الكومبس – مقالات الشركاء: لطالما كان الشتاء ببرودة طقسه وظلمة أيامه مصدر سبات لكثيرين في السّويد حيث تزداد المشاعر السلبيىة لديهم إلا أنه وبنفس الوقت مصدر جمال وتمتع ببياض الثلج وحميمية الحياة فيه لآخرين.
كثيرون قدموا من بلاد الشمس حيث الحرارة المرتفعة والأيام المشمسة متلهفين لرؤية نصاعة بياض الثلج ونقائه إلا أنهم سرعان ما شعروا ببرودة الأيام ورتابتها فمنهم من جلس خلف نافذته تاركاً حركة الحياة السريعة خارجاً ليبني عالمه الخاص المحاط بذكرياته القديمة رافضاُ واقعية الحياة الحاضرة، ومنهم من ترك ذكرى ذكرياته الجميلة في مخيلته فقط لينهض ويحاول بناء حياته الواقعية الجديدة بكل تفاصيلها محاولاً الاطلاع على طريقة حياة السويديين وفعالية نشاطاتهم رغم قساوة البرد.
كيف يقضي الناس أوقاتهم مع برودة الشتاء؟
بعضهم من يجد أن ممارسة الرياضة اليومية يجدد الروح وبعضهم من يغتنم الفرصة لمتابعة عروض السينما أو التلفاز وكثيرون يحاولون البقاء خارجا أطول مدة ممكنة للتواصل مع الآخرين ولقائهم فيقومون بالتسوق او يحتسون فنجان القهوة معاً.
تخبرنا سناء توبراق وهي إحدى المتطوعات في الصليب الأحمر في منطقة فوشهاغا عن تجربتها الطويلة في بلاد الاغتراب فتقول: لم تخلو سنواتي الأولى في السويد من الصعوبات التي تواجه كل قادم جديد كاللغة والاندماج والطقس البارد إلا أن ذلك لم يمنعني من محاولتي في التغلب على كل تلك الصعوبات وحقيقة إن ما شكل لي حافزاُ للنهوض كان عامل الأمومة الذي دفعني للسعي في تنمية شخصية أطفالي وبناءها بما يتوازن مع المجتمع السويدي فكنت اصطحبهم لممارسة الرياضات الشتوية على الرغم من الطقس البارد وعلى الرغم من عدم معرفتي بها إلا أنني كنت أبقى برفقتهم محاولة التعرّف على كل جديد في المجتمع.
تقول سناء كنت أفكر دوماً بأنني لو بقيت في البيت واستسلمت لبرودة الطقس فكيف سأستطيع رؤية الناس والتواصل معهم لذلك كان الحل أن أرتدي ما يقيني البرد وأخرج لأتمتع بجمال الثلج واحتفل مع عائلتي كباقي أفراد المجتمع بجميع الأعياد، فأشارك مع أولادي باحتفالات اللوسيا وأقوم بشراء هدايا العيد لهم كباقي الأطفال وأعلق زينة الشجرة في البيت ليشعر أطفالي أنهم جزء من هذا المجتمع الذي يحتفل خارجا وبالطبع كل هذا لم يمنعني من زرع عاداتنا وتقاليدنا الموروثة في شخصياتهم وإنما بشكل متوازن ومتناسب مع المجتمع.
الأعياد والغربة:
لقد حان وقت الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة إلا أن التعوّد على الاحتفال بالعيد في بلد جديد لا يعدّ بالأمر السهل ناهيك عن الشوق للاحتفال بالعيد في البلد الأم.
تقول سارة هيدرينوس وهي مستشارة في الدّعم النّفسي والاجتماعي في الصّليب الأحمر: يمكن أن تكون هذه الاحتفالات مؤلمة نوعاً ما للناس في بلاد الاغتراب لأن الشوق للوطن الأم يزداد في هذه المناسبات، وخاصة ان الاحتفالات تحمل طابع اجتماع العائلة وممارسة الطقوس والعادات الخاصة بها وتذوق الأطعمة التقليدية، فعندما يحين وقت الاحتفال في بلد جديد تبدأ الذاكرة بالتنشّط مبتكرة أموراً جديدة كما يبدأ الشوق للذكريات القديمة بالتزايد وخاصة أن الشعور بالأمان مرتبط عند كثيرين ارتباطا ً وثيقاً بطفولتهم.
تقدّم لك سارة النصائح التالية للاحتفال بالعيد في بلد جديد:
_أوجد توازناً بين القديم والجديد.
_تعرّف على تقاليد البلد الجديد وحاول تذوّق أطباق جديدة من الطعام وشارك في احتفالاته.
_حافظ على ما تعتبره مهماً من عادات وتقاليد بلدك كتحضير الأطعمة التقليدية مثلا أوغيرها من الأمور.
هكذا تستطيع أن تخلق تقاليد جديدة تشمل تقاليد بلدك الأم ومنكهة بعناصر جديدة من السويد.
الصليب الأحمر والأعياد
اعتاد المتطوعون في الصليب الأحمر خلال أيام الأعياد جمع أكبر قدر ممكن من التبرعات للناس المحتاجة والمتضررة من الحروب والأزمات في دول مختلفة إيمانا منهم بالعمل الإنساني وضرورة الشعور بالآخر.
إن مراكز الصليب الأحمر لا تخلو من النشاطات والفعاليات التي يقيمها المتطوعون خلال الأعياد والتي يشارك بها عدد كبير من القادمين الجدد وعن إحدى هذه النشاطات تكلّمنا صوفيا لاكيرستين وهي متطوعة في الصليب الأحمر في استوكهولم فتقول: نحن كمتطوعين نقوم بالتعاون مع جمعية خبسهولم كوردن Skeppsholmsgårdenبإقامة نشاط تحت اسم سوق الميلاد (julmarknad) حيث يستهدف النشاط الشباب الذين قدموا دون ذويهم إلى السويد ويركزعلى الحرف اليدوية كتعليم الحدادة وكيفية صناعة الطائرة الورقية وعدة أشياء أخرى وهدفنا من ذلك هو مشاركة الشباب وإظهار أنهم فاعلين في المجتمع وليسوا فقط متلقين وبإمكان الجميع الحضور وشراء ما صنعه الشباب كما بإمكان الجميع شراء القهوة والمشاركة بالنشاطات التي ستقام خلاله وبالطبع فإن ريع النشاط يعود لإقامة نشاطات مختلفة لهؤلاء الشباب.
إن منظمة الصليب الأحمر السويدية تقدم لكم التبريكات بمناسبة الأعياد وتتمنى لكم سنة جديدة ملؤها البهجة والفرح.
تستطيعون معرفة المزيد عن الصليب الأحمر السويدي على الرابط: