مواقف إنسانية بحجم الزلزال رغم نعيق الغربان

: 2/11/23, 7:00 AM
Updated: 2/11/23, 9:09 AM
مواقف إنسانية بحجم الزلزال رغم نعيق الغربان

مع أن هناك شعوب تتفاءل بالغربان وبأصواتها، إلا أن الغالبية العظمى، حسب الثقافة العربية متفقين على أن أصوات الغربان هي رمز الشؤم أو الشماتة أو حتى على أنها مجرد أصوات مزعجة، خاصة في وقت محدد وزمان معين.

للأسف ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وجدت هذه الغربان مكانا مناسبا لها، لنشر نعيقها للتخريب، ولإفساد أية أجواء إنسانية جميلة. وهذا ما نشاهده الآن في مشهد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.

قوة الزلزال كبيرة ومساحة انتشاره كانت واسعة، لكن العديد من المواقف الإنسانية كانت ربما أقوى وغطت مساحات واسعة من أجزاء العالم، الجاليات العربية في أوروبا ودول أخرى بادرت لتنظيم حملات تبرع الكل حسب امكانيته، إما عن طريق الجمعيات الإسلامية والكنائس وإما بمبادرات فردية، البعض سافر بنفسه إلى سوريا ليشرف على وصول وتوزيع ما جمعته الجاليات.

فرق الإنقاذ المحلية والدولية التي هرعت لإنقاذ العالقين بين الركام، لا تزال تسابق الزمن للعثور على أحياء، في كل يوم وفي كل ساعة ترد قصص بحجم المعجزات عن خروج أطفال وكبار وشيوخ على أيدي فرق الإنقاذ، يخرجون وقد كُتب. لهم عمر جديد، وليعشوا هم وأقاربهم لحظات سعادة فريدة كأنها جزر وسط بحار من الآلام.

المواقف الإنسانية طغت حتى على قواعد السياسة والخلافات بين الدول، خاصة من جانب الدول العربية والإسلامية، المملكة العربية السعودية ومصر ودول أوروبية وغربية أخرى ومنها السويد، على الرغم من أنها لا تقيم علاقات مع دمشق إلا أنها سيرت قوافل من المساعدات المتنوعة إلى الشمال السوري.

أمام كل هذه المواقف الإنسانية الرائعة، تأتي أصوات نكراء، تحاول تخريب هذه الأجواء الجميلة من الألفة والمحبة، منها ما أخذ يشكك بنزاهة فاعلي الخير وكأنه يريد منع الناس حتى عن تقديم ما يستطيعون لإغاثة الآخرين، ومنها أصوات شامتة أو تدعي الشماتة، وكأن الشماتة سياسة ترسيخ للانقسام بين البشر، عندما تكون المصائب والكوارث عنونا لتوحيدهم، هؤلاء يدعون أن الشماتة حق لإظهار أمراضهم النفسية الدفينة.

مجموعة من النعاقين تبنت موقفا غريبا تتهم فيه السويد كلها بالشماتة بالأتراك أو بالمسلمين، ربما أحد ما شاهد بوست محسوب على اليمين المتطرف يمارس به صاحبه نوعاً من الشماتة السياسية، انتقاما من موقف تركيا المانع لدخول السويد الناتو، ربما يوجد مثل هؤلاء، الشعب السويدي ليس كله من الملائكة، ولكن الشيطان هنا هو من التقط هذا البوست ونشره بين المجموعات وعلى صفحات التواصل الاجتماعي وعممه كأنه موقفا رسميا سويديا، وللأسف هناك من صدق وآمن بهذه الاشاعات، تماما مثلما آمن بأن السويد تخطف أطفال المسلمين وتحرق كتبهم المقدسة. مع أنه ومن داخله هو يدرك أن السويد لا تخطف الأطفال وليس لها هدف إهانة أي دين أو مجموعة دينية، فقط هو لا يريد أن يقوم بأعمال مؤثرة ولها قيمة ليساعد نفسه وقضاياه، من السهل دائما الشتم والقذف والنعيق.

حرب الاشاعات ضد السويد لا يمكنها أن تؤثر على السويد فقط كحكومة أو دولة، هي ستؤثر علينا نحن بالدرجة الأولى كمواطنين موجودين في هذا البلد. خاصة عندما يكرس اليمين المتطرف. نظرته لنا كطابور خامس أو كمجموعات غير قابلة للاندماج، لذلك فإن إضافة إشاعة جديدة ضد السويد عمل ليس في مصلحتنا ولا في مصلحة المجتمع السويدي.
لعل هذا الزلزال يهز مشاعر البعض لكي يدركوا أننا نعيش في مجتمع متنوع ولا مكان فيه للمثالية ولا لجلد الذات.
الزلزال كان كبيرا لذلك المسؤولية والمواقف الإنسانية يجب أن تكون بحجم الزلزال.

مع أطيب التمنيات بعطلة نهاية أسبوع سعيدة

🇹🇷 🇸🇾 المتابعون للكومبس جمعوا للمتضررين من الزلزال في سوريا وتركيا لحد الآن أكثر من 80 ألف كرون خلال يومين.
🙏 أنت أيضا يمكنك الضغط على الرابط لإرسال أي مبلغ لمساعدة المتضررين

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.