بشكل واضح عبّر رئيس الوزراء أولف كريسترشون خلال خطابه في أسبوع ألميدالين، عن غضبه من الذين يسافرون من السويد إلى إيران ولبنان رغم التحذيرات المشددة بعدم السفر إلى هناك.

بل قال أيضاً إنه “من المثير للاستفزاز جداً أن يستمر الأشخاص الذين يعيشون في السويد في الذهاب إلى إيران، رغم التعليمات المشددة لوزارة الخارجية”.

ولفت رئيس الوزراء إلى أن تقديرات وزارة الخارجية تشير إلى أن 5 آلاف مواطن سويدي أو شخص يعيشون في السويد سيسافرون إلى لبنان هذا الصيف، مضيفاً “هناك تعليمات صادرة عن وزارة الخارجية منذ أكتوبر وهي أقوى تعليمات ممكنة لمغادرة البلاد فوراً”.

وتابع “هذه ليست لعبة. رسالتي اليوم هي أن أي شخص يتحدى تعليمات مشددة من وزارة الخارجية لا يمكنه الاعتماد على الحصول على المساعدة إذا حدث شيء ما”.

قد يكون من الصعب على شخص سويدي حتى وإن كان رئيس وزراء، أن يتفهم ظروف شخص خطط للسفر إما للاجتماع مع أهله، أو لمتابعة قضية شخصية تهمه في وطنه الأم، خاصة أن هذا الشخص، اعتاد على بيئة التحضير للحرب وعلى أجواء التسخين لها.

صحيح أن هذه الحرب المقبلة وإن وقعت على لبنان، قد لا تكون مثل سابقاتها من الحروب، لذلك قد نجد من ألغى فعلا قرار السفر، أو أجله لحين انجلاء الموقف، لكن من الصعب جداً أن توقف توصيات الخارجية السويدية وتصريحات رئيس الوزراء، من قرر وهو على قناعة إما بحتمية القدر، أو على قناعة بقدرية السياسة، على تغيير المواقف، خصوصاً أن هناك من يقول بأن كلاً من إسرائيل وحزب الله يعرفان ما تعنيه أي حرب بينهما من دمار شامل.

إضافة إلى أن غضب كريسترشون يبدو أنه ليس بسبب خوفه فقط على رعاياه من ويلات الحرب، بل بالدرجة الأولى بسبب خشيته من وجع رأس الحكومة في ملاحقة ومتابعة من سيعلق ولا يتمكن من الرجوع إلى السويد.

هذا عن لبنان ولكن لماذا لم يذكر إسرائيل في خطابه، طالما أن الخطر أيضاً سيكون على الجانبين اللبناني والإسرائيلي؟

في الحقيقة الخارجية السويدية أصدرت تحذيرات أيضاً من السفر إلى إسرائيل وبطبيعة الحال إلى الأراضي الفلسطينية أيضاً، لكن كريسترشون أراد التركيز على لبنان وإيران.

لماذا إيران إذاً؟ خاصة أن الإيرانيين لا يختلفون كثيرا عن اللبنانيين في طريقة تفكيرهم حول تفضيل تجاوز محاذير السفر أمام ضرورات الحنين لوطنهم؟ هنا أيضاً الحكومة تخشى في أن “تتبلى” طهران على أي مواطن يحمل جنسيتها، كي “تفبرك” له تهمة لمبادلته بإيرانيين يمكن أن يسجنوا في السويد، كما حدث قبل عدة أيام في صفقة تبادل للسجناء بين طهران وستوكهولم.

كل هذا ولا تزال معاناة الناس في غزة مستمرة، ولا يزال تأخر الحكومة السويدية في مساعدة حملة الجنسية أو الإقامة السويدية من العالقين في القطاع، قائماً أيضاً. حتى أن بعض السياسيين وخاصة من أحزاب الحكومة، بدأت بلوم السويديين العالقين بغزة على سفرهم، وبوضع الحق عليهم، قبل أن تبدأ بمساعدتهم. وحسب علمنا لا يزال إلى الآن رعايا سويديون في القطاع.

المشكلة الأخرى التي من المؤكد أنها غير غائبة عن بال الحكومة السويدية ورئيسها، هي أن من يسافر إلى لبنان في الصيف ليس اللبنانيون فقط، بل هناك أعداد كبيرة من السوريين أيضاً، وحتى من جنسيات أخرى مثل الفلسطينيين وغيرهم.

من حق، بل من واجب السويد أن تحذر مواطنيها والمقيمين على أراضيها من مخاطر السفر، خصوصاً إلى منطقة ملتهبة مثل لبنان، لكن في حال وقعت الحرب، يجب ألا يكون غضب كريسترشون مبرراً لعدم تقديم الدعم لرعايا بلده.

محمود آغا