ليس سهلاً أن تكون صحفياً ناطقاً بالعربية في السويد

: 5/19/23, 12:42 PM
Updated: 5/19/23, 1:13 PM
Foto: Alkompis
الزملاء في الكومبس خلال عملهم اليومي
Foto: Alkompis الزملاء في الكومبس خلال عملهم اليومي

ليس سهلاً أن تعمل في الإعلام. قول الحقيقة مؤلم دائماً. يفضل الناس الأوهام والأساطير، يهربون إليها من واقع دائم التعقيد. المهمة أصبحت أصعب مع السوشيال ميديا. وسائل التواصل سهّلت وصول المعلومة وزادت هوامش الحرية، غير أن “الأوهام” أيضاً تلقى رواجاً.

في بلادنا التي جئنا منها، تتعرض حرية الصحفي لضغوط كبيرة، أولها من السلطة السياسية.

في السويد لا سلطة سياسية على حرية الصحفي، غير أنه بات يواجه نوعاً آخر من محاولات التقييد. إنها سلطة الشعبوية، والحملات التي يمكن أن يتعرض لها من قبل من يعتبرون أنفسهم “أصحاب الصوت العالي” على وسائل التواصل.

منذ أيام نشرت الكومبس تقريراً كشفت فيه عن امرأة تنتحل صفة وكيلة وزارة الخارجية. حظي التقرير بانتشار واسع بين السويديين. بعض أصوات اليمين المتطرف لفتها حين دخول موقع الكومبس وجود إعلان لقوات الدفاع باللغة العربية. صحيفة يمينية متطرفة تلقفت الأمر لتنشر خبراً عن نشر قوات الدفاع إعلاناً باللغة العربية. وتتالت التعليقات المستاءة من نشر الإعلان. هناك من عبّر عن رفضه نشر أي إعلان للسطات السويدية باللغة العربية. وهناك من حذّر من تجنيد ناطقين بالعربية في صفوف قوات الدفاع، معتبراً ذلك “تجنيداً لمتطرفين إسلامويين” و”مخاطرة” بالأمن السويدي.

ليس الإعلان إعلاناً عن وظائف في قوات الدفاع، بل محاولة لمخاطبة الناطقين بالعربية لزيادة شعورهم بالأمان، غير أن المعلقين من اليمين المتطرف تلقفوا الأمر باستعجال وكرروا أسطوانتهم المعهودة.

ليست هذه الحملة الأولى على الكومبس من اليمين المتطرف بل سبقتها حملات أخرى تهدف إلى تخويف الهيئات السويدية من نشر إعلانات في الكومبس بهدف اغتيالها مادياً.

ليس الإعلان هو القصة، بل المشروع. لا يرتاح اليمين المتطرف لوجود وسيلة إعلام ناطقة بالعربية في السويد. وكان حزب ديمقراطيي السويد انتقد بشراسة وجود قسم ناطق بالعربية في راديو السويد أيضاً، وطالب بوقف تمويله من أموال الضرائب، مختبئاً وراء شعار أن جميع من في السويد يجب أن يتحدثوا السويدية.

من حق الناس أن يقرؤوا الأخبار والمعلومات وأن يعلقوا عليها باللغة التي يريدونها. لا يتناقض ذلك مع ضرورة إتقان السويدية. لا أحد يحق له أن يسلبهم هذا الحق، ولا أحد يستطيع مهما علا صوته.

على الطرف الآخر، تعرضت الكومبس وتتعرض لحملات من ناطقين بالعربية، لا يعجبهم أن تكون هناك وسيلة إعلام تقول غير ما يروجونه عن السويد، أو تنشر معلومات تناقض “الأساطير” و”الأوهام” التي يعتاشون عليها أو يدفعون الناس من خلالها إلى حرب مع المجتمعات التي يعيشون فيها بدل أن يكونوا جزءاً منها، ويدافعوا عن حقوقهم فيها. يلجأ هؤلاء إلى محاولات إسكات الصوت بالتهديد العلني، والشتم، وحملات القتل المعنوي. ورغم أن كل ذلك لم يجد نفعاً، فإنهم يكررون المحاولة مرات ومرات، وبتهديدات ينبغي ألا تمر في دولة ديمقراطية يحفظ دستورها حرية الصحافة ويعتبرها مقدسة.

ليس سهلاً أن تكون بين متطرفين من جهتين، غير أنه قدر كل صحفي يحترم نفسه وجمهوره ولا يغريه ركوب الموجة أو “الأوهام” مهما علا صوت مروجيها.

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.