محمد شرقاوي: طفولة تكثّف دهشات اللون

: 5/7/14, 3:04 PM
Updated: 5/7/14, 3:04 PM
محمد شرقاوي: طفولة تكثّف دهشات اللون

الكومبس – ثقافة: كمن يبحث عن سعادات بسيطة، يجرب محمد شرقاوي يده الحرة ورأسه الذي في الهواء ليبتكر لنا مخلوقاتنا الطيبة، وهو بألوانه التي لا يخالطها الكثير من اشتقاقات الدرجة اللونية يعطي رسومه التشخيصية دلالات ومعنى، وحيداً في غابتنا الموحشة اليوم يؤنسنُ طبائعنا في الرسوم .

الكومبس – ثقافة: كمن يبحث عن سعادات بسيطة، يجرب محمد شرقاوي يده الحرة ورأسه الذي في الهواء ليبتكر لنا مخلوقاتنا الطيبة، وهو بألوانه التي لا يخالطها الكثير من اشتقاقات الدرجة اللونية يعطي رسومه التشخيصية دلالات ومعنى، وحيداً في غابتنا الموحشة اليوم يؤنسنُ طبائعنا في الرسوم .

إن ميله إلى الرسم التشخيصي هو بحث في البعد الإنساني والروحي والنفسي، وكأنه يبتكر حياة في حدود لوحته، إنه يشحن رسومه بدينامية الكشف عن الحركة والضوء أكثر مما يبحث عن السكوت والثبات، رجل يجافي كل جماد لذلك ببساطة نظرته يخلق بيديه ما يطمئننا ولا يصدمنا بل يؤثر في سيرتنا البصرية.

أفكر هل يتعمد محمد شرقاوي إسعادنا أم انه يربكنا وسط حكمة مرئياتنا وملموساتنا ونتاج حواسنا الأخرى، هل يخطط ليربك كل تلك الرصانة في مفهوماتنا وحواسنا ليعلمنا أن الإبداع هو لعب نظيف.

إنه فنان يرفض كل مسمى لذلك يعبر بحريته عن ما يراه راسخاً في اعماقه، أو مخزون في ذاكرته، وكأنه يفتت الأشكال ويعيد حبكة ظهورها ثانية في قياسات مختلفة وألوان وانعكاسات وبيئات أخرى غير التي ألفنا فيها تلك الأشكال التي يشخصها في الرسم.

محمد شرقاوي لم يرسم تحت لافتة المسميات، او الأجيال، او الأساليب، لذلك اجترح حريته قبل الأسلوب وتداعت لديه إرادة الرسام بكل فطرة الكاشف المتأمل الصبور ليصل الى منجزه المرسوم.

ان لوحاته تشي برغبته في ان يكون خارج كل قيد وكل مسمى، انه مزيج من تلك الروح البرية وهي تثير لدى ذاكرتنا البصرية عصفاً مختلفاً من نقاء الألوان وتعدد زوايا النظر الى الأشكال والصور والأشياء.

أتساءل هل يعرف محمد شرقاوي أنه بدد كل الحدود الأسلوبية ليبتكر أسلوباً يتقدم مشهد اللوحات بالتعددية وبالتنوع وبالإضافة وكأنه ينجز مشروعاً معرفيا وليس لوحةً.

الحق ان الرسام هنا يغامر بما لديه وبما لدينا من رؤى وحدود معرفة وقياسات ونظر ليعلمنا ان المغامرة الجيدة هي المغامرة الوجدانية بكل تلك البساطة وكل ذلك التعقيد الذي يحتل سطح اللوحة البيضاء قبل ان تحمل اية اشارة او لون، وأرى ان روح الرسام عند محمد شرقاوي خرجت من إطار الفوتوغرافية الى نمط من تفتيت الكمال نحو كشف كل غموض وكل ثراء ينطوي عليه الجزئي وهوس وجود الأشكال والأشخاص .

انه في الخصوصية والسرّانية والأستقلال يعطي اعماله الفنية روح المغامرة دون الأكتراث بالنتائج المدروسة او المحكمة في النجاح او الفشل بل انه يراهن على الأنجاز في التشخيصية المتنوعة وفي التقنية الصافية وفي الأسلوب الحر المفتوح دون قيود مدرسية او نقدية مسبقة وكأنه ينفي كل تلك المسميات الى قاعات الدرس وحوارات النقاد والأكاديميين والطلبة …

إنه يختزل موجودات المحيط بتلقائية تسمح بأنماط من التحوير والأرتجال بغية اغناء المعنى الروحي للمسة رسام حر يقرر ان الصفاء هو طريق الوانه وموتيفاته والأشكال التي يشخصها او يرمّزها او يحورها في اللوحة ..

اتأمل لوحات محمد شرقاوي واتلقى منه تلك المقترحات التي يضيفها على مرسوماته من اشكال وحالات وزوايا نظر.

م 2.jpg

الرسام ليس الذي تخلق فنه القاعات والمتاحف بل الفنان هو الذي يخلق شكلا مضافا للمعهود من الأشكال وكأنه يفسر الحياة ثانية في لمسة تشخيصية حرة خلال رحلة الكشف عن الحقائق المرة !!

البديهة ، التلقائية ، الروحية ، البدائية والصفاء عناصر اساسية في فن محمد شرقاوي ونحن ازاء فنان يكسر رتابة مرئياتناويحيلنا الى منطقة اللاشعور وكأنه يبتكر اساطيره الحرة مطلقا ايانانحو فضاء الحرية ونحن ازاء لوحته لنسهم في صياغة الحدث ونضفي خيالاتنا على اساطيره واشكاله والوانه وتفجراته الداخلية .

النشوة التي تضفيها على خيالاتنا لوحات الفنان محمد الشرقاوي هي فتنة دهشات متعاقبة ونحن نلاحق هوس الحركة والشكل واللون في بيئةمن المخلوقات التي اختصر بها الرسام الأحلام والرؤى كأستعارات تكثف ذائقتنا الفنية وتثري ذاكرتنا البصرية.

محمد شرقاوي فنان مصري مقيم في البحرين، قام بعمل العديد من الورش في صناعة الأفلام الكارتونية القصيرة، له مشاركات محلية ودولية.

فاروق سلوم

farouq@alkompis.com

محمد شرقاوي لوحات الشارع

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.