افتتاحية الكومبس

بداية الحديث عن سحب الجنسية نهاية حقبة التعددية والقيم السويدية

: 3/9/24, 10:03 AM
Updated: 3/9/24, 10:18 AM
بداية الحديث عن سحب الجنسية نهاية حقبة التعددية والقيم السويدية

حتى وقت قريب كان مجرد الحديث عن سحب الجنسية السويدية يبدو وكأنه موضوع غير واقعي أو مطروق، لأن السويد لم تشهد أو حتى تطرح موضوع سحب الجنسية من أحد، منذ بداية التشريع بمنحها لغير السويديين الإثنيين، كان كل الحاصلين على الجنسية السويدية يشعرون بالأمان على كل الأصعدة، لأنهم أصبحوا جزءاً من دولة قوية وإنسانية، لكن الآن ومع تكرار تصريحات حزب SD وخصوصاً رئيسه جيمي أوكيسون، التي تطالب بتغيير القوانين وجعل سحب الجنسية أمراً قانونياً يسهل تطبيقه، بدأ هذا الشعور بالتلاشي.

صحيح أن القوانين لا تزال على حالها، إلى الآن، وأن هذا الحزب لا يزال وحده من ينادي بهذه المطالب، لكن بداية الرقص حنجلة، كما يُقال، وحنجلة جيمي أوكيسون وحزبه في عدة قضايا تخص الهجرة واللجوء والتعامل مع الأجانب انتهت بالرقص.

الآن يرقص اليمين المتطرف فرحاً أكثر وأكثر لأنه فعلياً يحقق كل ما ينادي به تقريباً بما يخص الهجرة واللجوء، لأنه هو الذي يمسك الحكومة الحالية بقبضته دون أن يُشارك فيها.

في كل مناسبة لا يزال جيمي أوكيسون يجدد المطالبة بسحب الجنسية ممن “لا يشعرون بأي ارتباط بالسويد وشعبها ومجتمعها”، حصل ذلك على خلفية الأحداث الأخيرة في غزة.

تحت عنوان “الجنسية السويدية ليست استحقاقاً” كتب أوكيسون في صحيفة إكسبريسن، أن عدداً كبيراً من الأشخاص حصلوا على الجنسية السويدية “دون إظهار الانتماء للسويد أو للشعب السويدي، وهو ما يمكن أن يأخذ شكل الإرهاب أو الجرائم الخطيرة أو العداء تجاه مجتمع الأغلبية”، مضيفاً “ليس على السويد أي التزام أخلاقي بأن تكون مسؤولة عن الأشخاص الذين يعيشون عقلياً في جزء من العالم حيث من الطبيعي قمع الآخرين أو إيذائهم”. كما دعا إلى “زيادة قيمة الجنسية السويدية بشكل كبير عبر الاستمرار بتشديد شروط الحصول على الجنسية، وكذلك المضي قدماً في طرح سحب الجنسية”.

وقبل أيام أعاد جيمي أوكيسون المطالبة بسحب الجنسية ممن يتصرفون ضد مصالح السويد، وإعطاء الحكومة صلاحيات واسعة لترحيل من ترى أنه يشكل تهديداً لمصالح البلاد.

ينطبق ذلك على الحالات التي يكون فيها للأشخاص من حملة الجنسيات المزدوجة ولديهم ولاءات لدول أجنبية، أو يقومون بنشاط يزعزع استقرار البلاد. كما شدد في الإطار نفسه، على ضرورة تمتع الحكومة بصلاحية ترحيل الأشخاص الذين يتصرفون ضد مصالح السويد الخارجية أو يهددون الاستقرار الداخلي، وبطريقة سريعة.

ورداً على سؤال حول مفهوم مصالح البلاد الواسع، اعترف أكيسون بأن التقييمات يمكن أن تكون غير مبنية على أدلة قوية، لكنه تمسّك بمطلبه، قائلاً ” الأفضل أن يكون تطبيق الخيار واسعاً للغاية بدلاً من أن يكون ضيقًا للغاية. والغرض هو حماية المواطنين السويديين والمصالح السويدية. ومن ثم قد ينتهي الأمر بشخص ليس مواطناً سويدياً إلى الوقوع في مشكلة، ولكن فليكن”. وأضاف “ليس من حقوق الإنسان أن تكون في السويد إذا لم تكن مواطناً سويدياً” .وذكر أكيسون “زعماء العصابات الإجرامية الذين لا يمكن ربطهم بالجريمة، أو الأئمة الذين ينشرون الكراهية أو الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السويد نيابة عن دول أخرى”، كأمثلة عمن يجب ترحيلهم.

ماذا لو نجح أوكيسون في تغيير القوانين بحيث تسمح بسحب الجنسية؟

في حديث مع أحد المحامين العرب في السويد، قال لي إنه عندما كان طالباً في كلية الحقوق أخبرهم المدرس أن القانون السويدي لا يسمح لمن حصل على الجنسية السويدية بأن يصبح وزيراً قبل مرور 10 سنوات على قرار جنسيته، عندها وقف المحامي الحالي والطالب السابق وقال للمدرس أمام جميع الطلاب، أنا الآن وعندما سمعت بهذا القانون شعرت أنني سويدي من الدرجة الثانية.

الآن يقول لي المحامي نفسه أنه وفي حال نجح أكيسون بفرض قانون سحب الجنسية، سنصبح جميعاً سويديين بدرجة منخفضة، وهذا سيزيد من شعورنا بعدم الأمان المجتمعي، مما يتسبب بمزيد من مشكلات الاندماج التي هي بالأصل ليست قليلة.

الآن لا نعرف ما هو شعور حوالي 13 بالمئة من المهاجرين في السويد الذين صوتوا لحزب SD والذين كانوا يعتقدون أنهم في مأمن من توجهات هذا الحزب ضد المهاجرين لأن الجنسية السويدي هي ضمانة لهم لعائلاتهم؟ وهذا يؤكد أن حزب SD سوف يمضي قدماً بتغيير ملامح كل السويد التي نعرفها كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.