الكومبس – ستوكهولم: يناقش البرلمان السويدي في حزيران/ يونيو، مقترح قانون جديد، من شأنه أن يغير التعامل مع الأشخاص الذين ينضمون الى الجماعات المسلحة المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق. ممن يحملون الجنسية السويدية، أو تصريح الإقامة في البلاد.
وتقول معلومات نشرتها وسائل الإعلام السويدية، إن القانون الجديد، سيوفر الغطاء القانوني لأول مرة لتجريم السفر الى الخارج بهدف الانضمام الى التنظيمات المتطرفة، إذ أن القوانين الحالية لا تعاقب من يقوم بالسفر الى سوريا أو العراق بهدف “الجهاد”، لكن ارتكاب الأعمال الجنائية التي توفر أدلة قاطعة حولها، مثل القتل والتعذيب وأيضا توفر الأدلة على المشاركة في أعمال إرهابية، تعتبر جرائم يُحاسب الفرد عليها في القانون السويدي الحالي.
وكان وزير العدل السويدي الاشتراكي الديمقراطي مورغان يوهانسون، قد كلف رئيس الادعاء العام في السويد لارش ويركستروم بالتحقيق السريع في تجريم سفر الإرهابيين الى خارج السويد.
وبحسب الصحف السويدية فان المزيد من الشباب يلتحقون بـ (داعش) وبمنظمات مسلحة أخرى، أسبوعيّا للقتال في سوريا والعراق.
وإقترح ويركستروم في تقرير قدمه للحكومة، تجريم سفر الأشخاص الذين يسافرون الى بلد آخر من أجل ممارسة أي نوع من أنواع الدعم المباشر او غير المباشر لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مثل التدريب في المعسكرات او المشاركة في القتال او حتى المساعدة في ذلك.
القانون الجديد قد يحتاج إلى عام كامل لكي يدخل حيز التنفيذ:
تسعى الحكومة وجهاز الأمن السويدي إلى الحصول على تشريع سريع للقانون الجديد، رغم أن الهيئة التشريعية قد تستغرق وقتاً في ذلك، إذ يقول ويركستروم: “أجد من الصعوبة أن يدخل قانون تجريم سفر الإرهابيين حيز التنفيذ حتى منتصف العام المقبل 2016 “، أي بعد عام كامل.
والسؤال هنا هو: كم من الشبان والفتيات المغرر بهم، يمكن أن يقعوا ضحية التجنيد للقتال بصفوف المنظمات المسلحة، خلال عام من انتظار دخول القانون حيز التنفيذ؟
فالتوقعات تشير الى استمرار (داعش) باستقطاب أعداد جديدة من حاملي الجنسية السويدية والمقيمين في السويد. وما قد يسهل مهمة التجنيد هو أن أحكام العقوبات التي من المفترض أن يقرها القانون الجديد، لا تنطبق، على الأشخاص الذين انضموا في السابق الى المنظمات الموصوفة بالإرهاب مثل تنظيم (داعش)، حيث يرى ويركستروم، أن تشريع قانون العقوبات الجديد يجب ألا يكون بأثر رجعي، موضحاً أن بإمكان القوانين الحالية أيضاً معاقبة أولئك الذين سافروا من أجل هذه الأغراض، الا أن السفر نفسه ليس موضوعاً للعقوبة.
وبحسب جهاز الأمن السويدي Säpo فأن نحو 300 شخص التحقوا بتنظيم (داعش) من السويد، خلال السنوات القليلة الماضية، أغلبهم من مناطق: يوتوبوري، وستوكهولم، وأوربرو، ومالمو ولوند وأن نصف هذا العدد مؤكد ومعروف لدى الجهاز، في حين لا تتوفر معلومات دقيقة وكاملة حول مشتبهين آخرين ربما ساعدوا بشكل أو آخر التنظيم المذكور.
Morgan Johansson
صعوبات قانونية في إدانة “الجهاديين”
المشكلة التي تواجهها الشرطة والادعاء العام في تجريم المشاركين في تلك الأعمال، هي صعوبة توفر الأدلة أثناء التحقيق، وإثبات ما إذا كان الشخص متهماً بارتكابه مثل هذا النوع من الجرائم في مناطق حرب تبعد مئات الكيلومترات عن السويد.
وعلى أساس ذلك، تريد الحكومة السويدية توسيع معنى ما يُعتبر جريمة، وسيستند التشريع القانوني الجديد على قرار، كانت الأمم المتحدة قد اتخذته، العام الماضي، حثت فيه جميع الدول على تشديد قوانينها لوقف رحلات ما يطلق عليه بالجهاد.
يقول وزير العدل السويدي مورغان يوهانسون: “علينا أن نعمل الآن بسرعة، لان تجنيد الأشخاص للالتحاق بـ (داعش) يجري على قدم وساق.
سبب وضع القانون الجديد منع الالتحاق بـ (داعش) فهل سيشمل المنع منظمات وجيوش أخرى؟
وجهت شبكة الكومبس، سؤالا إلى الناطق باسم الشرطة السرية السويدية (سيبو) ضمن مقابلة سابقة، حول موقف الشرطة السرية من المطالبة بتشديد الاجراءات مثل سحب الجنسية من الذين تُثبت مشاركتهم بقتال خارج السويد؟ وهل سينسحب ذلك على من يشارك بالقتال مع منظمات وجيوش أخرى مثل المجندين في الجيش الاسرائيلي او قوات البيشمركة؟ كانت الإجابة على النحو التالي:
ليس لدينا أي سلطة لإلغاء الجنسية من أولئك الذين يسافرون الى بلدان أخرى، للمشاركة في صراعات مع الجماعات الإسلامية العنيفة أو ميليشيات أخرى.
هذا الجواب كما هو واضح، محاولة لرمي الكرة في الملعب القانوني، وهذا يؤكد ضرورة انتظار صدور القانون الجديد لتلقي جواب آخر قد يكون شافيا على سؤال شبكة الكومبس.
نماذج من مسلحي (داعش) في السويد
من جهتها نشرت صحيفة ” Sydsvenska” مقالا يعطي مثالين على شابين التحقا بالقتال إلى جانب المنظمات المسلحة في سوريا والعراق، من دون ذكر أسمي هذين الشابين:
النموذج الأول: شاب في الـ 24 من عمره من سكنة منطقة Rosengård في مالمو، التحق بتنظيمات (داعش) في سوريا، أواخر العام الماضي، ومنذ ذلك الوقت، نشر في صفحته على الفيسبوك صوره بالزي العسكري الى جانب زميل له، وهما يحملان أسلحة آلية.
وتقول الصحيفة إن الشاب المذكور نشر في صفحته صور ومقاطع فيديو يستخدمها (داعش) عادة في بث الخوف والرعب في صفوفه أعدائه، منها على سبيل المثال، لقطات فيديو انتشرت على الإنترنت لطفل صغير في زي عسكري ينفذ جريمة قتل في أسير برصاصة في الرأس، وان الفيديو نال إعجاب 16 صديقا للشاب يعيشون في السويد، فيما علق آخرون على الفيديو برسوم لقلوب وردية وصيحات تشجيع تعبيراً عن دعمهم لما قام به الطفل.
النموذج الثاني: شاب آخر له من العمر 17 عاماً فقط، ترك مدرسته الإعدادية في لوند، واختفى منذ شباط/ فبراير الماضي، حيث يُعتقد أنه التحق بتنظيم (داعش) ومنذ ذلك الحين، قدم نفسه كمغني للأناشيد الدينية.
حيث نشر الشاب في العاشر من أيار/ مايو الجاري، شريط فيديو في اليوتوب، يُعتقد انه صوّر في سوريا، يحمل فيه سلاح كلاشنكوف على كتفه ويغني لدولة الخلافة، فيما ظهر في فيديو آخر وهو يمدح “الخلافة” كما أعلنها زعيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو بكر البغدادي.
وكتب الشاب قائلاً: “أود أن أقول فقط، إنني تمنيت لو كان باستطاعتكم أن تكونوا هنا معي. إن الوضع هنا رائع ومثالي جداً، كما كنت متوقعاً. أنا شاهد على أن القانون هنا هو فقط لله وأن السلف هو منهج الفهم”.
استغلال الظاهرة من قبل اليمين السويدي المتطرف
خطر تجنيد “الجهاديين” قد لا يقتصر على مشاركتهم بأعمال القتال والقتل خارج السويد وأوروبا، بل يتعدى ذلك إلى مشاركتهم بهجمات محلية، خاصة أن قوى يمينة متطرفة بعدائها للأجانب وللمسلمين خصوصا، تهتم بنشر وتهويل مثل هذا السيناريو، وتركز على ما جاء به زعيم تنظيم (داعش) أبو بكر البغدادي الذي لم يكتف بحث “الجهاديين” في جميع أنحاء العالم على السفر الى سوريا والعراق للمشاركة في “الجهاد” بل أنه شجع أيضاً على مهاجمة الدول التي يقيمون بها.
ووفقاً لتقرير صادر عن لجنة المفوضية الأوربية في نيسان/ أبريل الماضي، فأن 6000 شخص يحملون الجنسيات الأوروبية انضموا الى تنظيمات (داعش).
وبحسب تقديرات جهاز الأمن السويدي، فأن 32 شخصاً على الأقل لقوا مصرعهم من بين 300 شخص في السويد التحقوا بـتنظيمات مسلحة في سوريا والعراق، فيما يُشكل عودة نحو 80 منهم الى السويد، تهديداً حقيقياً.
منع السفر قد لا يكون كافيا والمطلوب معالجة جذرية للظاهرة
تكاد تتفق معظم الآراء والتوجهات المهتمة بمعالجة ظاهرة تجنيد وسفر “الجهاديين” على أن الجانب القانوني المتعلق بتجريم السفر، خطوة مهمة لكنها غير كافية، بل هناك حاجة لمعالجات أخرى، لها طابع سياسي واجتماعي وتربوي.
وبحسب توجهات حكومية فهناك جهود تركز على مكافحة الأفكار المتطرفة، أينما وجدت، حتى في المنازل ودور العبادة والمدارس، ومنع انسياق الشبان والفتيات إلى التطرف والعنف. بل هناك من يربط أيضا بين توفر فرص العمل والدراسة وبين اساليب الحد من هذه الظاهرة.
بقلم المحرر السياسي