ندوة في ستوكهولم للتبرع بكتب من أجل إعادة الحياة إلى جامعة الموصل
الكومبس – جاليات: عقدت جمعية بابلون للثقافة والفنون بالتنسيق مع الجمعية المندائية في ستوكهولم، ندوة ثقافية حول إعادة الحياة لمكتبة جامعة الموصل، مساء الجمعة (27 / 1 / 2017)، حضرها طيف واسع من بنات وأبناء الجالية العراقية في السويد، جلهم من الكتاب والأدباء والفنانين ومن المهتمين بالشأن الثقافي، وكان بينهم سفير جمهورية العراق في السويد (بكر فتاح حسين) وعدد من طاقم السفارة، قدمت السيدة زينب مسلم بعض فقرات الندوة وقرأت على الحاضرين كلمة حسين محمد عجيل صاحب المبادرة في العراق تحت عنوان: (من أجل إعادة الحياة إلى جامعة الموصل تبرع بكتاب).
السفير العراقي في السويد:مكتبة الموصل كانت تضم عشرات الآلاف من الكتب القيمة
سفير جمهورية العراق في السويد بكر فتاح حسين، تحدث عن جرائم عصابات داعش السوداء، وقيامها بتدمير الكثير من المعالم الأثرية التي تزخر بها الموصل على مدى التاريخ، ومنها جامعة الموصل ومكتبتها الغنية، التي كانت تحتوي على عشرات الآلاف من الكتب والأبحاث الرصينة.
وأوضح أن هذه الأفعال الإجرامية بحق التراث البشري العالمي، تمثل دليلاً لا يدحض على مدى همجية هذه العصابات الظلامية، وخطورتها على الأمن والسلم العالميين وعلى العلم والبشر، ليس في العراق فحسب، وإنما في المنطقة كلها، بل والعالم أجمع.
وأشاد بالدور الكبير الذي تقوم به القوات الأمنية العراقية في محاربة داعش، وبشر بالنصر القريب على هذه العصابات في الموصل، وأكد على أننا على موعد مع أجراس النصر وهي تدق في كافة أنحاء العراق، وأثنى على هذه الفعالية الموجهة نحو مساهمة الجالية العراقية في التخفيف عن جزء من الدمار الذي أحدثه داعش، من خلال الترويج لإعادة الحياة إلى مكتبة الموصل.
وتمنى لو تمتد الجهود إلى المراكز والمؤسسات الثقافية السويدية وحثها على الاهتمام بالأمر، وتطرق أيضاً إلى متابعة السفارة لمجريات التحقيق في حوادث القتل الأخيرة في جنوب السويد، التي كان من بين ضحاياها عدد من الشباب ذوي الأصول العراقية، وآخرهم كان الشاب أحمد نجم عبيد.
وحث الجهات السويدية على الكشف بسرعة عن الجناة، وتقديمهم إلى العدالة وإنزال القصاص العادل بهم، ودعا إلى مساهمة الجميع يداً بيد في إعادة بناء العراق الحديث، عراق التآخي، المبني على أساس مشاركة أبناء كل القوميات والأديان والطوائف، واحترام الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
الإعلامي سلام قاسم: دعوات للتبرع بالكتب من السويد
رئيس جمعية بابلون للثقافة والفنون الإعلامي سلام قاسم، تحدث عن المبادرة العراقية لإحياء المكتبة المركزية لجامعة الموصل (للتبرع بالكتب والدوريات)، لإعادة الحياة إلى المكتبة المركزية بجامعة الموصل.
وأضاف أن بين كل يوم وآخر تتخلص أحياء جديدة في الموصل من أدران مسوخ داعش، بفيض محبة أبناء العراق لوطنهم، ووقفتهم الباهرة لنصرة أهلهم فيها، والعراقيون اليوم كلّهم بانتظار البشرى باقتحام الجانب الأيمن من المدينة، للإجهاز على رأس الأفعى الداعشية فيه، واستكمال تحرير الحدباء.
وأشار إلى أن ما تحتاجه هذه المدينة العريقة من مثقفي البلاد وأدبائها و صحفييها وفنانيها ونخبها، وأكاديمييها وناشطيها المجتمعيين وقفة أخرى، كوقفة شباب العراق الأبطال، لكي تستعيد روحها مجدداً، بعد أن جردها الظلاميين القتلة من مكتباتها ومتاحفها وتماثيلها وصروحها الثقافية ونصبها الفنية ومواقعها الأثرية حرقاً وتجريفاً وتدميراً، كلنا تمزقت قلوبنا كمداً ونحن نرى صورة المكتبة المركزية بجامعة الموصل وقد احترقت بنايتها بالكامل، وتحولت مكتبتها الكبرى وكل محفوظاتها من نوادر الكتب والمطبوعات والدوريات إلى رماد، نحن جميعاً مدعوين إلى تنظيم حملة تبرع بالكتب والدوريات لإعادة الحياة لهذه المكتبة، التي انتهل من خزانات كتبها عشرات الآلاف من الجامعيين من كل محافظات العراق طوال العقود الماضية، ولذلك أدعو كل الصديقات والأصدقاء في السويد، لتكون كل الجمعيات العراقية الناشطة في السويد، مراكز لجمع الكتب والدوريات التي يتبرع بها أعضاؤها وكل من يرغب بتقديم مجموعة من الكتب دعماً لهذه الجامعة العريقة، لتكون نواة لإعادة إحياء هذا الصرح العلمي.
فاضل ناهي السيفي
بحب ورفعة وسمو العراق وبكلمات تبعث على التفاؤل والأمل، رحب رئيس الجمعية المندائية في ستوكهولم فاضل ناهي السيفي بالحاضرين، وأكد على أن لقاء اليوم هو من أجل هدف عظيم، وهو بمثابة لبنة في بناء الوطن.
وأشار إلى أننا نلتقي ونتفاعل ونحث الآخرين من أجل أم الربيعين، تلك المدينة التي مهما تكلمنا عنها لا نفيها حقها، ودعا للمشاركة الواسعة في هذا النشاط لإعادة الحياة لقلب الأدب والثقافة، وهي مكتبة الموصل، وأشار إلى أن الهيئة الإدارية للجمعية، ستتصل بكل الجمعيات المنضوية تحت اتحاد الجمعيات المندائية، لتبني مثل هذا النشاط، وسوف لن تألو جهداً لدعمه وإنجاحه، وأكد أن اليوم نحتفل لإعادة الأدب والثقافة، وغداً وليس ببعيد، سيكون احتفالنا الأكبر بيوم النصر المؤزر.
الكاتب الصحفي حسين محمد عجيل
في هذه اللحظة التي تجتمعون فيها هنا، على مبعدة آلاف الكيلومترات عن بلادكم العريقة، لتتبرعوا بمجاميع عزيزة عليكم من كتبِكم الشخصية للمكتبة المركزية بجامعة الَموصل، في هذه اللحظة ذاتها، يقوم العشرات من أبرز مثقفي البلاد ونخبها، هناكَ، في غالبية المحافظات العراقية، بتنظيم حملات واسعة بينَ أوساط المجتمعِ من البصرة حتى أربيل مروراً بالنجف الأشرف، ومن الرمادي حتى خانقين مروراً بالحبيبة بغداد، للرد الحضاري على هذه الجريمة التي استهدفت مستقبل هذا الوطن، بمحو ذاكرته، وطمسِ معالم العقلانية فيه، ثم لتتسلم اللجان التنسيقية تبرعات العراقيات والعراقيين من الكتب والدورياتِ، لإعادة الحياة إلى هذه المكتبة الكبرى، التي انتهل من خزانات كتبها عشرات الآلاف من الجامعيين، من كل محافظات البلاد طوال العقود الماضية، وبهذا الفعلِ النبيل هنا، ونظيره الخلاقِ هناك، تلتقي ضفتا الوطنِ والغربة عنه، على نحو بليغٍ، لتعطيا صورة العراقي ملامحها الحقيقية، وفاء وانتماء نادراً، وإن نأت به الجغرافيا، إن ما تبدونه من تفاعل مدهش في هذه الحملة مع وطنكم الجريحِ، ومع القضايا الحيوية التي تشغل مواطنيكم في بلادكم الأولى، يحمل أكثر من معنى كبير، ودلالة عميقة على نبل العواطف وصدق الانتماء، وهو رصيد يحق لكم أن تتباهوا به، لأنه يعزز في تجلياته الأخرى، شعور التضامن الوطني، ويكرس في القلوب والضمائرِ وحدة بلادنا المهددة .. دمتم، ودام عِراقنا جميلاً بكم.
الدكتور عقيل الناصري
أما الدكتور الناصري: فكانت مداخلته المكثفة تتمحور حول نشوء الانتلجنسيا العراقية، والتي ربط ظواهرها بالانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي وتكون السوق العراقية الموحدة، كما تطرق إلى بعض المتنورين من المدرسة التقليدية مثل: (النائيني، هبة الدين الشهرستاني، والشيخ أحمد الداوود) وغيرهم، ثم أعقب ذلك بشرح ظهور الانتلجنسيا اللبرالية التي مثلها: (الأب انستاس الكرملي، ويوسف تيسي) ومن ثم عرج على الرواد الأوائل للفكر الماركسي (جماعة حسين الرحال) ومجلتهم ( الصحيفة)، كما توقف عند جماعة الأهالي ومثقفيها، وكذلك على الحلقات الماركسية التي توجت ذاتها بجمعية مكافحة الاستعمار والاستثمار، ومن ثم الحزب الشيوعي العراقي، وتطرق الباحث إلى أهداف الانتلجنسيا وخوضها الصراع الاجتماعي الفكري، الذي تمحور حول الاستقلال وحرية المرأة، وختم مداخلته بتعداد مميزات الانتلجنسيا العراقية، وكيف كابدت وناضلت من أجل تهيئة تربة التغيير الاجتماعي الاقتصادي والسياسي الفكري، وكان المحفز إلى هذه المداخلة، هو ما ارتكبته الدولة الإسلامية (داعش) من تدمير الآثار القديمة، وحرق مكتبة الموصل العريقة، التي يعود تأريخها المعاصر إلى بداية الدولة العراقية المعاصرة (1921)، حيث تبارى أبناء الجالية من أجل رفد مكتبة جامعة الموصل بالكتب.
الكاتب فرات المحسن
ربط المحسن في حديثه عن تدمير مكتبة الموصل، بما تعرض له تأريخ العراق عموماً بعد الاحتلال الأمريكي عام (2003)، الذي دفع الشعب العراقي وليس غيره ثمن إسقاط نظام الطاغية صدام حسين، وقد طال هذا التدمير البشع جميع المتاحف والمدن الأثرية، إضافة إلى سرقة المتحف الوطني ومتحف الفن، وبناء معسكرات الجنود الأمريكان وحلفائهم داخل المواقع الأثرية وخاصة في بابل وذي قار، وكذلك سرقة دار الكتب في بغداد وحرق ما تبقى منها، وهي جريمة أريد منها طمس أي معلم ثقافي حضاري وتأريخي للعراق، ورافق كل ذلك تخريب وتدمير متعمد لمؤسسات ومرافق وبنى الدولة، وما زال هذا التدمير مستمراً، وقد تعرضت المكتبة العامة في الموصل حالها حال مؤسسات الدولة الأخرى إلى عمليات نهب وسلب وحرق، ضاعت معها جهود عقود طويلة بذلها أبناء الموصل، لتكون هذه المكتبة صرحاً من الصروح المهمة التي تفتخر بها المدينة، وقد استطاع بعض أبناء الموصل الكرام من إنقاذ ما استطاعوا إنقاذه، وفي عام (2014) سقطت الموصل بيد أوباش داعش وحلفائها فعملوا على تدمير معالم المدينة الحضارية، وترافق ذلك مع إرهاب فكري تعرض له أهل المدينة، وخربت داعش متحف الموصل والمعالم الأثرية خارجه، وبيوت العبادة مثل: (جامع النبي يونس) واستباح الأوباش أيضاً جامعة الموصل.
أضفت تداخلات الحاضرين النوعية على الندوة وحماستهم لدعم هذه المبادرة، أجواء من العزم والتفاؤل والأمل بالنصر القريب، وكان الشعور السائد لدى الجميع من خلال تداخلاتهم وتفاعلهم مع المبادرة، إن مهمة إعادة الحياة إلى مكتبة جامعة الموصل، هي مهمة ثقافية إنسانية وحملة وطنية يشارك فيها جميع بنات وأبناء العراق، لتثبت لشعوب المنطقة وشعوب العالم أجمع، إن الشعب العراقي بكل أطيافه الثقافية، قادر على إعادة بناء صروح الوطن التنويرية وإغلاق أبواب الشر والظلام.
محمد المنصور
عدسة: باسم ناجي