وحدها غريتا تونبيري تنقذ الآن صورة السويد التاريخية، السويد المدافعة عن الإنسان دون النظر إلى عرقه أو دينه. بينما تستمر الحكومة بوقف مساعدات الأونروا في إصرار غريب.

تركب تونبيري البحر ، تتحدى إرادة إسرائيل، بينما تتحدى حكومتنا إرادة المؤسسات والمنظمات والناشطين، والأهم تتحدى صراخ الأطفال الجائعين.

لا سبب معروف حتى الآن لإصرار الحكومة، مقابلة بنيامين دوسا على SVT أثارت أسئلة أكثر مما قدمت إجابات. ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تراجعت عن موقفها السابق واستأنقت دعمها لأونروا، فيما تبدو حكومة كريسترشون متأخرة كما تأخرات في إدانة إسرائيل.

برنامج “30 دقيقة” في التلفزيون السويدي كشف عن ضغوط من مسؤولين في الحكومة السويدية على الوكالة السويدية للمساعدات الإنمائية (سيدا) لوقف الدعم المخصص لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وبحسب البرنامج، أرسلت سكرتيرة الدولة لشؤون التعاون الإنمائي ديانا يانسه، رسائل نصية مباشرة إلى المديرة العامة لوكالة سيدا لمنع تمرير الدعم. وورد في أحد الرسائل “تحدثت مع الزملاء بشأن أي إرسال محتمل من قبلكم بخصوص فلسطين، وتبين أنه لا فائدة منه”، وأضافت “نحن نعرف ذلك، من دون وثائق”.

“من دون وثائق” (بالإنجليزية: Without paper trail) عبارة تشير عادة إلى الرغبة في عدم وجود توثيق رسمي يتيح تتبع القرارات. وهذا يضع شفافية الحكومة على المحك.

في الوقت الذي أوقفت فيه الحكومة “الدعم الإنمائي” لأونروا، دافعت إدارة الشؤون الإنسانية في “سيدا” عن استمرار تقديم “المساعدات الإنسانية” للوكالة، معتبرةً أن عملها ضروري في إيصال الإغاثة للمدنيين.

وكانت سيدا تخطط لدفع 30 مليون كرون في شكل دعم إنساني منفصل، وأجرت تحليلاً خلص إلى أهمية مواصلة التمويل. وخلال اجتماع رسمي، تقرر إرسال توصية مكتوبة إلى وزارة الخارجية. لكن الوزارة، وفق ما أظهرته المراسلات، لم تكن معنية بتلقي أي وثائق رسمية حول الاقتراح.

وبعد ثلاثة أيام من تبادل الرسائل النصية، أعلنت سيدا أنها اتخذت “تقييماً شاملاً” وقررت عدم صرف أي أموال لوكالة أونروا. وبحسب ما نقله SVT عن مصادر في سيدا، فإن ديانا يانسه أعطت أيضاً تعليمات شفهية مباشرة للمديرة العامة بوقف التمويل.

وزير التعاون الإنمائي والتجارة الخارجية، بنيامين دوسا أنكر علمه بهذه التعليمات وقال إن “سيدا تتخذ قراراتها باستقلالية بشأن الأونروا”.

مقاومة الضغوط

صار واضحاً أن الحكومة “تكافح” و”تقاوم كل الضغوط” من أجل الاستمرار بوقف تمويل أونروا. وربما كان من قبيل الصدفة أن هذا يتوافق مع رغبة إسرئيلية قديمة بالإجهاز على الوكالة التي كان وجودها شاهداً على المأساة الفلسطينية إضافة إلى الدور الإغاثي الذي قامت به منذ تأسيسها 1949.

بعد 7 أكتوبر ، تم فصل عدد من العاملين في أونروا بعد اتهامات بالمشاركة في الهجوم على إسرائيل. أوقفت السويد ودول أخرى دعمها للوكالة نتيجة اتهامات باختراقها من قبل حماس. ومنذ ذلك الحين صرخت منظمات كثيرة محذّرة من خطورة وقف المساعدات، فتراجعت دول عن موقفها وبقيت حكومة كريسترشون مصرّة.

كبرى منظمات الإغاثة الدولية طالبت الحكومة السويدية باستئناف تقديم الدعم المالي، مؤكدة أن الوكالة تلعب دوراً محورياً لا يمكن الاستغناء عنه في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

منظمات ديكونيا، أطباء بلا حدود السويد، أوكسفام السويد، بلان إنترناشيونال السويد، ومنظمة أنقذوا الأطفال قالت إن قرار الحكومة وقف الدعم أدى إلى فقدان الوكالة جزءاً كبيراً من تمويلها الحيوي، خصوصاً أن السويد كانت خامس أكبر مانح للوكالة قبل وقف المساعدات.

أجيال عدة، ما كان لها أن تتلقى تعليمها لولا أنروا، ومنهم كاتب هذا المقال، وملايين البشر ما كانوا ليحصلوا على الطبابة أو المساعدات الضرورية لولا أنروا. لقد كانت بعد النكبة بمثابة ضماد صغير أمام جرح كبير ما زال ينزف دماً. وجود الضماد نفسه كان شاهداً على طعنة التهجير، وهو ما يزعج كثيرين على ما يبدو.

مهند أبو زيتون