افتتاحية الكومبس

صوت المولودين في الخارج يمكن أن يحافظ على السويد

: 6/14/24, 6:21 PM
Updated: 6/14/24, 6:21 PM
صوت المولودين في الخارج يمكن أن يحافظ على السويد

اليمين المتطرف يهدف لتخريب الديمقراطية من الداخل

في ضوء نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة، ومدى مشاركة وتأثير صوت المولودين في الخارج عليها، وعلى وقع خطوات اليمين المتطرف الرامية إلى تغيير أهم القيم إن كان في السويد أو في دول الاتحاد الأخرى، نرى وبكل ثبات وقوة أن الديمقراطية هي حاجة ملحة لكل من له أصول مهاجرة ولديه تخوف من سيطرة التيارات الشعبوية والقومية والنازية على مجتمعاتنا الجديدة، والمفارقة أنه بدل أن يدخل العديد من هذه الفئة المهمشة بالعملية الديمقراطية لحمايتها، نرى أن اليمين المتطرف، يدخل بشكل نشط ومكثف في هذه العملية، لكي يهدمها من الداخل، وكما شاهدنا يحتل اليمين المتطرف، المناهض للاتحاد الأوروبي مقاعد أكثر تزايداً داخل برلمانه.

ليس هناك إحصاءات حتى الآن عن عدد المشاركين من أصول مهاجرة في الانتخابات الأوروبية، وليس هناك ما يثبت أن هذه المشاركة هي التي ساهمت، ولو بشكل ما، في صعود أحزاب اليسار أمام الانحسار النسبي لأحزاب اليمين واليمين المتطرف، لكن هناك مؤشرات تستحق الوقوف عندها، على أن تزايد اهتمام ومشاركة المولودين في الخارج بالعملية الديمقراطية يمكن أن يغير وبشكل جذري الكثير من صورة الوضع السياسي في السويد وربما في دول أوروبية عدة.

عدم رضا العديد من الناخبين عن سياسات الحكومة الخارجية والداخلية، من سياسة التعامل مع الحرب على غزة، والتأخّر في ملائمة الموقف السويدي الرسمي مع كثير من الدول الأوروبية التي طالبت بشكل واضح بوقف الحرب وضرورة حماية المدنيين، إلى سكوت أحزاب الحكومة لحد التواطؤ على فضيحة حسابات SD الوهمية وما سبقها وتبعها من تصريحات تصل إلى حد التصريحات المسيئة بحق المسلمين صادرة عن شخصيات حزبية، منها تصريحات رئيسة حزب المسيحيين الديمقراطيين إيبا بوش.

كل ذلك دفع جزء من المتضررين بهذه السياسات إلى التوجه نحو الانتخابات، وانتخاب أحزاب محسوبة على اليسار ويسار الوسط. هذا ونحن في انتظار صدور الأرقام الرسمية عن مكتب الإحصاء المركزي المعني برصد ومعرفة عدد المشاركين بالانتخابات من المولودين في الخارج ونسب من صوت منهم لكل حزب.

هناك من يعتقد بأن انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في منتصف المسافة الزمنية بين دورتين انتخابيتين للبرلمان السويدي، يمكن أن تكون بمثابة تجربة أو عينة لما سيحدث في انتخابات 2026، وبغض النظر عن المقارنة والدلالات لا بد أن يكون تأثير صوت ممن هم من أصول مهاجرة، حاضراً وبقوة عند عقد أي تحليل أو استنتاج.

الأرقام الأولية أظهرت أن نسبة المشاركين بالتصويت في الانتخابات الأوروبية التي أعلن عن نتائجها الأولية قبل أيام، تزيد قليلاً على 50 بالمئة في السويد، وأن نسبة المشاركين من أصول أجنبية أو المولودين بالخارج لا تتعدى الـ20 بالمئة ومع أن لهذه الأرقام مؤشرات سلبية، لكن هناك مؤشر إيجابي واحد، وهو يتعلق في حالة ارتفاع نسبة هذه الفئة من الناخبين وانعكاساتها على نتائج الانتخابات المقبلة.

لذلك نرى أن التحضير من الآن لانتخابات البرلمان السويدي 2026 يجب أن يكون تحت شعار “معاً نحمي الديمقراطية” وأن يكون المولودون في الخارج حريصين على التفاعل مع العملية الديمقراطية أكثر بكثير حتى من المولودين في السويد.

الحرص على الديمقراطية يأتي ليس فقط من خلال رفع نسبة المشاركة بالانتخابات، بل بتقوية أسس خياراتنا، عن طريق زيادة المعرفة بالمجتمع الذي نعيش فيه والأحزاب التي تمثلنا، وبحث أولادنا على الدخول في الحياة السياسية والمجتمعية من خلال الانخراط بالأحزاب والجمعيات ومنظمات العمل المدني.

الحرص على الديمقراطية يعني مواجهة التطرف بكل أنواعه ويعني مواجهة نزعات الكراهية والتعصب في المجتمع، ويعني المحافظة على السويد التي نعرفها ونريدها، وليس السويد التي يريدها من هم ضد التعددية الثقافية بحجة القومية، ومن هم ضد المساوة بحجة أن “ثقافتنا أفضل من ثقافتهم” كما ينادي اليمين المتطرف أو أن “ديننا أفضل من علمانيتهم” كما ينادي أصحاب الأفكار الإسلاموية المتطرفة.
بالحرص على الديمقراطية فقط يمكن أن نشعر بأن السويد ليست ضيقة أو صغيرة أو بلا أفق، ولا تتسع لنا ولا للآخرين.

السويد تتسع للجميع، لأن مساحة مفهوم المواطنة فيها أوسع من جغرافيتها الواسعة أصلاً، ولأن من حق أي شخص يعيش فيها، أن تكون له هوية ثقافية ودينية خاصة به، تحت مظلة حقوق وواجبات المواطنة الشاملة، معاً نحمي ونحرص على الديمقراطية، وللحديث بقية، ولكن إلى اللقاء.

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon