العنزي: 9 سنوات في السويد والهجرة لا تمنحه الإقامة ولا تستطيع طرده

: 11/26/19, 3:09 PM
Updated: 8/5/24, 11:04 AM
العنزي ( خاص بالكومبس)
العنزي ( خاص بالكومبس)

الكومبس – تحقيقات: فالح فرحان عبد النبي العنزي، مواليد سنة 1995، شاب عربي بلا وطن (عديم الجنسية)، أو “بِدون” كما يُطلق عليهم في الكويت. وصل الى السويد في الخامس عشر من شهر أغسطس/آب سنة 2012، طلباً لحق اللجوء الإنساني، مستقراً في مدينة مالمو.

يتحدث فالح عن
تفاصيل مشكلته لـ “الكومبس”، قائلاً: “لم أكن جاوزت بعد السابعة
عشرة من عمري لدى قدومي إلى السويد. تقدمت بطلب لجوئي إلى مصلحة الهجرة، ثم انهمكت
بدراسة اللغة السويدية حتى قبل صدور القرار، منهياً جميع مستوياتها لمرحلة (إس إف
إي) في أقل من 9 أشهر، غير أن القرار صدر قاضياً برفض طلبي وترحيلي خارج البلاد.
كنت آنذاك قاصراً كما أسلفت، أعاني اعتلالاً صحياً مزمناً نتيجة إصابتي المبكرة
بداء السكري، ناهيك بوضعي القانوني غير الإنساني الذي جعلني غريباً فاقداً لحقوقي
حتى داخل بلدي الأصلي، لذا حاولت استئناف القرار ثلاث مرات متتالية، لكن مسؤول ملف
قضيتي ظل متشبثاً بحكمه.

“الكويت ترفض استقبالي”

لما حاولت
مصلحة الهجرة ترحيلي إلى بلدي، تفاجأت بدولة الكويت ترفض استعادتي أو حتى مجرد
الاعتراف بي مواطناً لديها، فأبلغوني أن القرار سيبقى سارياً مع وقف تنفيذ الترحيل
إلى حين النظر في قضيتي مجدداً بعد عدة سنوات، أو حدوث تغيير في الأوضاع السياسية
داخل الكويت.

عبرت لهم عن مدى استيائي نتيجة هذا القرار
المجحف، مطالباً منحي حق الإقامة الدائمة، كونهم غير قادرين على ترحيلي من السويد،
أو إعادتي إلى الكويت، أو حتى إيجاد أية حلول بديلة أخرى، إلا أن احتجاجاتي لم تلق
بينهم آذاناً صاغية كعادتها.

حتى عندما قررت
عدم الاستسلام لليأس والاعتماد على نفسي لتحسين ظروفي، ساعياً للحصول على فرصة عمل
في أكثر من وظيفة، أو متقدماً للحصول على إذن بالزواج ناشداً بذلك ونيساً أليفاً لغربتي،
كان الرفض نصيبي منها جميعاً بدعوى أني لا أحمل جواز سفر يثبت هويتي.

“غادرت الى آيسلندا لكن السويد استعادتني من جديد”

سنة 2017، على
وقع قرار رفض وإبعاد ثاني نلته من مصلحة الهجرة عَقِبَ تقدمي بطلب اللجوء الأخير،
حزمت أمري على الرحيل من تلقاء نفسي، فسافرت إلى جمهورية آيسلندا. هناك أبلغني
موظفو مصلحة الهجرة الأيسلندية حقي في تقديم طلب لجوء داخل بلادهم، شريطة ألا
تطالب السويد بعودتي إليها وفق ما تقضي بنود اتفاقية دبلن.

لم يكن لدي شك
لحظة واحدة أن مصلحة الهجرة السويدية التي طالما أرادت الخلاص مني ستبالي مقدار
ذرة باستعادتي، فبدأت ترتيب أموري في آيسلندا على اعتبارها ستغدو موطني ومستقري
الدائم. إلا أني فوجئت يوماً بقدوم بعض عناصر جهاز الشرطة الأيسلندية إلى محل سكني
وإبلاغي ضرورة مرافقتهم إلى المطار حتى يتسنى ترحيلي إلى ستوكهولم بناء على طلب
صادر من مصلحة الهجرة السويدية.

فور وصولي
ستوكهولم، سارعت إلى أقرب فروع مصلحة الهجرة أعلمهم بقدومي وكلي فضول لمعرفة ما
سيصنعون معي، فما كان منهم إلا أن قاموا بأخذ بصمات أصابعي من جديد وإبلاغي أنهم
لا يملكون سكناً لي حالياً، لذا ينبغي علي تزويدهم بعنوان بريدي ما يستطيعون
مراسلتي عليه، ثم أمروني بالانصراف وانتظار قرار أو بريد منهم.

” لماذا يحرص السويديون على استعادتي ما داموا لا يرغبون أصلاً في وجودي ويعتزمون ترحيلي”؟

سنة 2019،
وصلني قرار ثالث وأخير بالرفض والترحيل، استأنفت بعده مرتين دون جدوى، كما رفضوا
منحي فرصة التقدم باستئناف ثالث حسبما جرت العادة. بت اسأل نفسي في حيرة: لماذا
يحرص السويديون على استعادتي ما داموا لا يرغبون أصلاً في وجودي ويعتزمون ترحيلي؟

الأمر الذي أضر بحالتي النفسية والبدنية كثيراً، مؤدياً إلى ارتفاع معدلات السكر
في دمي بشكل مستمر ودخولي المستشفى عدة مرات.

مؤخراً استعنت
بخدمات محامي مختص على حسابي الشخصي، ثم قمت وفق نصيحته بعرض قضيتي على المحكمة
الابتدائية كآخر فرصة لي، أملاً في نيل قرار إيجابي، يراعي هذه المرة حالتي
الإنسانية أيضاً، لا وضعي القانوني فقط.. ولا زلت أنتظر الرد”.

“خسرت 9 سنوات من عمري”

ويختم فالح:
“مضى على وجودي اليوم في السويد 9 سنوات كاملة، قضيتها من عمري وصحتي وشبابي،
فقدت خلالها جُل أحلامي وطموحاتي واستقراري النفسي التي جئت أملاً في تحقيقها، كما
حُرمت أبسط حقوقي الإنسانية في العمل والسكن والزواج والدراسة الجامعية نتيجة وضع
لم أختره يوماً ولا حول لي في تغييره.

أقصى ما
أتمناه، أن يصل ندائي هذا إلى مسامع السلطات السويدية المختصة، أو مسؤولي مصلحة
الهجرة ويلقى في قلوبهم وقعاً، لعلهم يرأفون بحالي ويساعدوني على حل مشكلتي، بمنحي
حق الإقامة الدائمة في بلادهم، لأعيش حياة طبيعية كريمة مثل بقية البشر، وفق ما
تقتضي نصوص قانون الأجانب السويدي، أو اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق
اللاجئين وبروتوكولاتها التي تعد السويد إحدى أوائل الدول الموقعة عليها.

أما إبقائي معلقاً
بانتظار مصير مجهول دون أي أمل في فرج قريب، مشاهداً حياتي تُهدر يوماً بعد يوم،
استناداً إلى قرار عبثي غير مسؤول أو قابل للتطبيق، فهذا أمر لا يليق بمقام بلدٍ
طالما اعتبرته دول العالم الأخرى مثالاً يحتذى في مجال حقوق الإنسان مثل السويد.. وإلا
أسقطوا بصمتي ودعوني أبحث عن فرصة لجوء في بلد أخر يقبلني لأريحكم مني
“.

عمر سويدان – قسم التحقيقات

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon