“إشراق” فرقة “عراقية سورية” في ستوكهولم تُبهر الجمهور في باكورة أعمالها
الكومبس – ثقافة: شهدت العاصمة ستوكهولم، السبت الماضي، حفلاً موسيقيّاً نوعيّاً، لفرقة ” إشراق” الجديدة في باكورة أعمالها التي إنطلقت من قاعة المسرح الوطني في دار الثقافة بستوكهولم KULTURHUST، بمشاركة نخبة من الفنانين العراقيين والسوريين المعروفين، وتحت عنوان: ” إشراق موسيقي على ضفاف دجلة والفرات”.
“مازلنا نغني” رغم البعد عن أهلنا نغني .. رغم الظلام الذي يلف أوطاننا نغني .. رغم الألم الذي يعتصر قلوبنا نغني .. رغم الدمع الذي يتحجر في أجفاننا نغني .. ورغم الحنين إلى مرابع الطفولة والصبا الذي مازال إليها يشدنا نغني.
“مازلنا نغني” رسالة قصيرة واضحت المعاني، بعثتها “فرقة إشراق” الموسيقية من ستوكهولم إلى كافة أنحاء العالم في أول عمل لها معلنة عن ولادة فرقة موسيقية، تعتمد الكلمة الرصينة والنغم الأصيل والصوت الجميل، وتعنى بالتراث الموسيقي والغنائي في العراق وسوريا.
وقفت السيدة (سيسيليا “Cecilia Hörnell-sunar”) رئيسة “RE:ORIENT” الراعي الرسمي لهذه الفرقة الفتية، وقفت بزهو على المسرح أمام جمهور عربي سويدي ومن جاليات أخرى، غصت به القاعة التي تحتوي على مئتي مقعد فقط، الأمر الذي دعى إدارة الحفل للإعتذار إلى أكثر من مائة شخص أخرين عن الدخول.
وبكلمة قصيرة رحبت فيها السيدة (سيسيليا هورنيل – سونار) بالحضور وأعلنت عن بدء الإحتفال وعرفت بأعضاء (فرقة إشراق) بقيادة المايسترو (موسى إلياس) وأشارت إلى أن بعض الموسيقيين سبق وأن عزف مع السيدة فيروز والفنان مارسيل خليفة، والبعض الآخر عزف مع الفنان نصير شمة والفنان كاظم الساهر، وتمنت للجميع أمسية سعيدة.
بعد إستقبالها بحفاوة من الحضور وسط عاصفة من التصفيق، إستهلت (فرقة إشراق) برنامجها بعزف (سماعي كرد) للمؤلف الموسيقي السوري وانيس وارطانيان، بعدها قدمت الفنانتين: (إيلونا دنحو ولبنى العاني) توليفة غنائية من مقام (العجم) لإغنيتين (سورية وعراقية) وهي: (عالمايا عالمايا وطالعة من بيت أبوها).
ثم قدمتا على مدى ساعة ونصف الساعة بالتتابع، أغان تراثية منفردة بألوان بلديهما (العراق وسوريا)، لمطربين مبدعين طبع أغلب تراث الشرق الغنائي بأسمائهم، وما زالت الأجيال تردد هذه الأغاني ومنها: (على شواطي دجلة مر / أيها الساقي / أم العباية / زارني المحبوب / ياهل الخلك / بكتب إسمك يابلادي / هاليلة حلوة / يارب / طولي ياليلة / وعاليانا / يأم العيون السود / يامسعدك صبحصية / كم ياردلي / نسم علينا الهوى / عمي يا بياع الورد / يلبقلك شك الإلماس).
إختتمت (فرقة إشراق) أمسيتها الموسيقية الرائعة كما بدأتها بتوليفة غنائية مشتركة من مقام (الحجاز)، لإغنيتين (سورية وعراقية) قدمتها الفنانتين: (إيلونا دنحو ولبنا العاني)، وهي: (البلبل ناغ عاغصن الفل وفوك النخل).
فرقة إشراق الموسيقية تتكون من الفنانين: (المايسترو موسى إلياس قائداً للفرقة وعازفاً على ألة العود/ الأستاذ علاء مجيد على آلة الناي/ الفنان أنور عبد داوود على آلة الجوزه والكمان/ الفنان فراس شهرستاني على آلة القانون/ الفنان فرات فاضل حسين على آلة الرق/ الفنانة إيلونا دنحو مغنية/ الفنانة لبنى العاني مغنية/ الفنان مكريان مولود على آلة التشيلو/ الفنان سنان صليوه على آلة الطبلة).
تعريف وآراء: كان بودنا أن نتحدث إلى كافة الفنانين في (فرقة إشراق) الموسيقية، نتعرف عليهم ونستمع إلى آرائهم، لكننا لم نوفق ولم نتمكن من ذلك، بسبب ضيق الوقت لدى البعض منهم وإنشغالات البعض الآخر، فإكتفينا بالحديث مع كل من الفنانين:

المايسترو موسى إلياس
المايسترو موسى إلياس: القادم من منطقة الحسكة في سوريا إلى السويد والمقيم في مدينة ستوكهولم, الذي درس الموسيقى في جونيا الكسليك / لبنان, وفي معهد الموسيقى العربية في القاهرة / مصر, وكذلك في المعهد العالي للموسيقى في دمشق / سوريا, ودرس التأليف الموسيقي عند (هنريك ستريندباري “Henrik Strindberg”) في ستوكهولم / السويد, وهو أستاذ في المعهد الملكي العالي للموسيقى في ستوكهولم, ولديه مجموعة موسيقة سويدية يقدم من خلالها أعماله الموسيقية الخاصة.
وعن فكرة إنشاء (فرقة إشراق) الموسيقية, يقول المايسترو موسى إلياس: “إن فكرة تشكل هذه الفرقة جاءت من “RE:ORIENT”, التي تهتم بالثقافة العربية وثقافات الجاليات الأخرى, وأخترنا سوية أسم الفرقة ومازلنا نغني”.
وحول رسالة الفرقة قال إلياس: “نحن موجودون ضد الإرهاب والتطرف وقوى الشر والظلام, وبغنائنا نفتح نافذة للجمال والحب والسلام, وسنستمر في الغناء لنسمع صوتنا إلى العالم أجمع, فليس لدينا غير موسيقانا, وأعتقد أن هذا ليس بالقليل”.
ويضيف إلياس: “أنا المسؤول عن تنفيذ هذا المشروع, وإختيار الأغاني التراثية وإعداد التوليفات الغنائية, وبإمكان أي فنان في الفرقة أن يقوم بهذا العمل, لكن هذه كانت وظيفتي بصفتي قائداً للفرقة, نحن نحاول إحياء التراث في سوريا والعراق, ونقدم موسيقى شعبية متطورة, والجمهور كان مستمعاً جيداً, وكان جميلاً ومتفاعلاً معنا, وشاركنا في أداء بعض الأغاني والموشحات, وهذا هو هدفنا”. ويضيف أيضاَ: “لدينا أفكار وطموحات وأحلام كثيرة, ونسعى للإنفتاح على موسيقيين عرب وإضافة صوت رجالي إلى أصوات الفنانتين (لبنا وإيلونا), ونتمنى الدعم من الآخرين إضافة إلى الدعم المقدم من “RE:ORIENT”.
وعما إذا كان راضياً عن هذا الحفل, قال المايسترو موسى إلياس: “لا يوجد فنان يرضى عن عمله أبداً, وفي كل مرة يتم البحث فيها عن الأفضل, ولكنني في هذه الأمسية سعيد جداً, وأود في هذه المناسبة أن أشكر جميع الفنانين في الفرقة فقد كانوا رائعين, وخصوصاً الأستاذ علاء مجيد فهو أخاً كبيراً وفناناً قديراً, ولابد من القول هنا شكراً “RE:ORIENT”. شكراً السويد”, (TACK RE:ORIENT TACK SVERIGE), والشكر موصول لكم طبعاً.
المايسترو علاء مجيد
علاء مجيد: درس الموسيقى وحصل على شهادة الدبلوم والبكلوريوس من معهد الدراسات الموسيقية ومن كلية الفنون الجميلة في بغداد, أختصاص موسيقي في آلة الناي والتراث العراقي, كان مدرساً لألة الناي والصولفيج لمدة (18) عاماً في معهد الدراسات الموسيقية, وعمل في ذات الوقت في فرقة التراث بصحبة الفنان منير بشير, قام بقيادة الفرقة الموسيقية لبرنامج نجم الخليج لدورتين متتاليتين في تلفزيون دبي, وقام بقيادة الفرقة الموسيقية لأبرز المطربين العراقين والعرب أمثال: (كاظم الساهر, سعدون جابر, محمد عبده, لطفي بوشناق, أصاله نصري, أبو بكر سالم وعبدالله روشيد), يشرف ويقود فرقة طيور دجلة في ستوكهولم, المعروفة عربياً وعالمياً.
وحول فرقة إشراق والأمسية الموسيقية وآفاق تطور الفرقة يقول الأستاذ علاء مجيد: “كانت الفكرة هي إقامة حفل فني تضامني حول الأحداث في سوريا والعراق, وهي بمثابة رسالة واضحت ضد الإرهاب, والمبادرة كانت من المايسترو موسى إلياس, وتم إخيار أسم الفرقة”. ويضيف مجيد: “أعتقد أن نغني تراث عراقي سوري وسط إعجاب الناس وإهتمامه, هو نجاح بحد ذاته, وهو مطلوب ومرغوب من قبل الجمهور والأجيال القادمة”.
ويرى الأستاذ علاء مجيد: “أن النجاح الباهر الذي حققته الفرقة والتفاعل الجماهيري اللافت معنا, يحتم علينا أن نقدم دائماً الأفضل, ويدعونا للتفكير جدياً بالإنفتاح على الفنانين الأخرين, وهناك الكثير من الموسيقيين العرب في ستوكهولم, وأنا مسرور جداً لهذا النجاح خصوصاً وأننا سنقدم حفلات مشابهة في مدن سويدية أخرى.
المطربة إيلونا دنحو
المطربة إيلونا دنحو: فنانة سورية تقيم في ستوكهولم وهي من مواليد القامشلي, درست الموسيقى في بلجيكا وتخصصت في الإيقاع الكلاسيكي وكانت ضمن الأوكسترا البلجيكية, تحب الغناء وهي مطربة شرقية وتغني الأن مع (فرقة إشراق) الموسيقية.
تحدثت الفنانة إيلونا دنهو عن تجربتها مع الفرقة وما هي الفائدة المرجوة منها وما تطمح إليه مستقبلاً قائلة: “منذ سنة تقريباً أعمل مع المايسترو موسى إلياس “عازف العود” ومجموعة من الفنانين السوريين في مجال الموسيقى والغناء, وعندما جاءت فكرة (فرقة إشراق) رحبت بها بقوة, لأنها فرقة مختلطة بين الفنانين السوريين والعراقيين, وبالتأكيد ستضيف لي الكثير في مجال عملي الموسيقي, لأن هذا المشروع المشترك سيغني ثقافتي الموسيقية السورية من خلال التمازج مع ثقافة الموسيقى العراقية, وهي تجربة جديرة بالإهتمام وجديدة عليّ كلياً, ولأول مرة أقوم بها, وأنا سعيدة فيها جداً”.

المطربة لبنى العاني
المطربة لبنى العاني: فنانة عراقية من بغداد تهوى الموسيقى الكلاسيكية وكان والدها مدرساً للموسيقى, درست في مدرسة الموسيقى والباليه في بغداد, كما درست الإنتاج الموسيقي في السويد, وهي عازفة كمان, وكانت ضمن فرقة الإنشاد في الإذاعة والتلفزيون العراقي, وضمن الكورال الإذاعي مع الفنانة غادة سالم, شاركت في الكثير من المهرجانات داخل العراق وخارجه, وأحيت العديد من الحفلات للجاليات العربية في بلدان مختلفة, كما شاركت سابقاً في فرقة طيور دجلة, وكذلك في فرقة فلامنكو أورينت, التي تقدم موسيقى وأغاني راقصة بعنوان “أنبياء دون رب”, وشاركت مع الفنان نصير شمه في شهريار وقامت بدور شهرزاد.
وعن مشاركتها وطموحاتها في (فرقة إشراق) قالت العاني: “قدم لي المايسترو موسى إلياس دعوة إلى إجتماع في “RE:ORIENT”. وبعد الإطلاع على فكرة قيام هذه الفرقة رحبت بالإنضمام إليها وهكذا كان, تعرفت على باقي أعضاء الفرقة وفرحت بهم وأنهم جميعاً محترفين وأستاذة وأكن لهم كل الإحترام, أتمنى أن تستمر هذه الفرقة بنشاطاتها وأن تتطور وتضاف لها آلات موسيقية أخرى مثل: البيانو, السنطور, الكمنجات وغيرها, إضافة إلى أصوات رجالية”.
إطلعنا على آراء بعض الفنانين من (فرقة إشراق) الموسيقية, وأستمعنا إلى آراء عدد من جمهور الحاضرين داخل القاعة وخارجها, فكان الإجماع على أن ما قدمته الفرقة ليل السبت كان رائعاً. بل أن كلمة رائع أقل ما يمكن قوله عن الأداء المتميز عزفاً وغناء. يضاف إلى ذلك روعة الجمهور الذي تفاعل مع الفرقة, والذي راح البعض منهم مستغلاً أضواء القاعة الخافتة, يجرب صوته ويتمايل طرباً على أنغام دجلة والفرات في ستوكهولم. وكما استقبل الجمهور (فرقة إشراق) الموسيقية, وداعها بالحب والشكر والإمتنان, بدموع وهلاهل وفرح, وأمل بشمس لابد وأن تشرق في سماء سوريا والعراق.
محمد المنصور – خاص بالكومبس
تصوير: حسين جيكور