افتتاحية الكومبس

هل ما يزال خيار السويد الوقوف في صف الجبناء؟

: 4/5/24, 8:11 PM
Updated: 4/6/24, 2:13 PM
هل ما يزال خيار السويد الوقوف في صف الجبناء؟

بدأت دول عديدة محسوبة على ما يسمى العالم المتحضر، بتغيير لهجتها نحو إسرائيل واختارت دول أخرى تغيير مكان وقوفها والانتقال من مكان الداعم والمساند إلى مكان الناقد أو المعاتب، أو حتى إلى المكان المقابل الرافض لاستمرار الحرب والقتل والدمار الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في غزة وفي عدة مناطق في الضفة الغربية المحتلة.

كل ذلك ليس لأن عدد الضحايا الفلسطينيين وصل إلى أكثر من 32 ألف إنسان، وليس لأن قطاع غزة على وشك أن يصبح رسمياً منطقة مجاعة، بل بعد مقتل سبعة من عمال الإغاثة، ستة منهم أجانب غربيون، بعد تعرض قافلتهم لهجوم إسرائيلي جوي.

هل قتل الفلسطينيين أصبح عادياً ومألوفاً؟
نحن نعلم أن قيمة أي إنسان يجب أن تكون متساوية بغض النظر عن هويته وجنسه وانتماءاته الأخرى. ونحن نعلم أن مقتل عمال الإغاثة تزامن مع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مشفى الشفاء والتي خلفت أكثر من 400 ضحية بينهم عدد كبير من العاملين بالقطاع الصحي، نحن نعلم أن قتل الفلسطينيين أصبح عاديا ومألوفا في وسائل الإعلام، ولكن ربما عملية قتل عمال الإغاثة، أعطت أصدقاء إسرائيل قبل أعدائها فكرة عن نهج الإنتقام الجنوني الذي تمارسه هذه الدولة بقيادة حكومة يمينية يسيطر عليها اليمين المتطرف.

صحف أمريكية وأوروبية ومنها سويدية، باتت تتحدث عن ضرورة وقف هذا الإنتقام الجنوني بعبارات أكثر صراحة، بل اعتبرت افتتاحية أفتونبلادت أمس الجمعة بقلم Persson Ingvar أن الانتقادات المتزايدة الآن ضد إسرائيل تأتي بعد فوات الأوان، وأن على العالم أن يقوم الآن بخطوات تفرض وقف إطلاق النار.

استهداف عمال الإغاثة بعد قيامهم بتوزيع شحنات طعام في الجزء الشمالي من القطاع، يمكن أن ينعكس على مواقف بعض الدول. فسيارات القافلة كانت تحمل وبشكل واضح شعار منظمة المطبخ المركزي العالمي، وحصلت بشكل مسبق على الضوء الأخضر لمرورها ضمن اتفاق مع الجيش الإسرائيلي على مسارها، ومع ذلك لم تنج القافلة وتعرضت سياراتها للهجوم واحدة تلو الأخرى. ولكن ما هو أدهى أن يأتي رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بعد ذلك ليقول: “عفواً” واصفاً هذا الاستهداف بأنه “خطأ مؤسف”.

هذا التطور حرك كما قلنا المواقف السياسية لعدة دول، ولكن إلى الآن لم نشاهد تغييرات ملموسة من الحكومة السويدية، ولا نعلم إذا كنا نستطيع تفسير صمت توبياس بيلستروم وزير الخارجية على أنه، كما صرح سابقاً، وما يزال يعتقد بأن استخدام العنف في غزة متناسب ، ومصر على استخدام عبارة “حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها” كجواب على أي سؤال يطرحه الصحفيون عليه بخصوص الحرب على غزة.

تحولاً في الصحافة السويدية
شاهدنا تحولا واضحاً في توجهات الصحافة السويدية، ولكن ما تزال دون مستوى توجهات بعض الصحف العالمية الكبرى في أمريكا وأوروبا. بدأت الصحافة تتحدث عن مصداقية إسرائيل الأخلاقية وهناك من بدأ يشكك بعبارة أن “إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” ويستنكر ويطالب بوقف هذه الحرب ويسترجع عدد الضحايا المدنيين ونسبة الأطفال منهم، مع التذكير بجرائم قصف المستشفيات واستهداف موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية. وتعالى الحديث عن دلائل على استهداف الصحفيين المحليين على الأرض، وهناك صحف بدأت بوضع الممارسات الإسرائيلية ضمن قائمة انتهاكات قوانين الحرب والإبادة الجماعية.

مواقف أكثر شجاعة بدأت تظهر في العالم لوقف دوامة القتل والتجويع، حتى قبل الهجوم على عمال الإغاثة يوم الاثنين. استجابت حكومات عديدة لنداء الرأي العام في بلدانها وغيرت مواقفها على الأقل من الانحياز التام إلى الحياد، وهناك دول أوقفت صادرات الأسلحة لإسرائيل.

أغلبية الأميركيين يعتقدون أنه ينبغي تعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل
، وبات الحزب الديمقراطي الحاكم يعتقد بأن دعم اسرائيل المطلق أصبح مشكلة بالنسبة لجو بايدن في حملة إعادة انتخابه. كما أن إسبانيا على وشك الاعتراف بفلسطين وقد تحذو حذوها المزيد من دول الاتحاد الأوروبي

ماذا عن موقف الحكومة السويدية؟
تتصاعد الإدانات كلما تزايد منسوب القتل إما قصفا أو جوعاً، طالما أن المجتمع الدولي بمن فيه السويد لا يريد وضع القوة وراء كلمات الشجب والإدانة وطالما لا توجد الشجاعة الكافية بتحميل إسرائيل المسؤولية وإرغامها على قبول وقف إطلاق النار الذي أقرته فعلاً الأمم المتحدة

ولكن ماذا عن الحكومة السويدية، أمام التغييرات المتسارعة في المواقف الدولية إزاء كل هذا التصعيد في غزة، هل لا يزال خيارها أن تقف في صف الجبناء ممن يرفضون التأثير وممارسة الضغط لوقف جنون هذه الحرب؟

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.