افتتاحية الكومبس

بالإذن من أوكيسون..محاربة عنف العصابات لا يحتاج لإعلان حرب شاملة

: 4/13/24, 7:46 AM
Updated: 4/13/24, 10:12 AM
بالإذن من أوكيسون..محاربة عنف العصابات لا يحتاج لإعلان حرب شاملة

لم يكن ميكايل يانيكي يعلم، إن خروجه من منزله بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي مع ابنه متوجها إلى المسبح، سيكون خروجه الأخير، وأنه سيقتل بدون تربص أو تخطيط مسبق برصاصه في رأسه وأمام أعين ابنه الصغير. الرصاصة التي استقرت برأس الرجل لم يكن مخططاً لها ولم تكن طائشة أيضا، بل كانت بسبب تدخله بظاهرة لم تعجبه في الشارع، هذا النوع من التدخل من قبل المارة للاعتراض على تصرف ما، يسمى بالسويدية… أو الشجاعة المدنية، إذا شجاعة الرجل المدنية كانت سببا في قتله بهذه الطريقة وأمام أعين طفله.

حسب ما هو متوفر من معلومات حتى الآن، مر الرجل الذي كان متوجها إلى المسبح مع ابنه الصغير من أمام مجموعة من الشبان كانوا في نفق للمشاة، لكنه رجع لهم مرة أخرى وحدث بينهم تلاسن انتهى بأن أطلق شاب رصاصة على رأس الرجل الذي سقط قتيلا أمام ابنه.

الصحافة السويدية التي كتبت كثيرا عن الحادثة، ركزت على ما وصلت به الحالة الأمنية في السويد، وعلى مدى الاستهتار بحياة الناس، وكيف يُقتل رجل أمام ابنه بهذه الطريقة وفي وضح النهار، وشبهت بعض الصحف ما يحدث بأنه أشد خطراً مما نشاهده بالأفلام السينمائية، فكيف يتوفر السلاح بيد شبان صغار وكيف يستطيعون استخدامه بهذه السهولة بمجرد استفزازهم من قبل أحد المارة.

الصحافة نقلت أيضا حالات القلق والخوف التي انتابت سكان المنطقة، خاصة بعد أن سقط ثلاثة قتلى خلال فترة وجيزة بنفس المنطقة.
عدا الصحافة من الطبيعي في هذه الحالة أن يتوافد أيضاً السياسيون من وزراء ورؤساء أحزاب وغيرهم، وأن يتحدثوا مع أهالي الضحية ومع السكان وأن يصرحوا بطبيعة الحال تصريحات قوية تتضمن وعود جديدة بفرض الأمن والأمان في شوارع السويد وبين سكانها.

وواجهت شقيقة القتيل، مجدلينا أندرشون خلال زيارتها المكان، وبدت عليها علامات الغضب والاستياء. وقالت إن أندرشون وعدت قبل سنوات بمواجهة العصابات بعد مقتل الطفلة أدريانا في منطقة نورشوبوري المجاورة، ولكن الأمور لم تتغير، وقُتل أخاها على يد العصابات الإجرامية نفسها

شقيقة القتيل قابلت رئيسة الاشتراكيين مجدالينا أندرشون اثناء زيارتها لمكان الجريمة وأمام كاميرات الصحفيين سألت: ماذا تفعلي هنا؟ رأيناك بعدة مواقف مشابهة وسمعنا منك نفس الحديث ونفس الوعود، خاصة بعد مقتل الطفلة أدريانا في منطقة نورشوبوري المجاورة، ولكن الأمور لم تتغير، وقُتل أخاها على يد العصابات الإجرامية نفسها.

رئيس الحكومة أولف كر يسترشون وقف أمام كومة الورود التي تجمعت في مكان مقتل الرجل، وكرر أيضا نفس الكلمات والوعود. المتميز دوما بتصريحاته النارية جيمي أوكيسون رئيس الـ SD دعا إلى حرب شاملة لمواجهة الجريمة، وهو نفسه من كان ينتقد الحكومة السابقة ويتهمها بالتقصير، الآن وبعد مرور أكثر من سنة ونصف على تسلم الحكومة الحالية، التي هو من يدعمها، لم يلاحظ الناخبون أي تغييرات للحد من جرائم العصابات.

كلمات السياسيين الجميلة ووعودهم الوردية تبدو وكأنها بعيدة عن الواقع، الواقع يقول إن المجرمين يتجاوزون الحدود يوما بعد يوم، وكأن لا رادع يردعهم. خطورة ما حدث ظهر الأربعاء تتمثل في وقوع جريمة تخالف ما يحلم به السياسيون ويتمنونه، وهو مشاركة الناس بالحد من الجرائم، وأن يكون الجمهور بمثابة حراس قادرون على التأثير وعلى منع الجناة المحتملين عن ارتكاب الجرائم، وهذا ما يسمى بتقوية الشعور بـ “الشجاعة المدنية”.

لكن هناك رجل قُتل وأمام طفله عندما أظهر شجاعته المدنية، فهل هذا سيضعف أي مبادرة في مشاركة الناس بالحد من الجرائم وبالتالي يزيد من شعور الناس باللامبالاة وغض النظر عما قد يحدث أمامهم من تجاوزات قانونية؟
نعم من الواجب على الجميع عدم الاستهانة بتقوية شعور الناس بالمشاركة بمكافحة الجرائم وحثهم على الشجاعة المدنية، ولكن هذا لا يكفي، في مقابل الشجاعة المدنية يجب أن لا يكون هناك تخاذل سياسي، وأن يقوم السياسيين بواجبهم في تقليل الفروقات الطبقية ومحاربة الفقر والبطالة خاصة بين الشباب في الضواحي.

تعد خارهولمين منطقة فقيرة نسبياً يعيش فيها سكان 72 في المائة منهم لديهم خلفية أجنبية، مقارنة بنسبة الأجانب في ستوكهولم ككل التي تبلغ 34 في المائة، ومن الطبيعي أن نسبة البطالة ترتفع حوالي ضعف ما في العاصمة بالمتوسط.

متوسط ​​الدخل في خارهولمين يزيد قليلاً عن 275000 كرون سنوياً. بين هذه المنطقة ومنطقة فيلات مجاورة في Mälarhöjden ، محطتين مترو، هناك تجد عالم مختلف تماما، حيث يزيد متوسط الدخل ليصل إلى هو 561000 في المتوسط، إضافة إلى صعوبات إيجاد عمل خاصة بين فئات الشباب
مواجهة عنف العصابات يحتاج إلى شجاعة السياسيين أيضا وليس فقط الحث على تقوية الشعور بالشجاعة المدنية، يحتاج إلى خطط تضمن إيجاد فرص عمل وكسر عزلة الضواحي وتأهيل خاصة الشبان للدخول إلى سوق العمل، كما تحتاج إلى قوة لمحاربة العنصرية والتمييز خاصة في سوق العمل، لأن الموضوع ليس مجرد قضية أمنية بل هي تحدي مجتمعي على الجميع مجابهته.

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.