إيرك غيرهاردسون: يقطع مسافات طويلة على نفقته الخاصة لمساعدة اللاجئين

: 1/29/17, 8:09 AM
Updated: 1/29/17, 8:09 AM

الكومبس – لقاء: مشاهد الحرب والقتل في سوريا، وصور اللاجئين الذين يعبرون عباب البحر ويخاطرون بحياتهم بحثاً عن الأمن، دفعته للتحرك ومحاولة فعل شيء حيال ما يسميها صفحة سوداء في تاريخ الإنسانية.

إنه الناشط السويدي الشاب إيرك غيرهاردسون، ذي العشرين عاماً، الذي فضل مساعدة اللاجئين على رحلات الاستجمام والاصطياف في أوروبا مدفوعاً بغريزته الإنسانية القوية، التي افتقدها كثيرون منا هذه الأيام.

الكومبس أرادت التعرف أكثر على أيرك، ونقل ما يقوم به إلى متابعي الكومبس في هذا اللقاء:

ما الذي دفع شاب في عمرك للقيام بهذه المهمة على حساب وقته وماله الخاص؟

لقد كنت أتابع الصراع الدائر في سوريا منذ عدة سنوات، وعندما بدأت أرى هذا الكم الكبير من اللاجئين يتدفقون إلى أوروبا في العام 2015 شعرت بأنني يجب أن أتحرك وأفعل شيئاً مختلفاً لهؤلاء الناس، الذين يحتاجون إلى مساعدة.

عادة كنت أذهب إجازات إلى اليونان وهنغاريا وكرواتيا وألمانيا وحتى داخل السويد، لكن عندما شاهدت صورة جثة الطفل السوري “آلان السوري” ملقاة على شاطئ البحر، عندها قلت لنفسي لا يمكن أن أكون الشخص المتفرج على ذلك، يجب فعل شيء للمساعدة ومن هنا ابتدأت رحلتي.

خلال مساعدتك للاجئين في دول أوروبية مختلفة كيف يمكن ان تصف لنا أوضاع هؤلاء؟

أثناء عملي مع اللاجئين في السويد وهنغاريا واليونان شاهدت ظروفاً جيدة وأخرى صعبة للغاية، يمر بها اللاجئون.

ففي هنغاريا كان اللاجئون يصلون عبر القطارات إلى الحدود مع النمسا، كانت تلك القطارات مكتظة بأكثر من 1500 شخص، رجال ونساء وأطفال، وكان على هؤلاء بعد ذلك، المشي لساعتين أو ثلاث في الطقس الحار على طريق ضيقة، وعرة ووسخة بجانب الطريق الرئيسي، وكانت الشرطة الهنغارية لا تسمح لهم بالخروج خارج هذا الطريق، وإذا حاول أحدهم التوقف أو الابتعاد عن المجموعة التي يمشي برفقتها، كانت تتصرف معه بطريقة سيئة وتطلق التهديدات صوبهم، وربما تقوم بضربهم لقد كانت ظروف هؤلاء في هنغاريا سيئة جداً حتى وصولهم إلى داخل النمسا، عندها تتحسن الظروف.

أما في اليونان كانت الأوضاع مرعبة فقد كانت المخيمات محاطة بأسلاك شائكة وسيارات الشرطة كانت الخيم صغيرة والحمامات مقرفة، لا تستطيع تخيلها، لقد ذكرتني هذه الصور بصور المخيمات التي كانت في ألمانيا النازية، إنه شيء معيب على اليونان وأوروبا وشعوب القارة.

وبالنسبة للسويد رأيت بعض اللاجئين يعيشون في بيوت صغيرة رائعة، حيث يتوفر لهم الطعام وبعض المساعدة من الناس المحللين، لكن في نفس الوقت رأيت كيف المئات من اللاجئين يُدفعون للعيش بأعداد كبيرة في وسط أشخاص لا يعرفهم ويتشاركون معهم في حمامات قليلة وطعام سيئ، وفضلاً عن ذلك يُرسلون للعيش في مراكز معزولة عن البشر والحضارة.

ما هي أصعب اللحظات التي مررت بها خلال عملك مع اللاجئين؟

أصعب تلك اللحظات كانت في اليونان، عندما وصل قارب للاجئين في صباح أحد الأيام وعلى متنه شخصين ميتين، لازلت أتذكر حتى الآن صراخ النساء والأطفال، وكيف حاول المتطوعون استخدام السكين لتفريغ القارب المطاطي من الهواء، ليستطيعوا إخراج الشخصين الميتين، لا أنسى ذلك الصوت المرعب الذي صدر عن القارب حينها، لقد حاولنا فعل ما بوسعنا لإنقاذ الشخصين معتقدين أنهما لا يزالا على قيد الحياة …لن أنسى ذلك الصباح مهما حييت.

وماذا عن أجمل تلك اللحظات؟

عندما كنت أجلس وزميلتي برفقة طفلة سورية وشقيقها، كانت الطفلة تحضنني بقوة بعد أن أنقذناهما على الشاطئ، كان شعور جميل رؤيتهما يغنيان ويضحكان ويستمتعان بوقتهما وبمنظر شروق الشمس بعد رحلة طويلة.

وكيف كان تفاعل اللاجئين معك ومع المهام التي تقوم بها تطوعاً لخدمتهم؟

كل لاجئ قابلته كان يشكرني على ما أقوم به، وعلى وجودي معهم ومساعدتهم، كنت محاطاً بالحب والتشجيع والتقدير منهم، وهذا ما كان يشعرني بالسعادة.

وما هي الانطباعات التي كونتها عن اللاجئين الذين أتوا من بلاد وثقافات مختلفة؟

كان انطباعا إيجابياً للغاية، أنا منذهل من قوتهم وشجاعتهم، وكيف قاموا بهذه الرحلة الشاقة وما يثيرني فيهم أيضاً، هو رغبتهم بمشاركة أي شيء مع بعضهم، على سبيل المثال، عندما أوزع على بعضهم الطعام والشراب كانوا يعودون إلى محملين بذات الطعام والشراب، راغبين بالمقاسمة معي وأن أتشارك معهم في الأكل، كانوا يصرون على ذلك بطريقة جميلة، إنه أمر رائع كيف لأشخاص فقدوا كل شيء أنهم لا يزالوا يرغبون مشاركة الأشياء القليلة التي يملكونها معك، في حين هناك أشخاص كثر في هذا العالم يملكون أشياء كثيرة، ولا يرغبون بمشاركتها مع أحد.

إلى أي حد حظيت بالتشجيع في مهمتك هذه وهل كان هناك من منتقدين لك؟

لقد حظيت بتشجيع كبير من أهلي وأصدقائي، فقد زارني والداي في اليونان ودخلا معي إلى مخيمات بعض اللاجئين، حتى اصدقائي دعموني بطريقة مذهلة، وكانوا دائماً يحاولون إضحاكي وجعلي مبتسماً في اللحظات التي أكون فيها متعباً أو حزيناً

وبالطبع كان هناك بعض المنتقدين لي، بعض الأشخاص كانوا يرسلون لي رسائل فيها انتقادات لما أقوم به، ويهاجمون فيها اللاجئين، لكنني لم أكترث فالأغلبية كانوا يشجعونني على متابعة مهمتي الإنسانية

قمت بالتعبير عن غضبك على صفحتك على الفيسبوك من تعديلات قوانين اللجوء المشددة في السويد إلى أي حد تعتبر هذه القوانين كانت مجحفة بحق اللاجئين؟

صحيح…أنا أتفهم أن السويد وألمانيا تلقتا أكبر عدد من اللاجئين في هذه الأزمة، لكنني لم أتفق مع قرارات إغلاق الحدود وتعقيد عمليات لم شمل اللاجئين وجعلها مستحيلة، لقد اكتفيت حقاً، فإذا هناك شيء نبيل في الحياة فهو لن يكون أنبل من لم شمل أفراد العائلة مع بعضها البعض.

لا يجب أن تكون العائلات مفرقة، لذلك فإن رسالتي للحكومة السويدية والسياسيين في هذا البلد أنهم إذا أرادوا فعلاً حماية اللاجئين، فعليهم السماح بجلب أفراد عائلاتهم، أعرف الكثير من اللاجئين الذين يملكون أملاً برؤية أسرهم ثانية.

هل تعتقد ان المجتمع الدولي خذل اللاجئين؟

نعم لقد خذلهم، ونحن علينا تحمل مسؤولية حل ذلك، فطوال التاريخ كان هناك حروب ولاجئون، علينا أن نتعلم من التاريخ ونتوقف عن إعادته من جديد.

ما فعلته أوروبا والعالم مع أزمة اللاجئين، هو حقبة سوداء في تاريخ البشرية

إذا كنا نعرف التاريخ لماذا نتصرف هكذا ثانية؟ خاصة إذا علمنا أن هناك أجيال ستحكم على أفعالنا لابد لنا من جعل هذا الجزء من تاريخ البشرية إيجابياً وجيداً.

بعض الأوروبيين يخشون من أن يشكل هذا العدد الكبير من اللاجئين تهديداً لمجتمعاتهم وثقافاتهم كيف تنظر إلى هذه المخاوف؟

أتفهم أن هناك بعض الناس قد يخشون ذلك، يخشون المزيد من الهجمات الإرهابية، المزيد من الموت لكن علينا في نفس الوقت أن نفهم أن هؤلاء اللاجئين شعروا بما يشعر به بعض الأوروبيين ومروا بتجارب أسوأ، وعلينا في هذا الإطار أن ننظر للوقائع والاحصاءات، فعلى سبيل المثال العديد من الأشخاص يقتلون بسبب حوادث السيارات، وأن عددهم أكثر من أولئك الذين يقتلون بحوادث إرهابية فهل رأينا أحداً يخشى الاستمرار في السير على الشوارع وقيادة السيارات؟! علماً أن المخاطر لوقوع حوادث السير أعلى من مخاطر وقوع حادث إرهابي.

وكذلك علينا رؤية الأمور من جانب مختلف. إذا جعلتنا مثل هذه الهجمات الارهابية نخشى العرب فعلينا تخيل ماذا وكيف يفكرون بنا، عندما تقوم دولنا وقادتنا بتفجير بلادهم بالحروب، يفجرون بيوتهم وعائلاتهم.

مشكلتنا أننا نسمح لقادتنا وحكوماتنا أن يعاملوا شعوب تلك الدول بالطريق التي يريدونها، ومن هنا علينا أن نتخيل ما الفكرة التي يكونها هؤلاء اللاجئون عندما يأتون إلى بلادنا

كل ما علينا فعله، هو أن نساعد هؤلاء بأن يكونوا جزءاً من المجتمعات التي جاؤوا اليها ويندمجوا فيها وبالنسبة لي فأنا لا أخاف منهم.

إلى متى ستستمر بهذه المهمة؟

لا أعتقد أنني سأتوقف بمهمتي الإنسانية هذه، أخطط لدخول الجامعة في أيلول سبتمبر القادم وأتابع تعليمي، وبنفس الوقت الانغماس أكثر بهذه المهمة، حيث سأعود في فبراير شباط القادم إلى اليونان لأتابع مهمتي

يمكن لمن يهتم بما أقوم به أن يدعمني بمتابعة صفحتي على الفيسبوك، المخصصة للأعمال

الإنسانية Erik’s helping hand”.

أجرى الحوار: هاني نصر

الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر

الكومبس © 2023. All rights reserved