افتتاحية الكومبس

رئيس نيانس.. هل تجبّ الكوفية ما قبلها؟

: 1/26/24, 11:43 AM
Updated: 2/6/24, 12:54 PM
رئيس نيانس.. هل تجبّ الكوفية ما قبلها؟

يعرض رئيس حزب نيانس ميكايل يوكسيل رئاسة الحزب على النائب جمال الحاج، وهو يعرف أن الحاج يخالفه في كل شيء تقريباً، بدءاً من الأيديولوجيا وانتهاء بمعنى الاندماج في السويد ومجتمعها.

يتخلى يوكسيل دعائياً عن منصب الرئيس بسهولة مقابل ضم اشتراكي ديمقراطي كجمال الحاج، رغم أن الأول خاض صراعاً طاحناً على رئاسة الحزب مع أقرب حلفائه، ما أدى بعد انتخابات 2022 إلى انشقاقات داخل الحزب، وتراشقات وصلت إلى حد الاتهام بـ”الابتزاز الجنسي”.

يقتنص يوكسيل اللحظة بمهارة الثعلب، الهجوم الشرس على جمال الحاج من قبل أحزاب اليمين يزيد رصيده لدى جمهور عريض من المهاجرين. يقدم يوكسيل نفسه بديلاً لأكبر الأحزاب السويدية، فلدى حزبه يستطيع الحاج أن يعبر عن مواقفه من فلسطين “بكل حرية”.

معركة نيانس الأساسية مع أحزاب كتلة اليسار لا اليمين، وصراعه الحقيقي على جمهور أحزاب اليسار من المهاجرين. وها هو يرفع شعار فلسطين قبيل الانتخابات الأوروبية، “أعطوني 160 ألف صوت لأطرح شرعية حماس وقضية فلسطين في البرلمان الأوروبي”. هكذا يصرخ يوكسيل من ستوكهولم إلى أنقرة إلى الدوحة.

قبيل الانتخابات العامة السويدية، تبنى يوكسيل قضية الأطفال المسحوبين من قبل السوسيال. كانت قضية المهاجرين الأولى حينها. اختفت الشعارات بعد الانتخابات، لتحل محلها الآن غزة وأوجاع أهلها.

يرتدي يوكسيل الكوفية الفلسطينية. سياسيون كثر في المنطقة العربية ارتدوها قبله، لا حباً بالفلسطينيين وقضيتهم، بل لركوب موجة القضية الأقدس عند الجمهور.

يحاول رئيس نيانس أن يُنسي الجمهور تداعيات دخوله الانتخابات وتشتيت أصوات ناخبي كتلة اليسار، الأمر الذي أدى في النهاية، مع أسباب أخرى بالطبع، إلى وصول حزب ديمقراطيي السويد (SD) إلى سدة الحكم، وإن بشكل غير مباشر.

لا يحتاج المرء إلى كثير حصافة ليعرف بعد السنة الأولى من حكم اليمين المستند على SD ماذا عنى ذلك لمعظم المهاجرين، وطبيعة الخطاب الإقصائي الذي ساد. لا يزعج ذلك نيانس، فعليه يتغذى كما يتغذى SD على تطرف الصوت المقابل.

في انتخابات 2022 تراجع الاشتراكيون الديمقراطيون 11 بالمئة في المناطق التي تعتبر ضعيفة بشكل خاص، فيما تقدمت فيها أحزاب أخرى كحزب اليسار وحزب نيانس المشكل حديثاً.

وتعتبر رينكيبي تينستا في ستوكهولم من المناطق التي يحصل فيها الاشتراكيون الديمقراطيون على غالبية الأصوات عادة، لكنهم تراجعوا من 62.5 بالمئة في انتخابات 2018 إلى حوالي 33 بالمئة في 2022. كما خسر الحزب أصواتاً في روسنغورد بمالمو وفيفالا في أوربرو.

التحليلات الرياضية أكدت أنه لو حاز الاشتراكيون على 26500 صوت إضافي، لحصلت حكومة مجدلينا أندرشون على مقعد برلماني من حزب المحافظين وآخر من حزب SD، ما يعطيها أغلبية في البرلمان.

حزب نيانس حصل بالمجمل على 28 ألفاً و352 صوتاً ما يعادل 0.4 بالمئة من أصوات الناخبين، لكن من غير الواضح عدد الذين كانوا سيصوتون لصالح الاشتراكيين، لو لم يكن نيانس متاحاً كبديل. ومن الخطأ بالطبع تحيمل وجود نيانس وحده مسؤولية تراجع كتلة اليسار، فذلك يتحمله أيضاً فشل أحزاب الكتلة بمخاطبة المهاجرين. لكن في كل الأحوال فإن تشتيت الأصوات لعب دوراً.

ليست المشكلة في عدد الأصوات التي حصل عليها نيانس، أو المقعد البلدي الذي فاز به يوكسيل، وهو المطرود من حزب الوسط في العام 2018 بعد اتهامه بالارتباط بمنظمة “الذئاب الرمادية” التركية اليمينية المتطرفة. المشكلة في الخطاب الانعزالي الذي يغري به يوكسيل المهاجرين، ليضعهم في مواجهة جميع الأطياف السياسية السويدية. إنه انقلاب على كل القيم والسياسة السويدية، يشبه ذلك الذي يقوده SD لكن بجمهور مختلف.

في كل الأحوال فإن جمال الحاج رفض بشدة عرض يوكسيل، وقال إنه لا يثق بنيانس أو برئيسه. في ذلك رد يلخص القصة ربما.

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.