افتتاحية الكومبس

موسم الحج إلى سوريا

: 12/20/24, 4:28 PM
Updated: 12/20/24, 8:11 PM
موسم الحج إلى سوريا

تتسابق عدة دول غربية هذه الأيام على إرسال وفودها إلى دمشق، وفود تأتي وأخرى تغادر، وكلهم يصرحون بأنهم يتمنون الخير والسلامة لسوريا ولشعبها، ويعبرون عن أمنياتهم بأن تتجاوز البلاد هذه الفترة الانتقالية الصعبة قبل أن تستقر وتزدهر.

ولكن، إلى الآن لا يوجد أي دولة من هذه الدول، قامت أو تنوي القيام بخطوات عملية بتحويل هذه الأمنيات والأماني إلى واقع، لا أحد من هذه الوفود يتحدث، مثلاً عن إلغاء العقوبات الدولية، أو عن خطط ملموسة لإعادة الإعمار واستيعاب عودة اللاجئين، أو عن تقديم المساعدة في إعادة بناء مؤسسات الدولة، والقليل جداً من الدول الغربية أدان ما قامت وتقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج للبنى العسكرية والدفاعية لسوريا، مستغلة الوقت المستقطع من تاريخ المنطقة ومحاولة تعكير صفوة أفراح الشعب بالتخلص من النظام القديم.

تعاقب زيارة الوفود الغربية لدمشق، لا يبشر بكثير من الخير، لأن أغلب هذه الوفود لا تحمل طابعاً سياسياً أو اقتصاديا بل الطابع الأمني والاستخباري هو الطاغي عليها. وكأن الهدف استكشاف إمكانية وضع موطئ قدم لهم أو ذراع في مرحلة تشكل سوريا الجديدة.

حتى واشنطن الموجودة عسكرياً في سوريا ومن خلال إدارتيها المنتهية والمقبلة، تمارس ضغوطاً وتضع شروطاً قبل أن تتلمس معالم التغييرات في سوريا، لدرجة أنها فقط اليوم وعدت بإلغاء جائزة الـ 10 ملايين دولار التي خصصتها لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقال الجولاني، الرجل الذي نزع بدلته العسكرية ويتحول الآن من قائد جهادي إلى رجل دولة.

الشيء الوحيد الذي يمكن بناء الأمل عليه هو الشعب السوري نفسه، من خلال القدرة على التسامح وتجاوز أحقاد الماضي، واستعادة بيئة الحوار والنقاش والاستماع إلى الرأي الآخر، بدل التخوين والتكفير، وتقوية مفهوم المواطنة، وعدم استبعاد الكفاءات الإدارية والعلمية في الداخل وتسهيل استيعاب الخبرات السورية في الخارج، كل ذلك من شأنه أن يبعد السيناريوهات المشؤومة عن سوريا، خصوصاً أن العديد من الدول الفاعلة والمؤثرة دولياً وإقليمياً، لاتزال تريد لعب أوراق الحصار على سوريا مع وجود شبح تكرار السيناريو العراقي أو حتى الليبي والامتناع عن منح الشعب السوري فرصة التعافي من تبعات الديكتاتورية.

حتى الدول التي كانت تحاصر وتعادي وتهاجم سوريا بحجة وقوفها مع إيران، من الممكن أن تجد الآن حججاً أخرى. فبعد تفكك المحور الذي كانت يُطلق عليه “محور الشر الإيراني” يبرز الآن وحسب الصحافة الإسرائيلية خوف من تشكل محور جديد اسمه “محور الشر التركي” تماماً كما كان يوجد “محور الشر الشيوعي” أيام الحرب الباردة وقبله “محور الشر الناصري”.

الحاجة الملحة لإعلام مسؤول

معظم السوريين في السويد وبقية الدول الأوروبية والغربية، يتطلعون للمساهمة في بناء وطنهم الجديد، ليس شرطاً أن يقطع كل سوري تذكرة عودة غداً أو بعد فترة، ليثبت حسن نواياه تجاه المساهمة في بناء الوطن، لكن هناك طرقاً أخرى.

صحيح أن أغلب السوريين تركوا بلدهم مجبرين، لكن العديد منهم أصبحت لهم حياتهم وارتباطاتهم في مجتمعاتهم الجديدة، خصوصاً ممن لديهم أطفال، لذلك يمكن حتى للسوريين في أي مكان بالعالم أن يساهموا في بناء سوريا الجديدة، من خلال، على الأقل الحرص على عدم نشر الشائعات والأخبار المضللة، وبالمقابل تكون لهم عين ناقدة لأي تصرف أو تجاوز يمارسه رجال السلطة الجديدة من الآن، بطريقة واعية ومؤثرة، من هنا يبرز دور الإعلام الرزين والمهني، والذي يتحقق من مصادر أي معلومة قبل نشرها. الإعلام السوري الداخلي والإعلام الذي يغطي الأحداث والتغيرات في سوريا.

الإعلام المسؤول في هذه المرحلة حاجة ملحة لسوريا، والأكثر حاجة وإلحاحاً هو وعي المتلقي وقدرته على تمييز الخبر الصحيح من الشائعة المضللة.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon