الفقراء يموتون حتى في السويد

: 3/31/23, 10:36 AM
Updated: 4/2/23, 2:47 PM
الفقراء يموتون حتى في السويد

“الفقراء يمرضون ويموتون في السويد” عنوان صادم لافتتاحية نشرتها صحيفة أفتونبلادت ذات التوجه اليساري الخميس.

مناسبة المقال صدور التقرير السنوي لهيئة الصحة العامة حول جودة الصحة في البلاد. الهيئة قرعت جرس الإنذار محذّرة من تفاوت واضح في الصحة العامة بين مجموعات السكان، فبينما تتحسن الصحة عموماً، تبدو الأوضاع سيئة لفئات من السكان، بينهم المهاجرون وذوو الدخل المنخفض، وخصوصاً النساء. عدد متزايد من هؤلاء يموتون قبل سن التقاعد.

في العام 2023، يموت الفقراء في بلد متقدم يتجاوز معدل العمر فيه الـ80 عاماً!

التقرير يعطي وزناً كبيراً للعوامل الاقتصادية الاجتماعية التي يعيشها الناس في الضواحي، مثل مستوى التعليم والدخل والمهنة.

ومن صدف الكوميديا السوداء أن يتزامن التقرير مع إعلان الحكومة وحليفها SD التوجه لإجراء تعداد سكاني في البلاد كحجر أساس لتشديد سياسة الهجرة وملاحقة المهاجرين غير الشرعيين.

يريد جيمي أوكيسون أن يعد السكان يدوياً في وقت بات كثيرون يحتاجون الطعام حرفياً. وبدل أن تفكر الحكومة في إطعام الناس تعتزم عدهم.

الأجور الحقيقية تراجعت كثيراً في السنتين الأخيرتين (باستثناء طبقة المديرين) أمام ارتفاع التضخم وموجة الغلاء التي لا يبدو لها آخر في المستقبل المنظور.

الصليب الأحمر ومنظمة أنقذوا الأطفال قرعا جرس الإنذار أيضاً. كثير من الآباء ذوي الأجور المنخفضة يقولون إن رواتبهم لا تكفي لإطعام كل فرد في الأسرة. ثلث الآباء أو الأمهات الوحيدين لا يستطيعون شراء طعام مغذٍ لأطفالهم طوال أيام أسبوع. تقارير إعلامية تتحدث عن أطفال يأتون إلى المدارس جائعين، حتى أن سياسيين اقترحوا تقديم وجبة فطور لطلاب المدارس.

قد تبدو الصورة مغرقة في سوداويتها في بلد متقدم كالسويد، لكن إن لم نكن نصدق كل هذه الجهات المسؤولة، ولم نكن نصدق الواقع الذي نراه أمامنا، فمن نصدق؟!

أجراس تُقرع من كل صوب، والبلاد على أبواب ركود اقتصادي قد يطول، غير أن صدى الصوت لمّا يصل إلى سمع الحكومة.

ينشغل أوكيسون ويشغل الحكومة معه بإحصاء السكان، والتخويف من “أسلمة السويد”. ويجنّد السلطات والأموال للتعداد السكاني، أموال ستصرف على الإحصاء والرسوم البيانية الفاخرة، فيما الخدمات الاجتماعية والبلديات تصرخ شاكية العجز.

وعود بتخفيض الضرائب، ودعم لمستهلكي الكهرباء صب كثير منه في جيوب الشركات، ووعود انتخابية تبين أنها ضرب من المزايدات الفارغة، هذا كل ما تفتقت عنه مبادرات الحكومة لإنقاذ الوضع حتى الآن. وأوكيسون تحول إلى دونكيخوته يحارب طواحين الهجرة.

الفقراء من المهاجرين هم المتضرر الأكبر في الصحة والاقتصاد. وبدل أن يتداعى السياسيون لدراسة كيفية تحسين المدارس والرعاية والتوعية والإسكان والظروف المعيشية في المناطق الضعيفة، تتنادى الحكومة لعد السكان.

كان غريباً أن يكون كثير من المهاجرين أحد الأسباب المهمة في فوز اليمين بنتائج الانتخابات، خصوصاً بعد تحالفه مع اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين، إن بانتخابه مباشرة أو بتشتيت أصوات اليسار. لكن الأكثر غرابة الآن ألا يشعر هؤلاء بفداحة ما ارتكبوه، بل يجيّرون خياراتهم الخاطئة لصالح خلق عداء بين المهاجرين والسويد، كل السويد. فكم من خطأ سنقترف قبل أن نفهم هذا البلد وسياسته؟!

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.