افتتاحية الكومبس

غسيل أدمغة عبر مقال منسوب للصحافة السويدية

: 12/1/23, 5:14 PM
Updated: 12/1/23, 5:41 PM
غسيل أدمغة عبر مقال منسوب للصحافة السويدية

لا أحد إلى الآن يعرف مصدر مقال متداول باللغة العربية ومنسوب لصحفي سويدي اسمه (يورغن فولدت) ونُشر بصحيفة اسمها “ستوكهولم الصباحية” كما يدعي المقال، المتداول عبر تطبيق واتساب ووسائل التواصل الآخر.

المقال يستعرض تفاصيل وبنود خطة مزعومة وضعتها دوائر أجهزة الاستخبارات ودائرة الامن القومي الأمريكي، كما يدّعي كاتبه.

وحسب ما جاء في المقدمة ” يجري إعداد الخطة بالتعاون مع كل من مصر وتركيا وقطر والاردن، وبمشاركة لبنانية ايرانية وعراقية واطلاع سعودي حول مستقبل القضية الفلسطينية بعد انتهاء حرب غزة، والتي ستحدد نتائجها والمعارك الضارية التي تدور هناك امكانية تطبيق هذا المخطط”. وبعد هذه المقدمة تأتي بنود هذه الخطة المزعومة والمؤلفة من 18 نقطة.

الكومبس قامت بالاستقصاء حول اسم الصحيفة واسم الكاتب، في السويد، وتبين عدم وجود أي صحيفة بهذا الإسم في السويد. كما حاولت أن تجد الصحفي المزعوم كاتب المقال، فوجدت أن أقرب ترجمة للإسم الوارد بالعربية هو اسم الصحفي Jörgen Huitfeldt. وعند الاتصال بهذا الصحفي، لمعرفة ما إذا كان هو من كتب المقال فعلاً، أبدى استغرابه قائلاً: “ليس لي علاقة على الاطلاق بهذا المقال. ولا أعرف أي صحفي اسمه الأول أو الثاني يشابه اسمي ممكن أن يكتب عن مثل هذا الموضوع”.

وقامت الكومبس بمراسلة صحيفتين بالبحرين نشرتا المقال دون التحقق من أن المصدر صحيح، أو موجود فعلاً في السويد، ولكن وحتى إعداد هذا الخبر لم نتلقّ إجابة. كما تواصلت الكومبس مع هيئة الدفاع النفسي ، التي نفت معرفتها بهذا المقال، وقالت إن المقال يفرض تفكير تآمري وسرد بعيد عن الحقيقة وبدون مصادر واضحة

ولكن السؤال لماذا يتم تسريب مثل هذه المعلومات التي من الواضح أنها مضللة، وعبر نسبها إلى الصحافة السويدية، هل لاضفاء طابع الجدية والمصداقية عليها؟ أم لأن كاتب ومروج هذا المقال لا يزال يعتقد أن السويد الحالية مهتمة كثيرا بلعب دور ما في دهاليز العلاقة مع الشرق الأوسط؟

من خلال المرور السريع على بنود الخطة الأمريكية المزعومة، يتضح أن الكاتب والناشر يريد أن يخلق حالة تقبل مسبقة لأمنيات وليس لخطط، خاصة أن هذا الأسلوب قديم ومتعارف عليه، ولكن للأسف هناك من وقع في فخ عدم التحقق من المصدر. خاصة أن صحفاً عربية تناولته وكتبت عنه، فيما تم تناوله أيضاً من قبل نشطاء ومحللين وكأنه حقيقة واقعة. فقد حصد أحد الفيديوهات لناشط مئات الآلاف من المشاهدات، لأنه تناول الخطة الأمريكية التي وصلته من صديق يعيش في السويد، وكأنه حصل بالفعل على وثائق سرية بشطارته وشطارة صديقه في السويد.

الخطورة الأخرى في المقال المتداول، تكمن في أن الخطة الأمريكية تقضي بتغييرات شاملة في المنطقة، وكأن الأمر فعلا وفقط يتم حسب هذه الخطط، فيتم استبدال قيادات وتغيير سلطات وتعيين حكومات وإلغاء مناصب وتشكيل لجان وأنظمة وغير ذلك، مما يدعم ويقوي الشعور بـ”نظرية المؤامرة” المحببة لقلوب بعض المتابعين من المجموعة اللغوية العربية. ونظرية المؤامرة هنا تترسخ وترسخ معها عقدة مركّب النقص، على منوال “لا أحد يملك أي حول أو قوة، كلهم بيد الأمريكان الذين يخططون ويقررون عن الآخرين”.

ومع ذلك ولكي لا نكون صارمين بأن نتائج عملنا الاستقصائي نهائية وهي فقط الصحيحة، نفتح المجال، لمن يعرف شيئاّ عن مصدر هذا المقال أن يرسله لنا، وبالتأكيد سننشره مع توضيح شامل.

للأسف لا نستطيع وضع المقال المتداول هنا، لأننا نشكك بصحته، لعدم وجود أي دليل لدينا يؤكد صحة مصادره، ولكي لا يأخذ أي مصداقية عند البحث عنه، ولكن نعيد كتابة مقدمته كما هي :

“ذكر الصحفي في صحيفة ستوكهولم الصباحية في السويد (يورغن فولدت) أن مخططاً أمريكياً أعد في دوائر أجهزة الاستخبارات ودائرة الأمن القومي الامريكي يعد له بالتعاون مع كل من مصر وتركيا وقطر والأردن بمشاركة لبنانية ايرانية عراقية اضطلاع سعودي حول مستقبل القضية الفلسطينية بعد انتهاء حرب غزة والتي ستحدد نتائجها والمعارك الضارية التي تدور هناك امكانية تطبيق هذا المخطط”.

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.