الحدث الثقافي الأكثر جدلا: بانكسي اشهر رسامي الشوارع في العالم ليس موضع ترحيب في ستوكهولم
الكومبس – ثقافة : بانكسي، ربما هو الفنان الأكثر غموضا وشهرة في العالم . وربما هو الأغلى ثمنا لمبيعات لوحاته اذ تقدر رسومه الغرافيتيه على حيطان شوارع المدن الكبرى بملايين الدولارات لمالكي تلك الحيطان. وربما هو الوحيد الذي لايمكن لأحد ان يجد له صوره شخصية واحدة لا على الشبكة العنكبوتية ولا في ارشيف الصحف العالمية. وحتى في جولاته فأن جهات عديدة منظمة لعروضه تتكتم على حركته ووصوله او مغادرته كما حصل مع وصوله الى ستوكهولم يوم 18 اذار 2014 ليعرض اعماله ظهيرة اليوم السبت 22 اذار 2014 على بعض حيطان العاصمة السويدية التي اجازت بلدية العاصمة الرسم عليها.
ربما لايعرف الكثيرون ان مدنا مثل هلسنكي وأوسلو وكوبنهاجن وبرلين ولندن هي بعض المدن في العالم التي يسمح فيها الرسم الغرافيتي على الحيطان، بينما تقوم حملات مضاده في الكثير من المدن حيث يعتبر البعض ان الغرافيتي فن يلوث منظر الشوارع ولا يجمّلها.
ومنذ عام 2007 والحكومة السويدية ومجلس مدينة ستوكهولم وبعض بلديات الأقاليم تنظم حملات قانونية تشارك فيها الشرطة لملاحقة رسامي الشوارع ويعتبر كل من يمسك وفي حقيبته بضعة بخاخات الوان متهما بالجرم المشهود، بل ان العقوبات التي فرضتها بعض دوائر الشرطة تشمل ان يتحمل الأهل وذوي الرسام الشاب غرامة مالية كما خصصت بعض البلديات مبالغ طائلة لتنظيف حيطان المدن من الرسوم والكتابات وتتكلف دائرة السكك الحديد ملايين الكرونات سنويا لتنظيف قطاراتها من تلك الرسوم التي يتسلل رسامو الغرافيتي لرسمها على عربات القطارات الكثيرة.
وفي هذا الجو السويدي المشحون بالإختلاف يصل بانكسي ليثير موجة من الجدل والسخط بين مؤيد ومعارض في الدوائر والصحف وفي تغريدات تويتر لمئات السويديين، ولذلك يبدو للوهلة الأولى انه فنان غير مرغوب فيه عكس ماكان قد عرفته رحلاته الى اليابان واستراليا وامريكا .. وبعض دول اوربا.
البعض يقترح ان يكتفي بالعرض على جدران القاعة التي خصصت لأعماله الغرافيتية في شارع هوديغسفال غاتان بالعاصمة ستوكهولم. بل ان ماتس بيرغلوند عضو مجلس مدينة ستوكهولم عن حزب الخضر ورئيس اللجنة الثقافية في الحزب اكد انه من المستغرب في بلد ديموقراطي كالسويد ان يمنع فن الشوارع وبخاصة ان فنانا عالميا مثل بانكسي يمثل وجوده حدثا فنيا في تاريخ بلادنا السويد التي ترعى الفنون منذ قرون انه نوع من الحد من حرية التعبير بحسب بيرغلوند.
يذكر ان بانكسي هو واحد من ثلاثة رسامين عالميين استطاعوا ان يكسبو الأحترام والأعتراف بفن الشوارع في العالم. وبالرغم من ان بعض البلديات مثل بلدية نيشوبنغ وفاربيري واوربرو قد اشترت اعمالا نفذتها الفنانة السويدية كارولينا فالكهولت – 1977 على بعض الشوارع المنتخبة لتلك المدن الا ان موجه عارمة من الرفض تتصدى لشرعنة هذا الفن او للسماح للبريطاني الزائر بانكسي ان يعرض لوحاته حيث يشاء .
ان بعض السياسيين السويديين يخشون من سوء فهم اتاحة الفرصة لبانكسي ليرسم حيث يشاء بل ذهب البعض الى الخشية من ان يظن الكثير من الشباب من هواة فن الغرافيتي ان الدولة ستتخلى عن قراراتها السابقة وحملاتها وملاحقاتها لمن يسيء لمشهد الحيطان والشوارع في المدن السويدية .
البعض يرى انها سياسة تمثل عدم التسامح في الممارسة العملية لمنع فن الشوارع حيث وضعت حدا لعدة مشاريع فنية كان متحف مدينة ستوكهولم سابقا اراد تنظيمها كجولات فنية في بعض الشوارع مع طلاب المدارس الشباب والهواة الراغبين بتنفيذ لوحاتهم وبلغ حد المنع درجة ان الحملات المضاده اغلقت ورش العمل الخاصة بهؤلاء.
وقد بلغت حدة النقد لسياسة مدينة ستوكهولم ضد الرسم الغرافيتي والكتابة على الجدران كشكل فني ان اصبح موضوعا لشكاوى عديدة إلى أمين مظالم الشؤون القضائية (Justitieombudsmannen – JO)وصرح المكتب في وقت سابق من هذا العام ان مدينة ستوكهولم انتهكت الدستور في عام 2011 في اكثر من مناسبة، ضد هذا الفن او ضد استخدام الحيطان لأغراض الدعاية او اي نوع من الكتابة الملونة.
الغالبية في ستوكهولم ينشرون وجهات نظر مضادة حول الثقافة التي تمنع بدلا من ان تشجع حرية التعبير عبر فن الرسم على الجدران وتعتبره شكل من أشكال الفن الحضري المتاح كثقافة حرة ليراها الجميع، ويريد حزب الخضر أن يكون لهذه المدينة خصوصيتها حيث يتم تشجيع الفنانين الشباب وتمكينهم من ممارسة فنهم بحرية. نحن نريد وضع حد لسياسة عدم التسامح وخلق فرص الرسم على الجدران في عدة مواقع مختلفة في المدينة.
ويؤكد مصدر مجهول ان زيارة بانكسي تثير اهتمام اكثر من الف رسام من رسامي الشوارع في ستوكهولم والعواصم المحيطة بالسويد مؤكدا ان معلومات زيارته صحيحة وانه في كل حال انجز كل الأعمال التي سيتم عرضها في Hudiksvallsgatan.
يؤكد المصدر المجهول: أعرف أن ذلك سيحدث وهو امر مفروغ منه ولكن لا أستطيع أن أقول أي شيء اخر وسوف يعرض بانكسي في ستوكهولم ؟
ويكمل قائلا : وفي المستقبل آمل ان يكون ماتقوله ستوكهولم ؛ نرحب بك يا بانكسي . هذا وتتميز اعمال بانكسي بروح النقد والكوميديا السوداء واثارة الموضوعات والمواقف الحيوية ازاء السياسة والعمل وحياة المجموعات السكانية والمجتمع.
وقد كثرت التغريدات والتعليقات في مواقع تويتر والصحف الوطنية السويدية والمواقع الثقافية ولكن بانكسي يعرض اعماله كفرصة تاريخية للمهتمين وسط تقاطع وجهات النظر ازاء فن الغرافيتي او فن الشوارع .. ولكن الجملة الوحيدة التي نقلت عن بانكسي قوله : انه ناشط يناويء كل الأصنام السياسة والثقافية والأجتماعية لذلك يرسل رسالته على حيطان مدن العالم.
فاروق سلوم