حقق مقال لي باللغة السويدية ونشرته صحيفة أفتونبلادت انتشاراً جيداً، وأثار بعض ردود الفعل المتفاوتة، لكن الهدف كان دعم الأصوات التي تقف بوجه النزعات العنصرية وضد التوجهات التي تحاول وضع غالبية مشاكل المجتمع على كاهل الأجانب والمهاجرين، لذلك جاء المقال ليطرح السؤال التالي: ليس من الواضح بالضبط ما هي أهداف ونوايا الحكومة من وراء التخطيط لمسح قيم المهاجرين، وماذا ستفعل بالنتائج لاحقاً؟ أم أن هذه الخطط هي مجرد سياسة دعائية؟
لا أعتقد بأن فكرة تسليط الضوء على مسألة القيم هي فكرة خاطئة. لكن رسم خريطة مسح لفئة من السكان، والتي من المفترض أن تكون أساساً للسياسة المستقبلية للاندماج، قد يثير مزيداً من الأسئلة بدلاً من تقديم إجابات.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، حُطم الرقم القياسي في حضور الجمهور في Tele2 Arena عندما اعتلى الفنان “Ant Wan” من فيستروس، وهو من أصول سورية، المسرح. وبين العديد من أغانيه الشهيرة، قدّم أغنية بعنوان “Albi” بالكامل باللغة العربية أمام 40 ألفاً و899 شخصاص من الجمهور.
في عطلة نهاية الأسبوع نفسها، تم عرض المسلسل “Love is Blind Habibi” لأول مرة واحتل المرتبة الرابعة بين أكثر المسلسلات مشاهدة على Netflix في السويد. وفي العطلة أيضاً حاولت حجز طاولة في مطعم “Kanon” الجديد الذي يقدم “نكهات من الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية والبحر الأبيض المتوسط”، لكن الأمر كان مستحيلاً، فقد كان المطعم محجوزاً بالكامل منذ افتتاحه.
في حين يحتضن المجتمع السويدي هذا التعدد الثقافي، يستمر السياسيون في فعل العكس. التنوع، الذي يشكل ويغني السويد اليوم، يبدو أنه ليس قيمة عالية في مقر الحكومة في “روزنباد”.
في السويد، نحن نفتخر بديمقراطيتنا الليبرالية، وغالباً ما نتباهى بموقفنا من حرية التعبير، المساواة بين الجنسين، حرية الدين، المساواة، حرية الصحافة، والقيمة المتساوية جميع البشر.
لكن عندما يصل المهاجرون الجدد إلى السويد ويواجهون مقترحات سياسية عنصرية، مثل حظر الصور التي تُظهر الفتيات الصغيرات المحجبات في وسائل الإعلام العامة، فإنهم على الأرجح لا يشعرون بأن حرية الدين هي قيمة متأصلة في المجتمع السويدي. ويشعرون وكأن السويد تكيل بمكيالين.
أو عندما يقرأ المهاجرون أن رئيس الوزراء يرى أن نشر الدعاية المعادية للسامية أسوأ من الدعاية المعادية للمسلمين، لا بد أنهم يطرحون السؤال: هل كل البشر متساوون في السويد التي يرأس حكومتها الآن أولف كريسترشون؟
أنا سعيدة بأن القيم أُثيرت في النقاش المجتمعي. إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، نأمل أن تكون بعيدة عن المقارنات المؤلمة بين المجموعات الدينية أو العرقية.
عندما طرحنا في الكومبس سؤالاً على قرائنا حول التعليم الخاص بـHBTQI (المثليين والمتحولين جنسياً) في المدارس، كانت نسبة 47 بالمئة تؤيد إزالته تماماً من المناهج. لقد توقفت عن عد عدد المرات التي سمعت فيها أشخاصاً مولودين في السويد يقولون إن المدارس السويدية “بالغت في تطبيع قضايا HBTQI”. هذا رأي يتعارض مع قيمنا الديمقراطية الليبرالية الموجودة بشكل واسع في المجتمع.
هناك نظرة سلبية تجاه المرأة ورهاب المثليين أيضاً بين بعض المجموعات في المجتمع، وهذا شيء يجب ألا يُقبل أبداً. هذه النظرة ليست مقتصرة على المهاجرين فقط. إضافة إلى ذلك، لا يمكن اعتبار المهاجرين أو الوافدين الجدد مجموعة متجانسة لها الصفات نفسها.
هناك بالفعل أبحاث حول قيم مجموعات المهاجرين في السويد، حيث أحال البروفيسور هنريك إكينغرين أوسكارسون من جامعة يوتيبوري متابعيه في منصة “إكس” إلى الدراسات المستندة إلى “مؤشر القيم العالمية للمهاجرين” وكذلك “دراسة القيم الأوروبية”.
كيف يمكن الادعاء بأن قيم هذه المجموعة تختلف عن قيم المجتمع الرئيسي إذا لم يتم في نفس الوقت قياس قيم المجتمع الرئيسي نفسه؟ لذلك، ليس من الواضح بالضبط ما الذي تنوي الحكومة رسم خريطة له، وماذا ستفعل بالنتائج لاحقاً. هل هذا مجرد سياسة دعائية؟
يوليا آغا
المديرة التنفيذية للكومبس