/م.ع.ح
ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW