نجحت إيران في يونيو 2024، بتحرير المسؤول الإيراني السابق حميد نوري، الذي كان يقضي في السويد عقوبة السجن المؤبد، بعد إدانته بجرائم حرب تتعلق بالإعدامات الجماعية التي وقعت في إيران العام 1988. وذلك عبر التوصل إلى صفقة مع السويد لتبادل السجناء أثارت جدلاً واسعاً. في إطار هذه الصفقة، أطلقت إيران سراح الدبلوماسي السويدي يوهان فلوديروس، الذي كان محتجزاً في طهران منذ العام 2022 بتهم التجسس والفساد، إضافة إلى مواطن إيراني يحمل الجنسية السويدية اسمه سعيد عزيزي، اعتُقل في نوفمبر 2023.
حالياً يوجد في العراق 4 سويديين محكومين بالإعدام، أكدت الخارجية السويدية وجود هذه الأحكام على 3 منهم بتهمة اغتيال مصطفى الجبوري أحد زعماء العصابة السويدية الشهيرة “فوكستروت” يوم 8 يناير 2024، كما أكدت الوزارة الحكم على بالإعدام على سويدي رابع في قضية مخدرات بعد أن كشفت الكومبس ذلك على لسان أهل المحكوم.
السؤال الآن، والذي تردد على مسامعنا من عدة جهات هو، ماذا لو خطى العراق على الخطى الإيرانية، وطالب بإعادة سلوان موميكا اللاجئ العراقي المطلوب للقضاء العراقي، ضمن صفقة تبادل مع المحكومين بالإعدام، على أن يقضوا مدة حكمهم في السجون السويدية؟
وكما هو معروف فقد طالبت الحكومة العراقية السلطات السويدية بتسليم موميكا لمحاكمته في العراق. وفقًا لتقارير متعددة، ولم يتم تأكيد ما إن كان قد صدر حكم قضائي عراقي ضده، لكن وزارة الخارجية العراقية أعربت عن رغبتها في محاكمته بتهم تتعلق بالإساءة إلى الدين الإسلامي.
آخر إطلالة لسلوان موميكا على الإعلام كانت حافلة بشتم وسب النرويج، بعد طرده منها ورفض طلب إقامة تقدم به للسلطات النرويجية في نهاية مارس من العام الحالي. النرويج اعتبرت أن هذا اللاجئ الهارب إليها يشكل تهديداً أمنياً، ما أدى إلى اعتقاله وترحيله إلى السويد وفقاً لاتفاقية دبلن بشأن اللاجئين.
وكانت مصلحة الهجرة السويدية، ألغت تصريح إقامة سلوان، في أكتوبر 2023، بسبب تقديمه معلومات كاذبة في طلبه الأولي للجوء، لكنها منحته تصريح إقامة مؤقتاً لعدم إمكانية إعادته إلى العراق.
قد يكون سيناريو تنفيذ مثل هذه الصفقة صعباً وغير قابل للتنفيذ، حتى في حال تقديم ضمانات عراقية للسويد بعدم تعرض موميكا للتعذيب أو لعقوبة مشددة، لأن السويد لا تعتبر موميكا مجرماً أو أنه قام بعمل مخاف للقانون، ما قام به موميكا في السويد، عمل محمي بالقانون السويدي. لذلك قد يكون من المستبعد أن تسلم السويد موميكا رغم أنه تسبب لها بمشاكل كبيرة داخلياً وخارجياً، عندما أثار غضباً كبيراً بعد حرقه لنسخ من المصحف عدة مرات في صيفال عام 2023. هذه الأعمال أدت إلى احتجاجات واسعة في الدول الإسلامية، وأثارت استياءً كبيراً في العراق، حيث هاجم متظاهرون السفارة السويدية في بغداد مرتين في يوليو 2023، وأضرموا النار فيها في المرة الثانية.
حتى الصفقة السويدية مع إيران التي تمت بوساطة عمانية، واجهت انتقادات شديدة من نشطاء حقوق الإنسان الذين اعتبروا أنها تشجع إيران على استخدام الأجانب كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الدول الأخرى. كما أن الصفقة أثارت استياء أسر ضحايا الإعدامات الجماعية في إيران، الذين لم يتم استشارتهم بشأن إطلاق سراح نوري.
إضافة إلى أن مثل هذه الصفقة مع العراق يمكن أن تثير غضب ومعارضة العديد من الجهات المدافعة عن حرية التعبير، وفي حال صدور حكم عراقي بإعدام موميكا سيبدو الأمر وكأن السويد ضحت بالسماح بإعدام شخص لاجئ، مقابل إنقاذها لمواطنيها.
ومع ذلك لا يوجد ما يمنع حدوث تغييرات في معادلات السياسة والمصالح، مع أن المطلوب من الحكومة السويدية إظهار مهارة دبلوماسية تتفهم الواقع، خصوصاً أن علاقة البلدين تمر بفتور يقارب البرودة، بعد الاعتداء على السفارة السويدية في بغداد من قبل متظاهرين، وبعد سحب السفير العراقي من ستوكهولم، ومغادرة حتى القائم بالأعمال. مع أن السويد تضم جالية عراقية كبيرة وعريقة وكان أو لا يزال لها مصالح اقتصادية وتجارية في العراق.
فهل ستنجح الحكومة السويدية بأن لا تضطر لتسليم موميكا، لكنها تتوصل إلى اتفاق مع بغداد لإلغاء حكم الإعدام بحق مواطنيها، أو إعادتهم لقضاء فترة المحكومية في السويد؟.
محمود آغا