الهزات الارتدادية تصيب السويد أيضاً

: 2/15/23, 6:48 PM
Updated: 2/16/23, 10:55 AM
الهزات الارتدادية تصيب السويد أيضاً

عائلات بأكملها قضت تحت الأنقاض في دقيقة. صور الضحايا تملأ السوشال ميديا، عزاء ومواساة أحياناً، وبحثاً عن معلومة تبعث الأمل قبل أن يهيل القلبُ التراب على من يحب، أحياناً أخرى. الغبار ينقشع بعد أيام من كارثة القرن التي ضربت تركيا وسوريا ليتكشف هول المأساة، أكثر من 40 ألف ضحية، و5 ملايين إنسان بلا مأوى.

وفيما تستمر الهزات الارتدادية بتهديد الناجين، يبدو الموت وكأنه يلاحق السوريين منذ أكثر من عشر سنوات. زلزال الحرب لم تهدأ هزاته الارتدادية بعد، وقوارب الموت التي عبرت البحر المتوسط أو غرقت فيه ما زالت تلح على ذكريات كثيرين.

وبعيداً عن التراشق حول وصول المساعدات أو سرقتها، وتبرع الفنانة الفلانية أو العلانية، والمتاجرة السياسية أو الإعلامية أو الفيسبوكية، حتى بالكارثة، بدا وكأننا صحونا فجأة على المعنى الحقيقي لفكرة فشل الدولة. الدول الفاشلة لا تستطيع مواجهة عاصفة ضعيفة فضلاً عن زلزال. وهذه هي حال سوريا على اختلاف مناطق السيطرة فيها اليوم. البشر باتوا مهددين بشكل حقيقي في وجودهم، لا في لقمة عيشهم أو حرياتهم أو مستقبلهم فحسب.

في تركيا ثار جدل منذ اللحظات الأولى حول آلية إدارة الأزمة. انتقادات لاذعة وجهت لأردوغان الذي يواجه الانتخابات الأصعب في تاريخه، وهو الذي لمع نجمه على أنقاض زلزال 1999، ليتسلم بعدها الحكم طويلاً. غير أن في تركيا دولة ومؤسسات، ومعارضة تحاسب على تأخر المساعدات ساعات فقط. بينما تدخل أول قافلة مساعدات إلى المناطق المنكوبة شمال غربي سوريا بعد 5 أيام من الكارثة. إنه الفرق بين الدولة واللا دولة، أياً يكن رأيك في من يحكمون تركيا اليوم.

الهزات الارتدادية أصابت السويد أيضاً، وإن بشكل غير مباشر. أكثر من 100 ألف سويدي من أصول تركية، وضعف هذا العدد من المولودين في سوريا أو كان والداهم من هناك. ولكثير من هؤلاء قصص مأسوية مع الزلزال. في حين تخصص حكومة السويد 7 ملايين كرون مساعدات لتركيا وسوريا. رقم يوازي المساعدات التي قدمتها دولة صغيرة كالفاتيكان، على سبيل المثال. قبل أن تعلن الحكومة رفع المبلغ إلى 30 مليون كرون. الشعب السويدي كان أكثر كرماً من حكومته. المبادرة للتبرع واضحة في كثير من المنظمات. وبعضها يتحدث عن تبرعات بالملايين.

بدت الحكومة وكأنها غير معنية بمشاعر مواطنيها ذوي الأصول التركية أو السورية، فلا طرق مساعدة معلنة لهؤلاء في الاطمئنان على أقاربهم وأحبائهم، فضلاً عن تسهيل طرق اللقاء بهم. ولا حتى كلمات مواساة وعزاء.

نفهم أن الكارثة أكبر حتى من إمكانات السويد، وأن مؤسسات البلد غير مخصصة لخدمة البلاد الأم لمواطنيها، لكن إظهار التعاطف والإشارة لمشاعر هؤلاء في مؤتمر صحفي لرئيس الحكومة مثلاً ما كان سينقص من شعبية أولف كريسترشون شيئاً إلا أمام بعض ناخبي SD.

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.