الكومبس – تونس: " شلاط تونس" هو فيلم تونسي محلي الصنع والجهد والإبداع، من نوع الـ "دوكو- فيكشن" اي " دراما وثائقية”، يروي قصة تونسي اعتاد أن يتجول راكباً دراجته النارية كما في الحكاية التي حصلت قبل 11 عاماً ليقوم بـ"تشليط" " جرح او شطب بالسكين" نساءٍ عابرات في شوارع المدينة ويقوم بجرحهن على ظهورهن بحجة انهن سافرات !! ثمّ يفرّ هارباً بدراجته.
يذكر ان الفلم يستند الى حدث حقيقي حيث تم التعتيم الإعلامي خلال حكم بن علي سابقا عن الحدث، حتى أخذت هذه القصة منحى الأسطورة المحلية التي لا يمكن التحقق من مدى دقتها كما تقول مخرجة الفلم كوثر بن هنية، وتكمل القول: " ليس من السهل اليوم فتح تحقيق بشأن تلك الحكاية الموجهة ضد النساء بعد مضي كل هذا الوقت، لكن يإمكاننا أن ننتج شريطاً سينمائياً، يبحث في أبعاد القصة وتأثيرها على المجتمع التونسي ".
وقد عرفت المخرجة كوثر بن هنية كيف تصنع فيلماً لأبناء بلدها، حين خاضت في موضوع يثير أسئلتهم حول حرية المرأة وحقوقها في الحياة في ظل صراع سياسي وجدل اجتماعي حول الماضي والحاضر والمستقبل. وفي الفلم حكاية مهمة ووثائق وافكار تقال مثلما هناك من الشخصيات النسوية القوية والواعية في الشريط لتدافع عن وجودها.
في الفلم تظهر شخصية "من يُفترض أنّه الشلاط" الذي يجرح النساء العابرات، حيث يبدو لنا بشكل عام شخصاً من عامة الشعب او ذلك الصديق ذو المروءة الذي سيحميك بجسده وقت المعركة. ولكننا في سياق الفلم لا نجد فكرة معاكسة حقيقية لشخصه. وباستثناء سؤالين حول علاقاته القديمة ومفهومه للحب، فإنّ المخرجة لا تخوض بشكل جدي في التركيبة بالغة التشويه لهذا الشخص، وروح الجرم التي أوصلته إلى جرح أرداف النساء والفرار.
في بداية الأمر تبدو الطريقة التي تعاملت بها المخرجة بن هنية مع هذه الأمور بحرية وفي فضاء من التحرر وكأننا في مجتمع مثالي. فتراها احيانا تنقل كل حوارات سجلتها الكاميرا ولكنها تسمح للصمت أن يجيب في أمور مفهومة لنا ضمناً ان لارد سيروي المأساة .
ولكن في ظل وجود كم كبير من رواد الفيلم والمتلقين عامة من الذين يعتبرون ان المرأة لاتمتلك الحق بان ترتدي ما يحلو لها ويظنون ان ذلك هو حوار شرعي يفهمون ان صمت الفلم والمخرجة هو اختصار موافقة اغلبية الوجوه والأصوات التي تحدثت في الفيلم والتي لاتجيز للمرأة ان ترتدي ماتشاء وان مامسموح لها بأرتدائه هو الحجاب والنقاب الشرعيين فقط.
لكن المخرجة نجحت في ان تضع التيارين المتنافرين معا وبخاصة اؤلئك الذين الذين يدعون الى منح المرأة في البلاد العربية الحرية المطلقة مقابل المتطرفين والرافضين.
المخرجة كوثر بن هنية فنانة ذات مهنية عالية، وحس درامي مرهف، وقدرتها على توجيه الممثلين مثيرة للاعجاب. كما يجذبك الفيلم "شلاط تونس" بقصته وأسلوبه منذ المشهد الأول حتى الأخير.
بهذا الفيلم وفيلمها السابق " يد اللوح" تضع المخرجة كوثر بن هنية اسمها بجدارة في قائمة المخرجين العرب المميزين.