الكومبس -ثقافة: في مدينة العمارة الواقعة جنوب العراق ولد بداية ستينيات القرن الماضي في بيت كانت اركانه تغص بالكتب، وبين اسرة مهتمة بالأدب ساعدته على صقل موهبته الشعرية.
اما مكتبة المدينة التي كانت تضم أكثر من ثلاثين ألف كتاب فقد اختصرت له الكثير من الطرق للتعرف على ثقافات ونتاجات ادبية متنوعة.
حسن الخرساني شاعر عراقي في رصيده الشعري ثماني دواوين شعرية وأكثر من جائزة حاز عليها في دول مختلفة، يشرف الان على جمعية ثقافية في مدينة مالمو سعيا منه لتقريب الثقافتين العربية والسويدية من خلال اقامة النشاطات المدنية وكذلك ترجمة الاعمال الادبية.
“الكومبس” حاورته للحديث معه حول تجربته الشعرية واسهاماته الثقافية في السويد، فكان هذا اللقاء:
كيف كان بداياتك مع الادب والشعر وهل المدينة التي نشأت فيها اثرت في بداية مشوارك؟
لاشك أن الأسرة لها دور كبير في بلورة أي أديب في العالم، وبما أنّ أسرتي كانت من الذين لهم اهتمام كبير في الثقافة عموما والأدب خاصة فقد نشأتُ في هذا الفضاء المشبع بهذهِ الأجواء الثقافية، فأبي رحمه الله كانَ مُلما بالشعر ومنظما لهُ في اللهجة العراقية العامة وكذلك في اللغة الفصحى، وأخوتي كذلك ، لهذا نهلتُ من معين أنهارهم أولاً، وثانيا لعبتْ المدينة دورا بارزا في بناء ثقافتي، فأنا من مدينة سومرية الروح والجسد، من مدينة العمارة جنوب بغداد.
بأي الكُتاب تأثرت؟ ومن اضاف لتجربتك الشعرية عبر القراءات؟
في البداية كنتُ محبا للكتب التي تتسم بالطابعين الديني والتصوفي ، وأنا عاشقٌ كبيرٌ للغة القرآن التي هي بالتأكيد المعين الثاني للغة العربية بعد اللغة الجاهلية والتي كانت قبل ظهور الإسلام بـ 150 سنة تقريبا، وكُتبتْ من خلالها المعلقات السبعة، ويقال بأنها عشرة، المهم قرأت تلك المعلقات جميعها وبعض الذين قاموا بتحقيقها وتفسيرها، ومن ثم قرأت الأدب الإسلامي والأموي والعباسي في العصر الحديث، كنتُ شغوفا جدا بالقراءة، أحببتُ شعراء المعلقات والمتصوفين منهم الحلاج وأبن الفارض، كما أحببتُ المتنبي وأبي فراس الحمداني ، والمجانين، مجنون ليلى قيس بن الملوح ومجنون لبنى قيس بن ذريح ، وأبي نواس، والكثير، كما أحببتُ السياب ودرويش والجواهري، والكثير، كلهم هؤلاء كان لهم الفضل في بناء ذائقتي الشعرية.
هل اضافت لك الغربة شيء لنتاجك الادبي والشعري؟ ام اثرت سلبا؟
– بالتأكيد لعبت الغربة دورا بارزا في توهج المنظومة الأدبية التي أحملها، وذلك من خلال العلاقات الإنسانية المعاشة مع الشعوب المختلفة التي زرتها وبقيتُ معها خلال رحلتي من العراق من عام 1994 حيث تركتُ وطني بسبب الدكتاتورية وعشت في مدن كثيرة منها الأردن وليبيا حيث عملتُ هناك مدرسا للغة العربية من عام 1995 حتى عام 2000 م ، وزرت تونس وسوريا وبعض الدول الأوربية منها بريطانيا والدنمارك، والاستقرار النهائي في السويد، كل هذه الشعوب أضافت لي الكثير من خلال العلاقات الإنسانية أولا ومن خلال الاطلاع على أدبهم المترجم طبعا، الأدب السويدي فقط أطلعتُ عليه من خلال القراءة باللغة الأم لمعرفتي باللغة ولو بالقليل، وكذلك الأدب المترجم .المهم كما قلت أضافت لي الكثير تلك الغربة، لكنّها سرقتْ مني الوطنَ ، وأبي وأمي واثنين من أخوتي وأقاربي ، الكثير رحلوا إلى خالقهم ولم أرَهم ، كما سرقتْ الغربةُ مني الأصدقاء والفراتين والنخيل.
كيف تقيم الحركة الثقافية العربية في جنوب السويد وماذا ينقصها؟
الحقيقة لا يمكن أن أُقيم الثقافة العربية في جنوب السويد لعدم وجود حلقات متواصلة مع الأدباء والمثقفين بصورة مباشرة إلّا في بعض الحفلات التي تقيمها منظمات المجتمع المدني، وهذا غير كاف للتقييم، بالإضافة إلى قلة المصادر التي نروم الحصول عليها، لكن المهم مادام هناك أدباء مخلصون لابّد للحركة الثقافية أن تبقى بخير، انا ارى بأننا نحتاج إلى مؤسسات تحتضن المثقفين وخاصة المبدعين منهم الذين يحصلون على جوائز عالمية وعربية، ومن خلال هذا تقوم تلك المؤسسات بترجمة أعمالهم إلى اللغات الأخرى كي تطلع شعوبها على الأدب العربي وما يحملها من تراث لغةً ومعنى .
هل حاولت ترجمة الشعر من العربية الى السويدية او العكس، لتقريب بين الثقافتين؟
كتبتُ الشعر باللغة السويدية، طبعا بمساعدة معلمتي في القيام بالترجمة الحقيقية للمعنى الذي أُريدُهُ ، ونشرتُ بعض القصائد في جريدة ” trelleborgallehanda ” ، وكذلك كتبتُ نصا شعريا بعنوان مرحبا بك في السويد، سيناريو الأستاذ سمير الرسام وتُرجم للغة السويدية من قبل الأستاذ حميد كشكولي وترجم أيضا للغة الإنجليزية من قبل الأستاذ صباح نوري السامرائي ، وصدر ككتاب عن دار فيشون ميديا، كما صدر لي كتاب باللغة الفرنسية وهو ترجمة مجموعتي الشعرية ( قمر ليس للموت ) الفائزة بالجائزة العالمية جائزة نعمان الثقافية ـ بيروت ـ لبنان عام 2007 وقامت الشاعرة التونسية آسيا السخيري بالترجمة إلى اللغة الفرنسية، وصدر الكتاب عام 2008 من نفس الدار ـ دار نعمان الثقافية.
كونك رئيس لجمعية ثقافية حدثنا عن ابرز نشاطاتها؟
رغم الظروف الصعبة التي واجهتنا في تكوين منظمتنا (جمعية النخيل) التي خططنا لها كي تكون حلقة تشرق من خلالها الثقافة العربية عموما والعراقية خاصة أمام الثقافة السويدية، إلّا أننا حققنا الكثير، منها على سبيل المثال لا الحصر، إقامة آماسي شعرية لشعراء سويديين وحفل التذكير بشهداء سبايكر ومعرض صور فوتوغرافي ، وحفلات للأطفال ، ونحن مازلنا نجاهد للوصل للكثير من العطاء المستمر، وكي لا يفوتني بأن الجمهور السويدي الذي حضر هذه الفعاليات كان في غاية السعادة لما نقوم به.
كم ديون شعري اصدرت وكم عدد الجوائز التي حصلت عليها؟
اصدرت ثمانية كتب، أحدهم كتاب نقدي، والأخر سيناريو فلم، والبقية شعر، وقد حصلتُ على عدة جوائز عالمية اهمها جائزة نعمان الثقافية، عام 2007، عن ديواني الشعري ـ قمر ليس للموت ـ جائزة الاستحقاق، بالاشتراك مع 473 متسابقا بـ 34 لغة، فازت مجموعتي بالجائزة الأولى.
حاوره: عمار السبع