افتتاحية الكومبس

السويد “تغص” باستقبال أطفال من غزة

: 8/31/24, 9:24 AM
Updated: 8/31/24, 10:11 AM
السويد “تغص” باستقبال أطفال من غزة

تفشل الحكومة السويدية إنسانياً مجدداً. التبرير الذي قدمته وزيرة الرعاية الصحية أكو أنكاربيري يوهانسون لقرار عدم استقبال مرضى من غزة يتجاهل البعد الرمزي لاستقبال بعض من يحسون أن العالم تخلى عنهم وتركهم لمواجهة مصيرهم أمام آلة القتل الإسرائيلية.

منذ أن طلبت المفوضية الأوروبية من الدول الأعضاء في 15 مايو استقبال مرضى، بينهم أطفال ونساء، غطت حكومة السويد في سبات عميق. الكومبس سألت وزيرة الرعاية منذ الأيام الأولى عن قرار الحكومة، فاكتفت بالقول إن المسألة قيد الإعداد في مكاتب الحكومة. وظلت طيلة الفترة الماضية تكرر تعليقها نفسه لوسائل الإعلام السويدية إلى أن خرجت هذا الأسبوع بتبرير لقرار رفض استقبال المرضى، رغم أن مستشفى كارولينسكا وشركة “أليريس” للرعاية الصحية أعربا عن جاهزيتهما لاستقبالهم، وهما اللذان استقبلا جرحى أوكرانيين من قبل.

وزيرة الرعاية قالت إن تكلفة استقبال عدد قليل من المرضى مرتفعة جداً، مشيرة إلى أن السويد تفضل استخدام مواردها في تقديم مساعدات تصل إلى عدد أكبر من الناس. وذكّرت الوزيرة بأن السويد تعتبر واحدة من أكبر المساهمين في تقديم الدعم الإنساني لغزة، حيث قدمت 520 مليون كرون إضافية كمساعدات منذ 7 أكتوبر. ويشمل ذلك توفير الغذاء والرعاية الصحية، بما في ذلك رعاية الأمومة الطارئة ورعاية الأطفال الخدج.

الرسالة التي أرسلتها المفوضية الأوروبية للدول الأعضاء في مايو ذكرت بشكل صريح أن “حياة المرضى في خطر إذا لم يتلقوا الرعاية. ومن الأهمية أن نتمكن بسرعة من إجلاء هؤلاء المرضى إلى مستشفيات خارج غزة”.

وكانت منظمة الصحة العالمية حددت 9 آلاف شخص مصابين بأمراض خطيرة في القطاع بينهم نساء وأطفال. وفي حال توزيع المرضى على الدول بحسب عدد السكان فستكون حصة السويد 200 مريض.

الجارة النرويج أعلنت عزمها استقبال 20 مريضاً. وكذلك فعلت سبع دول أوروبية حتى الآن. بينما اختارت حكومة السويد “العقلانية” بتوفير التكلفة وتوجيه الدعم لعدد أكبر من الناس، وكأنه لا إمكانية لفعل الأمرين معاً. فتبدو السويد وكأنها “تغص” باستقبال بعض الأطفال من غزة.

لا ينقذ سكان غزة من هول الكارثة التي يواجهونها على يد إسرائيل، استقبال 10 أو 20 أو حتى 200 مريض، غير أن في ذلك حداً أقل من الأدنى للقول إن العالم يراكم ويتضامن معكم كما رأى وتضامن مع جرحى أوكرانيا. وهو ما اختارت حكومة السويد ألا تقوله، متجاهلة مجدداً تأثيرات ما يجري في غزة على المجتمع السويدي.

منذ البداية كان صوت الخارجية السويدية مبرراً لأفعال إسرائيل و”حقها في الدفاع عن نفسها”، ومع ارتفاع الصوت الأوروبي في إدانة الانتهاكات الإسرائيلية أما سيل الدم الفلسطيني، ظل صوت السويد خافتاً في الحديث عن المعاناة الإنسانية الهائلة للغزيين، دون إدانة واضحة لمن يتسبب بها.

ومؤخراً اختار وزير الخارجية “حماية الحوار مع إسرائيل”، في مواجهة مطالب المعارضة بدعم تحرك أوروبي للتلويح بورقة اتفاقية الشراكة الأوروبية مع تل أبيب والضغط عليها لوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية، باعتبار الاتحاد الأوروبي أهم شريك تجاري لإسرائيل.

يفضل بيلستروم “محاورة” الإسرائيليين من خلال الاجتماع الذي دعا له الاتحاد الأوروبي لمناقشة كيفية تلبية إسرائيل لمعايير حقوق الإنسان والديمقراطية المدرجة في اتفاق الشراكة، ويرى في ذلك سبيلاً أفضل من “الضغط”.

إن فرض عقوبات قاسية على إسرائيل هو من المحرمات القوية في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهو حساس بشكل خاص بالنسبة لألمانيا، وفق ما يقول الباحث السويدي أندش بيرشون في داغينز نيهيتر، غير أن الأصوات المنادية بزيادة الضغط تزداد بل إن إسبانيا وإيرلندا طالبتا بزيادة الضغط من خلال التهديد بفرض رسوم جمركية على البضائع الإسرائيلية. بينما تصطف حكومة السويد إلى جانب “حمائم الحوار” في هذه القضية.

إن الانحياز الكامل لإسرائيل والتخلي عن الفلسطينيين باستخدام عبارات “التكلفة المرتفعة” و”حماية الحوار” هو وقوف على الجانب الخاطئ من التاريخ، فماذا سيقول بيلستروم لأحفاده حين يسألونه ماذا فعلت دفاعاً عن “القيمة المتساوية للبشر”؟!

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon