انخفاض نسب الإنجاب وغلق باب الهجرة.. هل تتلاشى السويد؟

: 5/6/23, 10:32 AM
Updated: 5/6/23, 10:54 AM
انخفاض نسب الإنجاب وغلق باب الهجرة.. هل تتلاشى السويد؟

أرسل لي أحد النشطاء السويديين رابط مقال، على الفيسبوك، مع كلمتين: انظر إلى التعليقات، يتحدث المقال عن خبر انخفاض نسبة المواليد في السويد، وأن عدد الأطفال المولودين العام الماضي 2022 هو الأقل منذ 17 عاماً. هذا الخبر، الذي نشرته الكومبس مع بقية وسائل الإعلام، ليس هو اللافت، بل التعليقات هي التي تكاد تكون صادمة فعلاً، يوجد على المقال 340 تعليقاً، النسبة العظمى منها، تعليقات سوداوية، يؤكد أصحابها أن السويد والعالم لا يستحق أن نأتي لهم بمواليد جدد، وأن الحرية الشخصية أهم من الجلوس في البيت والتقيد بتربية طفل، ضمن عملية ليست لها جدوى، يقول أحد المعلقين. تعليق آخر يقول: “من يجرؤ على إنجاب الأطفال ونحن نرى حالة العالم ومع الحديث عن حرب عالمية قريبة وترابط اجتماعي ضعيف؟ هذا بالإضافة إلى التضخم”. فيما كتبت إحدى السيدات: ” إذا رجع بي الزمن إلى الوراء لم أكن لأنجب أي طفل على الإطلاق لأتمتع أكثر بشبابي” وتقول أخرى: “الشيء الإيجابي وما يحتاجه العالم الآن ليس المزيد من تكاثر البشر”.

فيما يعتقد آخرون أن إنجاب طفل هو عملية مرهقة مادياً ويجب على الشريكين أن يكون لديهم المال الكافي: ” يجب أن يكون لديك الموارد المالية لتكون قادراً على إنجاب مزيد من الأطفال، نحن ممن لا يريدون الإنجاب لأن هذا سيكون مكلفاً للغاية اليوم”.

العديد من الخبراء والمختصين دقوا ناقوس الخطر، بعد الإعلان عن هذه الإحصاءات، الأطفال هم مستقبل الأمة وعدد سكان أي بلد هو قوة ديمغرافية واقتصادية يحسب لها ألف حساب، صحيح هناك دول تشكو من ارتفاع معدلات التكاثر، لكن انخفاض هذه المعدلات بالنسبة لدول أخرى عدة، قد يشكل كارثة استراتيجية، حتى الصين التي كافحت من أجل تحديد النسل، بدأت تتخوف من خطر تراجع عدد سكانها، في الفترة الأخيرة.

من الصين نعود إلى السويد، حيث يأتي خبر تناقص مواليدها، في ظل حملات يمينية ويمينية متطرفة، تريد فرض سياسة هجرة تقترب من الإغلاق الكامل لحدودها بوجه أي لاجئ، والسؤال هنا، كيف يمكن أن تبقى السويد دون نسب مواليد معقولة ودون أيضا نسب هجرة تسد العجز بعدد السكان؟

في الحقيقة هذا السؤال لا يهم اليمين المتطرف كثيراً، هم يريدون كما يبدو دولة مغلقة ومنعزلة وبدون أي تأثير إقليمي ولا دولي، دولة بثقافة واحدة وبطبقات وفئات اجتماعية متعددة. وهذا ما نراه الآن من تصريحات وتصرفات لم نكن حتى نفكر أن تحدث في السويد. تصريحات مسيئة وشعبوية بمناسبة وغير مناسبة عن الإسلام والمسلمين، بشكل خاص وعلى الأجانب عموماً، مثل تصريح جيمي أوكيسون الذي حدد فيه مرة أخرى من هو السويدي وغير السويد بنظره، حيث اعتبر أن المسلم الملتزم بالكامل لا يمكن أن يكون سويدياً، والمفارقة أن أحد السويديين الذين دخلوا الإسلام وهو ينتمي لعائلة الملك فاسا مؤسس السويد، أرسل لي التصريح مع سؤال تهكمي: انظر هل أنا دنماركي مثلاً بالنسبة لأوكيسون؟

من الملاحظ أيضاً أن وتيرة مثل هذه التصريحات التي تفح منها رائحة الكراهية، تزداد كلما تراجعت شعبية حزب ديمقراطيي السويد، من أجل إثارة الانتباه وإظهار حرصه على السويد وشعبها، وكما نعلم الآن هناك انخفاض بنسبة المؤيدين لهذا الحزب، لذلك فمن المتوقع أن يتحفنا جيمي أوكيسون ورفاقه بتصريحات مشابهة مثير للجدل والتعجب.

هذا إضافة إلى اقتراحات تلو الاقتراحات لتمرير قرارات والتحكم بالمؤسسات المعنية بالهجرة واللجوء والاندماج،

هجوم على القوى التي تقف بجانب قيم المجتمع السويدي وتدافع عنها، بل وكما يبدو فهناك محاولات للوصول إلى الدولة العميقة وإحداث تغييرات جوهرية بها لصالح توجهاته المتطرفة.

يجري كل ذلك من خلال حكومة ضعيفة مؤلفة من ائتلاف هش مدعوم من حزب متطرف وبأغلبية مقعدين أو حتى مقعد واحد، بعد استقالة نائبة من حزب الـ SD.

اللافت أيضاً أن بعضاً ممن يعلقون على أخبار الكومبس، يطالبون بأن يقوم الأجانب بإضراب من أن أجل أن يرى أوكيسون وغيره من اليمينيين المتطرفين مدى حاجة المجتمع السويدي للأجانب، نحن نعتقد بأن مثل هذا الاقتراح وبغض النظر عن صعوبة تحقيقه، فإنه على العكس قد يساعد أوكيسون بمجرد طرحه، لأنه يُظهر الأجانب وكأنهم منفصلين عن المجتمع السويدي كما يصورهم اليمين المتطرف. نحن وغيرنا نرى أن كل من لهم أصول مهاجرة، هم جزء من المجتمع السويدي، وهذا المجتمع يهمنا ويجب أن نحافظ عليه أكثر من جيمي ومن ميمي، لأننا على الأقل لا نريد للسويد أن تتلاشى ولا أن تتقلص.

د. محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.