افتتاحية الكومبس

هل نحن منتمون للسويد حقاً؟

: 3/22/24, 1:58 PM
Updated: 3/22/24, 1:58 PM
هل نحن منتمون للسويد حقاً؟

كذّبت استطلاعات الرأي توقعات رئيس الوزراء أولف كريسترشون، نظرياً على الأقل. في يناير لمّح كريسترشون إلى أن السويديين الجدد أقل استعداداً للدفاع عن البلاد، داعياً إلى التفكير بما يعنيه أن يصبح المرء مواطناً سويدياً وكيف يجب أن يكون مستعداً للتضحية من أجل السويد. استطلاعات الرأي لم تكذّب إحساس كريسترشون وحده، بل آلاف التعليقات والمنشورات من اليمين المتطرف ومن المهاجرين أنفسهم، التي ترسم صورة قاتمة عن علاقة المهاجرين بوطنهم الجديد.

استطلاع مؤسسة “يارفا فيكان” أظهر أن المهاجرين أكثر استعداداً للدفاع عن السويد من بقية السويديين.

51 بالمئة من المهاجرين الذين يعيشون في المناطق الضعيفة قالوا إنهم مستعدون “للمشاركة في القتال للدفاع عن الأمة حتى لو كان في ذلك خطر على حياتهم”، في حالة وقوع هجوم عسكري على السويد.

بين الناطقين بالعربية كانت النسبة أكبر، حسب استطلاع أجرته الكومبس بين متابعيها. 67 بالمئة قالوا إنهم مستعدون للدفاع عن السويد حتى إن كان في ذلك خطر على حياتهم.

تعطي استطلاعات الرأي مؤشراً عن التوجه العام، وهو توجه يكاد يختفي على وسائل التواصل، حيث تسيطر التعليقات والمنشورات التي ترسم صورة سلبية عن السويد وعلاقة المهاجرين بها، وتُشتم فيها البلاد كل يوم آلاف المرات.

بعد دعوات “الاستعداد للحرب” التي أحدثت زلزالاً في السويد، طرح السياسيون سؤالاً كان يشير إلى انقسام عميق: هل سيدافع المهاجرون عن البلد؟ وهل يستحق المهاجرون الجنسية التي حصلوا عليها؟ كان السؤال الأهم الذي لم يطرح حينها: هل يشعر المهاجرون بأنهم سويديون فعلاً؟ وما المسؤول عن ذلك؟

الشعور بالانتماء من أكثر قضايا الإنسان تعقيداً ربما، إنه الجزء الأوضح من هويته وتعريفه لنفسه. وهو أحد القضايا المعقدة التي تواجه كل مهاجر.

لم تنجح السويد كثيراً، في السنوات الأخيرة خصوصاً، بتعزيز الشعور بالانتماء لدى عدد كبير من المهاجرين. ولم ينجح كثير من المهاجرين في الإحساس بأنهم مواطنون سويديون أولاً.

صعود اليمين المتطرف في البلاد، وتصدّر الأصوات التي تهاجم كل ما هو سويدي بين المهاجرين، عاملان كانا حاسمين في ضرب الشعور بالانتماء، إضافة إلى عوامل أخرى يرتبط بعضها بالصراعات المتفجرة في العالم.

الخطاب اليميني الذي نجح في ربط صورة المهاجرين بمشكلات البلاد من جريمة منظمة واحتيال على المساعدات وغيرها، قابله خطاب شعبوي يضع السويد وأحزابها ومجتمعها في سلة واحدة “معادية” للمهاجرين.

“السويد تهاجم كل أجنبي” جملة مرت في مقابلة إعلامية مرور الكرام على لسان مسؤول سابق في دولة عربية ومواطن سويدي حالي، وما أكثر الجمل التي يقولها أصحابها ليمتطوا موجة “البطولة” أو “الترند” أو ليجنوا أموالاً من السوشال ميديا! ولا يهمهم بعد ذلك إن احترق المهاجرون أو احترقت السويد.

المتضرر الأول من كل ذلك المهاجرون أنفسهم. وعليهم إذا ما أرادوا مواجهة الخطاب اليميني المتطرف الذي يزاداد انتشاراً أن ينحّوا هؤلاء الذين يحاولون أن يجروهم إلى مزيد من الانعزال بخطاب شعبوي يهرب إلى ترويج الأوهام ونظريات المؤامرة لأن ذلك العمل الأسهل الذي يجذب المشاهدين ويحقق الربح بدل التفكير الحقيقي في الواقع وتناقضاته.

لن يجد هؤلاء ما يحققونه إن لم يجدوا من يستمعون لهم. هذه هي المعادلة ببساطة. فهل هناك من يعرف مصلحته حقاً؟

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.