افتتاحية الكومبس

بعض ما يضحك وسط هذا البكاء اليومي

: 3/28/24, 7:19 PM
Updated: 3/29/24, 11:57 AM
بعض ما يضحك وسط هذا البكاء اليومي

يضحكني نتنياهو وهو يحاول جاهداً أن يتحدث في الأخلاق، وأن يحشد العالم “أخلاقياً” وراء إسرائيل وما تفعله من جرائم في غزة.

يضحكني أحدهم وهو يتحدث عن النصر لأن “إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها”. حالنا كما كنا دائماً: نجحت العملية ومات المريض.

تضحكني مذيعة SVT وهي تسأل الناشطة غريتا تونبيري ما إن كانت إدانة جرائم إسرائيل تؤثر سلباً على حركة العدالة المناخية. بدت المذيعة وكأنها تعزف موسيقى الفصول الأربعة لفيفالدي فوق رأس مريض ينازع الموت. أسكتتها غريتا بعفويتها ومنطقها. البشر الذين تدافع عنهم غريتا في قضية المناخ هم نفسهم البشر الذين يقتلون ويجوعون في غزة، إلا إن كانت المذيعة تصدق يوآف غالانت بأن الفلسطينيين “وحوش”.

يضحكني أولئك الذين يظهرون على الشاشات العربية ليشتموا الحرية والديمقراطية باعتبارهما منتَجَيْن للغرب الذي يقف مع إسرائيل الآن. هؤلاء أنفسهم يتباهون بالملايين التي خرجت إلى الشوارع، وأين؟ في الغرب، حين خلت عواصم عربية إلا من أناس أتعبهم القهر والجوع.

تضحكني الدول التي ترى في حرب غزة موسماً للوم الدول الأخرى، وتنسى أن الكل في الصمت شرق.

يضحكني الذين يتجاهلون كل الأصوات الرافضة للقتل والمنتقدة لإسرائيل في السويد، ثم يضعون السويد كلها في خانة “الأعداء” ببساطة. يفعلون ذلك وهم يتابعون مسلسلهم الرمضاني براحة ضمير.

يضحكني أولئك الذين وجدوا في جريمة الإبادة التي تحدث في غزة مناسبة لإثبات أن المتطرفين كانوا على حق في معاداتهم الغرب. يستشهدون بأفغانستان دليلاً على “انتصار الإسلام”، فهلّا نظروا إلى حال الأفغانيين قليلاً.

كثيرة هي الأمور التي تضحكني وسط كل هذا البكاء اليومي على بشرية باتت تفقد أخلاقها حادثة وراء أخرى. لكن أكثر ما يبكيني أننا نعيد اجترار الشعارات والأفكار والتخريجات نفسها، وفي ذلك ما يحولنا إلى ضحايا دائمين.

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon