دون محاسبة انتهى الأمر بجلسة “تبويس شوارب” لأحزاب “تيدو“
تعاملت الحكومة السويدية مع فضيحة الحسابات الوهمية التي أنتجها مصنع حزب SD التي كشف عنها برنامج TV4 لينال من خصومه وأعدائه بطريقة غير أخلاقية وبعيدة كل البعد عن مبادئ الديمقراطية، وكأنها خيانة للعهود التي اتفقت عليها في “اتفاقية تيدو” الأحزاب الثلاثة الحاكمة والحزب صاحب الفضيحة، حزب SD الذي يساند ويدعم الحكومة في البرلمان شرط أن تنصاع هذه الأحزاب لشروطه.
لم تُبدِ الحكومة أو الأحزاب الثلاثة التي تشكلها، أي اعتراض أو انتقاد واضح على المبدأ، أو على الأسلوب الذي استخدمه الحزب على مدار 12 سنة، حسب تحقيقات جديدة، والذي لا يزال يصر على استخدامه، في تضليل الرأي العام وفي استخدام العرب والناطقين بالعربية كهدف أول له.
وكأن لسان حال الحكومة يقول للحزب: لا بأس عليك في أن تنتج حسابات وهمية وتطلق ذبابك الالكتروني لنشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، لكن لا تقترب منا، لأننا شركاء ونحن حلفاؤك في الحكم.
لذلك وجهت الأحزاب الحكومية، قبل أيام انتقادات شديدة إلى SD خلال اجتماع للبحث في فضيحة الحسابات الوهمية بين سكرتير الحزب ماتياس باكستروم يوهانسون مع ممثلي أحزاب تيدو.
وحسب التلفزيون السويدي فإنه وخلال الاجتماع، قيل إن SD اعتذر عن المواد التي تنتهك ما يسمى بشرط الاحترام في اتفاقية تيدو، لكنه قال في تعليق بعد ذلك إنهم لا يستطيعون الوعد بتغيير أساليب عملهم في المستقبل.
وبكل وضوح قال سكرتير الحزب يوهانسون إن حزب SD لن يغلق أي حسابات، لكن سيتم حذف 45 منشوراً حول أحزاب الحكومة: المحافظين والمسيحيين الديمقراطيين والليبراليين. ومع ذلك لا يزال ديمقراطيو السويد يعتقدون بأن تحقيق قناة TV4 هو “عملية تأثير”.
الأدهى من ذلك أن سكرتيرة حزب رئيس الوزراء (المحافظون) كارين إنستروم وصفت الاجتماع بالصادق والبناء. وقالت “من الجيد أن يأخذ SD على عاتقه الانتقادات ويتخذ الآن إجراءات لتغيير كيفية عمل قسم الاتصالات لديه. لقد قدموا أيضاً اعتذاراً في اجتماعنا”.
حليفة أخرى لجيمي أوكيسون تعرب عن رضاها على الإجراءات التي يتخذها SD بعد فضيحة الحسابات الوهمية التي استخدمها الحزب لمهاجمة خصومه وحلفائه بمن فيهم حزب إيبا بوش نفسه. وقالت بوش إن الإجراءات التي أعلن عنها SD بتدريب موظفيه لاحترام حلفائه “جيدة”، معتبرة أن الحزب أخذ الانتقادات على محمل الجد ووعد بنبرة مختلفة بعد الكشف عن حساباته الوهمية.
انتهى الأمر إذاً باعتذار لأحزاب الحكومة وبوعد بأن يدرّب الحزب موظفيه على احترام حلفائه، ولكن ماذا عن الآخرين المتضررين الذين لا يزال حزب SD يصر على الاستمرار بضررهم ولا يريد الاعتذار منهم أو حتى الكف عن توجيه ذبابه الالكتروني نحوهم؟
هل سنرى مثلا جمعيات أو أحزاباً يمكن أن تُسائل هذا الحزب عن الضرر الذي ألحقه ولا يزال يصر على إلحاقه بفئة من المجتمع؟
من الواضح أن الرغبة شديدة لدى كريسترشون وحلفائه بالاستمرار في الحكم حتى لو كان الثمن أخلاقياً، بعد انكشاف أمر حليفه الداعم، والأمر يمكن أن ينتهي بجلسة “تبويس شوارب” بين المتحالفين، حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم التي كما يبدو جرى التغاضي عنها.
كما قلنا في مواد سابقة إننا في الكومبس، كنا وما زلنا نرى، أن اليمين المتطرف في السويد له نفس أهداف قادة حملة التضليل ضد السويد وضد الشؤون الاجتماعية، مع اختلاف الأسباب والدوافع، الهدف المشترك بينهم هو زعزعة ثقة المهاجرين خاصة المسلمين والشرقيين منهم بالمجتمع السويدي وبمؤسساته. قادة حملة التضليل انتقلوا من حالات خاصة إلى تعميم مضلل وقرروا الانتقام من الجميع “السويد تخطف أطفال المسلمين” لأن “السويد ضدنا” ولأن “السوسيال مافيا تتاجر بالأطفال”، أو على أفضل تقدير “يريد السوسيال تخريب الأسرة المسلمة والشرقية إجمالاً”. طبعاً هذا الترويج يصدر عن المعنين بالحملات وليس عن الأهالي المتضررين ممن يبحثون عن حل لإعادة أطفالهم وتربيتهم بعيداً عن محاولات الاستغلال.
دعونا أيضاً نكرر بأن الثغرة التي نفذ منها حزب SD إلى بعض عقول وعواطف الناطقين بالعربية في السويد هي ثغرة نقص المعلومات المجتمعية ونقص المعلومات بحقائق ما يجري من حولنا، وهذه الثغرة بالتحديد التي تعمل الكومبس على ردمها.
محمود آغا