المحامي مجيد الناشي يروي للكومبس تفاصيل جريمة قتل الشاب يزن علوش وكيفية سير المحاكمة
الكومبس – خاص: لم يكن يتوقع الشاب يزن علوش أو أحداً من أفراد عائلته أن ينتهي سعيه لتأمين حياة آمنة ومستقبل أفضل في السويد بعيداً عن الصراع الدائر في بلده سوريا إلى فقدان حياته بسبب نشوب صراع بين مجموعة من المراهقين الشباب.
في إحدى ليالي شهر أيلول/ سبتمبر وبينما كان يزن يقضي وقته بالاستمتاع مع عدد من رفاقه في إحدى ساحة مدينة سودرهامن وخلال طريق عودتهم إلى منازلهم، حدث شجار بينهم وبين مجموعة من الشباب السويديين قرب موقف حافلات النقل العام في المنطقة.
وشاهد يزن مجموعة من الشبان تهاجم صديقه عزيز عند موقف الباص القادم من ناحية “يوسنا” حيث يعيش يزن وعزيز، عندها قام يزن بالتدخل ليفصل بين صديقه ويخلصه من الاعتداء، وأثناء الشجار تلقى يزن طعنة بآلة حادة، أدت إلى وفاته، أما عزيز فأصيب بإصابات حيث تم نقله إلى المستشفى على إثرها، ومن ثم أصبحت حالته الصحية جيدة وتماثل للشفاء.
“مأساة حقيقية”
ويروي محامي عائلة يزن مجيد الناشي في حديث صحفي مع الكومبس تفاصيل وقوع الحادثة وكيفية سير أحداث المحاكمة، ووسائل تفادي تكرار مثل هذا النوع من الحوادث.
يقول مجيد إن يزن قدم للسويد بعد وصول اثنين من إخوته الكبار، وكان عمره آنذاك حوالي 17 عاماً، وبعد حصوله على تصريح الإقامة بدأ بإجراءات لم شمل عائلته، وبالفعل فقد تمكنت عائلته من الوصول للسويد في شهر آب/ أغسطس من عام 2015، وبعد حوالي أربعين يوماً من تاريخ قدومهم تعرض لحادثة مأساوية أودت بحياته، وهو ما خلق ألماً كبيراً ومأساة حقيقية للعائلة.
ويضيف أن يزن ذهب في إحدى الليالي لحضور حفلة مدرسية مع اثنين من رفاقه أحدهم يدعى عزيز، وخلال الحفلة دخل عزيز في جدال معه شاب سويدي كان موجوداً أيضاً في الأمسية، وبعد انتهاء الحفلة التقى الشباب الثلاثة العرب مع مجموعة من السويديين يتراوح عددهم بين 10 و15 شخصاً قرب أحد مواقف حافلات النقل، حيث نشب خلاف رئيسي وكبير بين عزيز والشاب السويدي، ومن ثم بدأ الشجار والعراك بين الشباب العرب الثلاثة و4 أو 5 شباب سويديين، وفجأةً يقوم أحد الشباب السويديين بسحب يزن ويطعنه طعنة قاتلة أودت بحياته على الفور.
وحول مجريات سير المحكمة، أوضح المحامي أن جلسات المحاكمة بدأت تقريباً في 21 كانون الأول/ يناير الماضي، حيث تم الاستماع لشهادات جميع شهود العيان والأخصائيين الذين ترغب المحكمة بأخذ تحليلهم بعين الاعتبار.
“فرق بين سبب الحادثة وما يمكن إثباته”
وبحسب المحامي مجيد فإنه وفقاً للقانون السويدي يجب الأخذ بعين الاعتبار وجود فرق كبير جداً بين سبب المشكلة، وبين ما الذي يمكن إثباته في المحكمة، وبمعنى آخر إذا أردنا النظر للقضية من منطلق شباب سويدي ضد شباب عربي، فالأمر سيبدو للوهلة الأولى أن الحادثة عنصرية، لكن المدعي العام عندما يقيم دائماً تفاصيل القضية يركز في الأساس هل مجموعة من العوامل أهمها، هل يرفع القضية كجريمة قتل فقط أو جريمة قتل لسبب عنصري.
ويتابع “علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الأمر التالي، إذا أنا كمحامي للضحية ركزت على أن الحادثة هي قضية عنصرية، ولكن محامي الدفاع استطاع أن يثبت أن عكس ذلك، فبهذه الحالة يمكن أن نضعف موقفنا أي نضعف سبب قضية القتل بشكل عام، لذلك أنا أحاول التركيز على قضية القتل فقط، لأنني في هذه الحالة أستطيع ضمان حصول المتهم على حكم قضائي يدينه بارتكاب جريمة القتل، أما موضوع إثبات أن سبب الحادثة هو عنصري فهو أمر صعب جداً، بسبب عدم وجود شيء ملموس ممكن أن نشير له، أي أننا لا يمكن أن نثبت مثلاً أن هؤلاء الشباب المتهمين ينتمون لحزب سفاريا ديمكراتنا ذات التوجهات المعادية لذوي الأصول الأجنبية في المجتمع، خاصةً وأن الخلاف لم يبدأ أبداً على أساس هذا المبدأ، أي “أنتم أجانب ونحن سويديون”، ولكن الشعور العام يدل بشكل واضح على أن هناك طرفين أحدهم أجنبي والآخر سويدي”.
“المتهم ينكر”
أما فيما يتعلق بأسباب ودوافع المتهم حول إقدامه على قتل يزن، فقد أوضح المحامي أن المتهم الرئيسي ينكر أنه قتل يزن عن عمد، ولذلك لا يمكن معرفة دافع الجاني لارتكاب الجريمة، حيث يقول إن الحادثة وقعت بشكل خاطئ، وخلال شجاره مع الضحية انغرست السكين في بطنه بدون قصد.
ويبين أن المدعي العام يعمل حالياً على إثبات أن القضية هي حادثة قتل، وبالتالي فهو يركز على إثبات الجريمة وليس الدافع، مشيراً إلى أن النظام القانوني في السويد يختلف مثلاً عن النظام الأمريكي فعلى سبيل المثال دافع الجريمة هو المهم في أمريكا، بينما في السويد القصد هو الأهم أي هل هناك قصد لارتكاب الجريمة أو لا؟ ولذلك لا يهم النظام القضائي السويدي فيما إذا كان هناك دافع للجريمة أم لا.
أحكام السويد للقاصرين خفيفة
ويتوقع المحامي بحسب خبرته ونظرته للقضية أن يكون على الأرجح قرار المحكمة النهائي حول توصيف الجريمة إما قضية قتل أو قتل مع أسباب مخففة وفقاً لتوصيف القانون الجنائي السويدي، وبما أن الجاني والضحية هم من فئة الشباب القاصرين فللأسف الأحكام تكون مضحكة في مثل هذه الحالات، وبالتالي من غير الممكن تحديد مدة سنوات العقوبة، ووفقاً للمؤشرات فإن فترة العقوبة ستكون لسنوات قليلة فقط، في حين لو كانت القضية متعلقة بالبالغين فمن المحتمل أن يصدر حكم مؤبد ضد الجاني، لكن من المعروف أن أحكام النظام القضائي السويدي ضد الجناة من فئة القاصرين هي أحكام خفيفة جداً.
أهل الضحية
يصف المحامي مجيد وضع أهل الشاب يزن بأنهم مدمرين نفسياً وهم في حالة صعبة جداً ومصيبتهم كبيرة، لاسيما وأنهم حاولوا الهرب من سوريا من أجل أن ينقذوا حياة أولادهم لكنهم في النهاية خسروا ابنهم بعد أيام معدودة فقط من لمَ شمل أفراد العائلة مع بعضهم البعض.
ويضيف أن عائلة يزن تتمنى بشكل كبير أن يتم تعزيز مفهوم الوعي لدى الشباب وعائلاتهم حول المخاطر الكثيرة التي يواجهها المراهقون خاصةً عندما يخرجون في الليالي لوحدهم، حيث من الممكن أن يصبح الشاب ضحية شيء هو في الأساس لا علاقة له بالأمر ولا ذنب له سوى أنه وجد في المكان الخاطئ.
ويحرص المحامي مجيد على التأكيد على ضرورة وأهمية أن يكون هناك اضطلاع واسع لدى القادمين الجدد على الوضع والنظام القانوني السويدي، وذلك لهدف ضمان أن لا تخسر الناس حقها الذي يكفله القانون للجميع، مشيراً إلى أنه في حال اعتبرنا أن كل القضايا والحوادث المشابهة هي ذات خلفية عنصرية فنحن بهذه الطريقة سنساهم في زيادة تفاقم المشاكل العنصرية وتغذية فكرة الانتقام.
وبحسب وجهة نظر المحامي مجيد فإن الحل هو في تعزيز التوعية في المجتمع ونبذ ظاهرة خروج الشباب للشوارع وهم يحملون سكاكين أو أدوات حادة، مبيناً أن هذه القضية تعتبر مشكلة المجتمع بأكمله وليس مشكلة الشباب فقط، ولذلك فإن التوعية يجب أن تكون موجودة لدى الجميع وبدون استثناء سواء كانوا سويديين أو أجانب أو قادمين جدد، حيث من المهم جداً العمل على تنبيههم من المخاطر المحتملة نتيجة حمل سلاح من هذا النوع والنتائج الخطيرة المترتبة عليها.