كل شيء غالٍ في السويد. الأسعار تلتهم الرواتب. بينما تعاني طبقة عريضة من المهاجرين بصمت.

تقرير Matpriskollen الذي صدر قبل أيام لم يكن أكثر من تأكيد على ما يلمسه المستهلك يومياً من غلاء الأسعار. أسعار المواد الغذائية في السويد شهدت في فبراير أكبر زيادة شهرية منذ عامين، بينما توقع خبراء استمرار المنحى نفسه في الفترة المقبلة.

قبل تقرير Matpriskollen استطلعت الكومبس آراء بعض الناس على أبواب رمضان الذي يزيد فيه إقبال أسر المسلمين على المواد الغذائية . معظم من شملهم الاستطلاع شكوا من ارتفاع “غير محتمل” في الأسعار. فيما قال أحدهم “نريد من الحكومة أنه تدير بالها على الشعب”. بينما تبدو الحكومة بعيدة حتى الآن عن تحقيق وعودها الانتخابية حين رفعت إيبا بوش الـfalukorv مبدية تعاطفها مع الأسر المتوسطة في البلاد. في حين بدت الأسر تعاني حتى في شراء كعكة السيملا احتفالاً بيومها الثلاثاء الماضي، حسب مقال كتبته يونا سيما في أفتونبلادت. عائلة من 5 أشخاص بحاجة لـ300 كرون لتستمتع بأكل السيملا، في وقت تحسب فيه العائلات المتوسطة كل أوره هذه الأيام.

الرئيس التنفيذي لـMatpriskollen، أولف ماسور قال معلقاً على تقرير الأسعار “علينا أن نعتاد على أن تكاليف الغذاء ستقلل من القدرة الشرائية للإنفاق على أشياء أخرى، مثل الملابس أو السفر”.

بعد تقرير الأسعار صُدم السويديون بارتفاع التضخم مجدداً. بيانات أولية من هيئة الإحصاء السويدية (SCB) أظهرت أن معدل التضخم وفقاً لمؤشر KPIF (الذي يستبعد تأثيرات الفائدة على القروض العقارية) ارتفع إلى 2.9 بالمئة في فبراير، متجاوزاً توقعات المحللين، ومؤكداً أن ارتفاعه في شهر يناير لم يكن طفرة بل قد يكون اتجاهاً مستمراً.

حرب أوكرانيا وتكاليف الشحن وارتفاع أسعار الطاقة والتغير المناخي، أسباب اعتدنا على سماعها خلال العامين الماضيين، يضاف إليها الآن إدارة ترامب وحرب الرسوم التجارية التي ينتظر أن يفرضها على العالم.

ومع كل ذلك، فإن الشركات التي تحتكر تجارة المواد الغذائية في السويد تزيد في أرباحها وتحقق أرقاماً فلكية في ظل اقتصار المنافسة على 3 شركات كبرى.

وتؤكد الأرباح أن جزءاً من تضخم الأسعار سببه الشركات وضعف المنافسة، ما يثبت صحة المصطلح “تضخم إيكا” الذي أطلقه المسؤول الاقتصادي في اتحاد العمال توربيرون هوللو في العام 2022، معتبراً أن ارتفاع الاسعار مبالغ فيه بسبب احتكار السوق.

وبعد ضغط من المعارضة، استدعت وزيرة المالية إليزابيت سفانتيسون عمالقة تجارة الأغذية في مارس 2023 ويمكن القول إنها “وبختهم”. لم ترتفع الأسعار في الأشهر التالية بالوتيرة نفسها. وعادت الوزيرة في يونيو 2024 لتعلن “انتصار الحكومة على التضخم”. غير أن أسعار الأغذية لم تنخفض في النهاية.

يغصّون بالسيملا وغيرها

إذا باتت العائلة السويدية المتوسطة “تغص” بشراء كعكة السيملا، فما حال العائلات الكثيرة التي يعمل فيها أحد الوالدين في أشغال الرواتب الدنيا، ولا يجد الطرف الآخر عملاً لأسباب كثيرة متعلقة بفشل الاندماج وغيره؟ أو عائلات المهاجرين التي استُبعد الوالدان فيها من سوق العمل، وهم الممَثلون أكثر من غيرهم في إحصاءات البطالة طويلة الأمد.

في بودكاست أفتونبلادت ديلي بالعربي يقول المعلق الاقتصادي أندرياس سيرفينغا “كنت أمزح سابقاً حول صعوبة التسوق بأقل من 500 كرون في السويد، لكن الآن بالفعل اصبح التسوق صعباً بأقل من ألف كرون والأمور تتسارع بشكل كبير”.

كثيرون يلمسون ما يقوله أندرياس، الزيارة الواحدة إلى متجر فيليز أو ليدل أو إيكا باتت تعني في كثير من الأحيان ألف كرون بعد أن كانت هذه تقريباً قيمة “التسوق الكبير” للشهر قبل سنوات قليلة. فرق كبير بينما تتسع الفجوة بين زيادة الرواتب وارتفاع الأسعار.

السويد ليست بخير من حيث الأسعار، وكثير من المهاجرين يعانون أكثر من غيرهم، فهل ستستدعي الحكومة عمالقة تجارة الأغذية ثانية؟ أم بين أحزابها من يقدم حلاً جذرياً يكسر احتكار السوق؟

لا يبدو الوضع مبشراً بهذا أو ذاك، وإلى حين معرفة ما تجود به قريحة الحكومة ليس لنا إلا أن ندعو إلى التآلف والتكاتف في رمضان. وكل رمضان وأنتم بخير.

مهند أبو زيتون