افتتاحية الكومبس

الكومبس لن تخضع لمحاولات إسكاتها

: 10/20/23, 1:32 PM
Updated: 10/20/23, 6:35 PM
الكومبس لن تخضع لمحاولات إسكاتها

نجد أنفسنا في الكومبس، من حين إلى آخر مضطرين إلى شرح ما نقوم به من واجب إعلامي ومن مسؤوليات تجاه المتابعين الناطقين بالعربية وتجاه المجتمع السويدي ككل، شرح ما هو واضح للجميع.
في كل أزمة تتجه العيون علينا لما نمثل من أهمية في نقل الصورة من عدة جوانب وفي محاولة البحث عن الحقيقة التي تغيب أو يراد لها أن تغيب، في زحمة الأجندات السياسية والإيديولوجية، وسيطرة سطوة الماكينات الإعلامية، ووسط فوضى ما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي من مواد تختلط فيها المعلومة الصحيحة مع المعلومة المضللة، نحاول دائماً أن نقدم موداً طابعها المصداقية والحياد.

منذ بدء الهجوم المفاجئ من غزة وتحويله إلى هجوم غير مسبوق عليها، كان خطنا الإعلامي يتطابق، مع المبادئ والقيم التي أسسنا عليها الكومبس منذ البداية، وهي أننا مؤسسة إعلامية سويدية مستقلة لا تتخذ موقفاً سياسياً، وتتبنى القيم الإنسانية والسويدية المتمثلة في المساواة والديمقراطية ورفض الإسلاموفوبيا ومعادة السامية والتطرف والإرهاب.

لأننا عندما نوجه عملنا في نقد ظواهر خطيرة في المجتمع مثل كراهية المسلمين أو العرب، كوننا ناطقين بالعربية فمن البديهي ألا نتغاضى عن كراهية الأقليات الأخرى بما فيها اليهود وغيرهم، ومن الطبيعي أن نعمل على نبذ التطرف والإرهاب أياً كان مصدره أو هويته أو ما يبرره.

هذه بديهيات عملنا، ليس خوفاً من أحد ولا انصياعاً لرغبات أحد، عملنا بها لأننا نؤمن بها، ولأنها تساعد المجموعة التي نستهدفها على الاندماج، وتحميها من مخاطر العنصرية وكراهية الأجانب.

تعرضت الكومبس قبل أيام للانتقاد على وسيلة إعلام سويدية بناء على موقف اتُهم فيه شخصان، أحدهما يعمل في الكومبس، والآخر متعاون مع الكومبس كمقدم وهو غير موظف فيها، بنشر منشورات على صفحاتهما الخاصة في فيسبوك فُهم من منشور الأول أنه قد يمثل تأييداً لهجوم حماس على إسرائيل، وفُهم من منشور الثاني أنه قد يمثل معاداة للسامية.

وأياً يكن ما فُهم من هذه التعليقات فإن هذه المنشورات لا تمثل الكومبس أو القيم التي تتبناها ولم تنشر على صفحاتها الرسمية. لأن هذا سيكون من المفارقات الكبيرة، ويمكن أن يكون ضمن ازدواجية المعايير تمارسها مؤسسة صحفية منذ نشأتها، ويظهر أن شخص أو أكثر يعمل أو يتعاون معها لا يتقيد بما ننادي به.

تلقينا مباشرة أسئلة مشروعة من وسائل الإعلام السويدية الأخرى حول هذا الوضع وعن موقفنا كوسيلة إعلام سويدية مستقلة وإجراءاتنا بهذا الخصوص. لذلك وباعتباري رئيس التحرير يجب أن أوضح : أن الكومبس لم ولن تبرر بأي حال من الأحوال الإرهاب.
نحن مثلنا مثل أي وسيلة إعلامية أخرى ليس المطلوب منا إدانة أو تشجيع ما قامت به حماس ولا ما يقوم حالياً به الجيش الإسرائيلي، نعم نحن نقول إن حماس مصنفة منظمة إرهابية، حسب التصنيف الأوروبي، وننقل وجهات نظر وتصريحات السياسيين والمؤثرين بوصف ما يقوم به الجيش الإسرائيلي بأنه عمل وحشي وغير إنساني إلى ما هنالك.

لا أحد يستطيع منع وسيلة إعلامية في تغطية حدث طالما أنها محمية بمصداقية ما تقوم به، ومحمية بثقة المتابعين لها.
ونحن نقوم بمعالجة ما اكتشفه راديو السويد على حسابات زملاء لنا، وقمنا بالفعل بإيقاف الزميل الذي اتهم بمعاداة السامية عن التعاون معنا، لأنه أصلاً هو غير موظف لدينا وغير موقع على مبادئ عملنا، أما الزميل الآخر الذي فُسر منشوره على أساس تشجيع لقتل المدنيين من قبل حماس، فنحن نقوم الآن بالتحقق من هذه التهمة، وريثما ينتهي التحقيق من الطبيعي أن نوقف هذا الزميل عن عمله، إلى حين ظهور النتائج. نحن نعيش في دولة قانون، ولا نريد أن نتعسف بحق زميل عمل معنا لفترة طويلة، ولا نريد أن ننساق لمحاكمة الناس على نواياهم.
ما نقوم به حالياً هو التأكد من أن زميلنا لا يزال خاضعاً لمبادئ عملنا الصحفي، وأن ما كتبه وحتى إن كان قابلاً للتأويل لا يعبّر عن قيم الحياد التي يجب أن يتحلى بها الصحفي الذي يعمل معنا.

رغم الضغط الهائل الذي مورس علينا خاصة من أشخاص محسوبين على اليمين المتطرف على التوتير ومن حجم وفظاعة الإيميلات والموجهة على بريدنا والتي تصفنا بالإرهابيين وتأمرنا بمغادرة السويد، فإننا نشعر أكثر بأهمية الدور الذي نقوم به، تجاه خدمة الناطقين بالعربية في السويد. هؤلاء ممن استغلوا بطريقة استفزازية وعدوانية “كشف” راديو السويد، يريدون إسكات صوت الكومبس، لأنه صوت يزعجهم ولا يريدون للمتابعين أن تكون لهم وسيلة إعلامية قوية تساعد المجتمع على تقليل فجوة المعلومات من أجل اندماج يقوي مبادئ المواطنة لدى المتابعين ويحافظ على انتماءاتهم الثقافية والدينية الخاصة.

رغم كل شيء الكومبس مستمرة في قول الحقيقة وتبنّي قيمها التي تناهض العنصرية والإسلاموفوبيا ومعاداة السامية في كل مكان. فهذه هي مهمتنا الأولى ورسالتنا التي حافظنا على التمسك بها طيلة سنوات من عمر الكومبس، رغم كل الضغوط التي تعرضنا لها في محطات متعددة ومن أطراف مختلفة.

يحتاج محررو وموظفو الكومبس إلى التركيز على مواصلة عملهم المهم المتمثل في إطلاع جمهور الناطقين بالعربية في السويد على ما يجري حولهم، من خلال عملنا المهني في نقل ما يتناوله الإعلام السويدي وما يصرح به المسؤولون السويديون، ومواقف الأحزاب والمنظمات المدنية والشخصيات العامة، وحراك الجمعيات، إلى جانب الاستمرار في إعداد التقارير عن الحرب المستعرة وعن الوضع الإنساني الكارثي في غزة. وما يتعرض له المدنيون هناك من قصف وتهجير، مع عدم تبرير قتل المدنيين من أي طرف كان. من الطبيعي أن قوة الهجمات التي نتعرض لها من عدة أطرف من وقت لآخر تتناسب مع حجم هذا الدور الذي نقوم به.

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.