ثماني دقائق أمام البرلمان السويدي

: 3/24/23, 1:59 PM
Updated: 3/24/23, 4:12 PM
ثماني دقائق أمام البرلمان السويدي

ما لا يراه السياسيون في السويد عند التعامل مع مشاكل الاندماج

الحلقة الأضعف، والتحدي الأكبر أمام السويد حالياً هو قدرتها على فك العزلة الاجتماعية، التي يعاني منها بعض السكان خصوصاً ممن لهم أصول مهاجرة، إضافة إلى مكافحة الفصل المجتمعي الذي يزداد مع تزايد الطبقية نتيجة الأوضاع المادية وغلاء المعيشة التي يعاني منها محدودو الدخل، خاصة مع وجود حكومة يمينية ليس من أولوياتها مساعدة الفئات الضعيفة في المجتمع، هذا جزء من الرسالة التي حاولت الكومبس إيصالها للبرلمان السويدي قبل أيام (22 مارس 2023) عندما حصلنا على فرصة من 8 دقائق للمشاركة في نقاش حول دور الإعلام المتجدد في مكافحة الشائعات والمعلومات المضللة.

الحصول حتى على 8 دقائق للتحدث أمام أعلى سلطة تشريعية في البلاد، هي أيضاً فرصة، أردنا فيها كجهة إعلامية، لفت نظر السياسيين والبرلمانيين إلى زاوية نظر أخرى نحو المشكلة، غير التي يرون هم منها دائما بأن السويد تتعرض لهجوم كراهية ولحملات تضليل، وأن هناك مجموعة غير قابلة للاندماج تمارس الأخطاء وتقع بالمحظورات وأن هناك جهات أجنبية لها أجندات معينة تحاول تمريرها من خلال تعبئة الفاشلين والمتعثرين والحاقدين، نعم قد يكون كل هذا صحيح، من زاوية نظر واحدة، لكن كما قلنا هناك حقيقة أخرى وزاوية نظر ثانية يجب عدم إهمالها.

ما أردنا التأكيد عليه، أننا بحكم عملنا ننظر من عدة زوايا واتجاهات، وما نراه إضافة إلى ما يراه السياسيون والبرلمانيون وصناع القرار، هو تقصير وفراغ كبير تُرك للأشخاص والجهات الغلط التي ملأته بطريقة أضرت بالجميع.

التغاضي عن مشكلات حصلت وتحصل بسبب صعوبة اندماج اللاجئين والتقليل من شأنها وإهمال مناقشتها، هي الزاوية التي للأسف لم يحسب لها السياسي وصاحب القرار أي حساب، حتى وإن كان بعض السياسيين يرونها من الجهة الصحيحة فإن طرحهم لحلول مجتزأة وليست جذرية فاقم من تراكمها وزيادة حجمها.

لذلك قالت مديرة الكومبس بكل وضوح أمام البرلمان: لا تقللوا من شأن المشكلات والتحديات التي تواجهها المجموعة المتضررة من فشل الاندماج. وأعطت مثالين عن قضيتين تأجل كثيراً النظر فيهما والمضاعفات التي نتجت عن إهمال الحديث عنهما، مشكلة الرعاية القسرية للأطفال، وموضوع حرق المصحف.

أن تبقى صامتاً بحجة أنك الأقوى وبأنك على حق وبأنك تمثل القانون والنظام، ليس حلاً على الإطلاق، طالما ترى أن الأمور تتفاقم، من يمنع الناس المعنيين من مناقشة الناس الغاضبين أو الذي يتعرضون للتضليل؟ من يمنع من طرح هذه المواضيع على الرأي العام؟ وما قالته مديرة الكومبس حرفياً: “على سبيل المثال، الخوف من دوائر الخدمات الاجتماعية بين بعض مجموعات المهاجرين، والتي أدت إلى تداعيات عرفناها على مدار أكثر من سنة، ومع ذلك لم يتم مناقشتها بما فيه الكفاية. بدلاً من ذلك، لجأ هؤلاء المتضررون إلى أشخاص آخرين استمعوا لهم واستوعبوهم وربما استغلوهم لفترة. الشيء نفسه ينطبق على تزايد الإسلاموفوبيا. إذا كنت تشعر بالفعل بأنك غير مرحب بك في المجتمع، وفجأة يوماً ما رأيت رجلاً يحرق نسخاً من كتابك المقدس، تحت حماية الشرطة السويدية، فإن الإحباط لديك سيزداد، مما يضعف شعورك بالانتماء إلى المجتمع ويقوي داخلك التخوف من الإسلاموفوبيا”.

النصائح التي وجهتها الكومبس للسياسيين عديدة منها: “لا يكفي أن تنشر المؤسسات السويدية معلومات مجتمعية على شكل ملفات PDF باللغة العربية واللغات الأخرى، مرفقة على مواقعها. من المهم إيجاد قنوات اتصال جديدة. وظِّفوا أشخاصاً لديهم القدرة على التواصل. قوموا بصياغة الرسائل إلى المجموعة المستهدفة، ولا تقولوا الشيء لقراء الكومبس بنفس الأسلوب الذي تستخدمونه لقراء DN على سبيل المثال”.

لا يكفي أن تستقبل اللاجئين وتوفر لهم المتطلبات الأساسية مثل العمل والسكن والمدارس والطبابة ودورات اللغة السويدية، والتي للأسف حتى هذه المتطلبات لم تتوفر للجميع، خصوصاً في فترات معينة، ما يجب أن توفره أيضاً هو تعريف الناس بالمجتمع الجديد والحياة اليومية في السويد، خاصة ما يعنيه أن تعيش في دولة مثل السويد، وما معنى المواطنة الجديدة وما هي شروطها، لماذا يجب أن تصوت، كيف تستأنف القرارات، ماذا تعني حرية التعبير في الواقع. ما هي الالتزامات التي لديك، ولكن أيضاً ما هي الحقوق.

لذلك، فإن بناء الثقة في المؤسسات الاجتماعية ووسائل الإعلام أمر بالغ الأهمية، ولكن هذا يحتاج إلى جهود، يحتاج إلى أن تتوفر للناس الأدوات والشروط المناسبة.

في الوقت المناسب، نحتاج إلى إثارة ومناقشة القضايا التي تواجهها مجموعتنا المستهدفة. المتحدثون باللغة العربية، والمهاجرون، واللاجئون، والوافدون الجدد، والسويديون الجدد – أيًا كان ما نختاره من اسم ومصطلح- يجب أن يكونوا جزءاً من المجتمع ومشاكلهم كلها مشاكل المجتمع.

لذلك فإن مهمتنا المشتركة بصفتنا فاعلين اجتماعيين هي تعزيز عمل الاندماج وضمان أن تصبح هذه المجموعة من السويديين الجدد جزءاً من المجتمع من الألف إلى الياء من خلال جهود صناعة، ونشر المعلومات، وزيادة الثقة.

ثم نقوم أيضاً بزيادة المقاومة ضد الجهات الخبيثة التي تريد الاستقطاب وبالتالي إضعاف مجتمعنا. يحتاج الناس إلى الأدوات والظروف المناسبة ليصبحوا جزءاً حقيقياً من المجتمع. التحدي الأكبر هو مكافحة العزلة الاجتماعية والفصل المجتمعي لأنهما الحلقة الأضعف في المجتمع السويدي اليوم.

د.محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.