أزمة أوكرانيا

لاجئو أوكرانيا يتجهون للسوق السوداء بعد رفض عملتهم المحلية

: 4/7/22, 7:21 AM
Updated: 4/7/22, 7:21 AM
السوق السوداء تسعف اللاجئين الأوكرانيين لحل مسكلة السيولة النقدية بعد رفض المصارف تحويل عملتهم المحلية إلى العملات الأخرى
السوق السوداء تسعف اللاجئين الأوكرانيين لحل مسكلة السيولة النقدية بعد رفض المصارف تحويل عملتهم المحلية إلى العملات الأخرى

الكومبس – أوروبية: جلب كثير من اللاجئين الأوكرانيين مدخراتهم معهم، لكن برفض المصارف التعامل مع عملتهم المحلية، يواجهون أزمة كبيرة بسبب نقص السيولة. فيما تبحث الدول الأوروبية عن حل مشترك لهذه المشكلة وتقاسم المخاطر التي قد تترتب على ذلك.

رغم برودة الطقس صباحا في برلين وأبواب المتاجر والمطاعم لا تزال موصدة، كانت يتعين على الأوكرانية لانا بينش الانتظار في هذه الأجواء القاسية من أجل لقاء شخص لم تكن تعرفه من قبل.

لكن يبدو أن للضرورة أحكام، فلم يكن أمامها خيار آخر، إذ كانت ترغب في تحويل قرابة 900 هريفنيا وهي عملة أوكرانيا إلى دولار (31 دولارا أمريكياً)، وكان هذا الرجل ضالتها لأنه سوف يستبدل هذا المبلغ بالدولار.

وما لفت نظر بينش وهي تنتظر الرجل أن واجهات المنازل حولها كانت تتزين بأعلام أوكرانيا، ما يوحي بالتضامن الكبير مع بلدها منذ بدء الغزو الروسي. وفي مقابلة مع DW، قالت إن توجهها إلى السوق السوداء جعلها تشعر بعدم الارتياح، مضيفة “كأني سافرت عبر الزمن إلى ثلاثينات القرن الماضي”.

وعلى وقع الحرب في أوكرانيا وفرار الآلاف إلى البلدان الأوروبية، قامت بينش، التي تعيش في ألمانيا منذ أكثر من عشرين عاماً، باستضافة أسرتين أوكرانيتين في منزلها، وبحوزتهما عملة أوكرانية مثل باقي اللاجئين الأوكرانيين الذين فروا من بلادهم.

ولم يكن لجوء بينش إلى السوق السوداء خياراً، بل كان اضطراراً بعد رفض معظم مصارف الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي تحويل الهريفنيا إلى نقود أوروبية محلية فيما لا تزال النقاشات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي تدور حول إيجاد حل لهذه المعضلة.

لماذا ترفض المصارف الأوروبية عملة أوكرانيا؟

تعود أزمة التعامل مع عملة أوكرانيا إلى بداية الحرب، إذ أقدم البنك الوطني الأوكراني (المصرف المركزي) على تجميد تحويل الهريفنيا إلى النقد الأجنبي لحماية احتياطيات النقد الأجنبية في البلاد؛ ما حد من قدرة المصارف الأوروبية على تحويل عملة أوكرانيا المحلية إلى الدولار أو اليورو.

كذلك فإن تحويل الهريفنيا إلى عملات أوروبية في الوقت الحالي يحمل في طياته مخاطر تكبد خسائر مالية كبيرة. وعن ذلك يقول باوي توكارسكي، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن عملة أوكرانيا هي عملة “دولة تكافح من أجل بقائها. لا نعرف ماذا سيحدث؟ إذا خسرت أوكرانيا، فلن تساوي عملتها شيئاً”.

وبالتالي فإن إمكانية تحويل عملة أوكرانيا إلى عملات أخرى عبر الطرق الرسمية مثل المصارف باتت مهمة شبه مستحيلة. وأكدت بينش ذلك بقولها “عندما وصلت إلى مكتب للصرافة، قرأت لافتة على الباب تفيد بأنه لا يُقبل التعامل بالهريفنيا!”.

تكرار النموذج البولندي

في ظل رفض المصارف والمؤسسات المالية الإقدام على المخاطرة بتداول عملة محلية قد تصبح بلا قيمة في المستقبل، يسعى المسؤولون الأوروبيون للتدخل لإيجاد حل للتعامل مع الهريفنيا وسط ظروف صعبة يعيشها لاجئو أوكرانيا.

وفي مقابلة مع DW، يوضح أندرو كينينغهام، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في كابيتال إيكونوميكس في لندن، بأن الأمر برمته “يتعلق بتقديم الأموال للاجئين. فهي إذن قضية حكومية أكثر من كونها مسألة مصرفية”.

وبعد مرور شهر ونصف على الغزو الروسي لأوكرانيا، اقترحت المفوضية الأوروبية في الوقت الحالي أن تضع الدول الأعضاء خطة تتيح بموجبها لكل لاجئ أوكراني تحويل قرابة عشرة آلاف من عملة البلاد المحلية أي ما يعادل 339 دولاراً أو 310 يورو) بسعر صرف رسمي محدد من قبل البنك المركزي الأوكراني. ويحاكي هذا الاقتراح مبادرة أطلقتها بولندا الشهر الماضي.

وفقاً للخطة الأوروبية، ستقوم المصارف المحلية بتحويل الأموال بعملة أوكرانيا إلى المصارف المركزية لدول أعضاء التكتل الأوروبي بسعر صرف ثابت ومن ثم تسترد هذه البنوك أموالها بالعملات الأوروبية.

حل وهمي

غير أن هذا الاقتراح الأوروبي لم يذكر الجهة التي سوف تتحمل المخاطر الماليةالمتمثلة في تداول عملة متقلبة. وفي حوار مع DW، يقول توكارسكي إن دول الاتحاد الأوروبي سوف تتحمل العبء الأكبر، ويضيف بأن “هذا يعني أن الدول التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين سوف تتحمل مخاطر أكبر”.

ويرى مراقبون أن خطة المفوضية الأوروبية تتغاضى عن المقترحات الأخرى التي طرحها البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، والذي يفضل أن يعمل بمثابة وكيل مالي لبلدان الاتحاد الأوروبي، فيما سيدعم الاتحاد التحويلات من عملة أوكرانيا المحلية عبر توفير ضمان لتغطية أي خسائر محتملة.

وسيكون هذا الدعم إما مقدماً من ميزانية التكتل أو من ميزانية الدول الأعضاء، فيما يرمي الحل المشترك إلى تقاسم هذه المخاطر بالتساوي بين دول الاتحاد الأوروبي.

ويرى توكارسكي أن الاقتراح المقدم من المفوضية لا يحمل أي إصلاح أوروبي، لكنه يعد توصية لتدشين عمل موحد من قبل دول التكتل، ويقول إن “هذا ليس حلاً تضامنياً إنما مجرد علاج وهمي”.

وسيناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي هذا الاقتراح خلال اجتماعهم المقبل في لوكسمبورغ هذا الأسبوع، بيد أن قرار تنفيذ الاقتراح سيكون متروكاً في نهاية المطاف للدول الأعضاء.

وفي ظل استمرار تطلع قرابة أربعة ملايين لاجئ أوكراني إلى حل سريع لمشكلة تحويل عملتهم الوطنية، ترى بينش أن الوقت ليس في صالح من فروا من المعارك في أوكرانيا. إذ “يعتمد هؤلاء على كل يورو يمكنهم الحصول عليه مقابل عملتهم المحلية مع نفاذ نقودهم” وفق ما قالت لــDW.

ماري سينا

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية وDW

More about "أزمة أوكرانيا"

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2023.