تجربة المفتش البيئي العراقي وسام إسكندر: الإهتمام بالبيئة لا زال “غريباً” في ثقافة العديد من المهاجرين
الكومبس – خاص: يُعتبر العمل في مجال البيئة بالسويد، واحداً من أهم الوظائف التي قد لا يكون الحصول عليها سهلاً، للمهاجرين الذين لم يمض على وجودهم في السويد، فترة طويلة نسبيّاً. لكن واقع الأمر مختلف بالنسبة الى وسام إسكندر الذي يعمل مفتشاً بيئياً Miljö inspektör في بلدية Trollhättan.
يقول إسكندر لـ “الكومبس” وهو يتحدث لها عن تجربته في هذا المجال: “واجهتني الكثير من المعوقات والتأخير في الحصول على عمل في هذا المجال، الا أنني قررت مع نفسي عدم الإستسلام لها والمضي قدماً بتحقيق ما جعلته هدفاً لي، فكانت النتائج مُبشرة”.
وصل إسكندر وهو من أصول عراقية الى السويد، أواخر عام 2007، وهو يحمل شهادة بكالوريوس في الهندسة البيئية من الجامعة المستنصرية، وماجستير علوم وإدارة البيئة من الجامعة الأردنية، لكنه لم يقف عند هذا الحد، بل أكمل دراسته في السويد، فحصل على شهادة الماجستير في الغلاف الجوي من جامعة يوتوبوري في العام 2013.
ورغم ما يملكه من شهادات وخبرات، الا أنه في البداية لم يجد الطريق سالكة أمامه بسهولة في الحصول على عمل، خاصة في هذا المجال، الذي يتطلب مهارات إضافية للحصول على موطىء قدم فيه، ورغم ذلك لم يستسلم للأمر ولم يعرج الى دراسة إختصاص آخر أو سلوك مسار عمل مغاير، فشغفه بالبيئة والحفاظ عليها، ألهمه صبراً في التعامل مع المعضلات.
يقول، إن عمله كمفتش بيئي، يتطلب منه حماية البيئة من النفايات الخطرة وما تخلفه المعامل الصناعية وورش تصليح السيارات وأماكن غسلها من ملوثات سامة، قد يكون لها تأثيرات فتّاكة على البيئة وعلى صحة الإنسان، حيث يهدف العمل ضمن هذا القسم الى السيطرة على كمية المواد الكيمياوية التي تخلفها الأنشطة التجارية والصناعية.
ويوضح، أن التفتيش البيئي ليس عملاً رقابياً فقط بل يعمل على تنظيف البيئة وتحسين جودتها وبالتالي الحفاظ على حياة الإنسان والمخلوقات الحية الأخرى، ثم يأتي الدور الرقابي الذي لا يسمح لأصحاب المصالح والمصانع بالتأثير على البيئة أو الإنسان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
التعامل مع ثقافات مختلفة
ليست الخبرات المهنية والإمكانيات العلمية هي ما يتطلبه العمل في مجال البيئة فحسب على رغم أهميتها، بل أن يكون الشخص على دراية كافية بالتعامل مع ثقافات مختلفة، كي يتسنى له الحديث الى أصحاب المصالح، أصحاب المطاعم وأكشاك بيع الوجبات السريعة والتوجه إليهم بخطاب تربوي وتعليمي، الهدف منه ليس فرض العقوبات او الغرامات المالية، قدر ما هو الكشف عن الأخطاء والتوعية بالاضرار البيئية التي يمكن أن يخلفها ذلك.
يقول إسكندر، إن علم البيئة لا يزال علماً حديثاً نسبياً وغير متداول في ثقافات الكثير من البلدان الشرقية والشرق أوسطية، رغم وجود جامعات تدرس هذا العلم فيها، لذا فأنه لا غرابة بأن الكثير من أصحاب المطاعم وأكشاك الطعام السريعة على الطرق وكثيرهم من أصول أجنبية لا يعلمون الكثير حول طرق الحفاظ على البيئة وما يمكن أن تسببه بقايا نتاجاتهم من تأثير فعلي خطير، كما قد يكون البعض منهم على عدم معرفة بالقوانين البيئية المعتمدة في السويد، التي تولي هذه المواضيع إهتماماً خاصاً.
ويلفت الى إمكانية الإتصال بإدارة البيئة، القسم الموجود في جميع بلديات السويد والسؤال عن القوانين البيئية والمزيد من التوضيحات والتفسيرات التي يحتاج الفرد الى معرفتها، مشيراً الى ما في ذلك من دليل على الوعي البيئي الذي يملكه الفرد في الحفاظ على المدينة التي يعيش فيها خضراء وصحية.
صعوبات
ويرى إسكندر، أن الصعوبات التي يواجهها اللاجئ لا تقتصر فقط على تعلم اللغة أو الحصول على عمل، رغم أن تلك من الأمور الأساسية والهامة جداً، بل أن هناك تحديات أخرى قد يواجهها الشخص في العمل ذاته، تقوم على أساس إختلاف بيئة العمل بين ما إعتدنا عليه في بلداننا وما هو عليه الحال في السويد، بالإضافة الى الإختلافات الثقافية، تلك التي تتطلب من الفرد قدر لا يُستهان به من التصرف بحكمة وصبر.
يقول إسكندر: ساعدتني معرفتي السابقة بالإختلافات الموجودة بين مجتمعاتنا والمجتمعات الأوربية في تقديري تلك الفروقات، سواء في العمل أو في الحياة الإجتماعية، الأمر يحتاج الى نوع من الحكمة في التصرف بأجواء العمل والتأني والهدوء في ردود الأفعال والتصرف مع المواقف المحرجة والمتشنجة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فاللغة القانونية “الصعبة جداً” التي يتطلبها العمل في القسم البيئي الذي يعمل فيه إسكندر، لا زالت إحدى الصعوبات التي تواجهه، رغم الجدارة التي أثبتها وثقة المسؤولين به.
وكحال الكثير من المهاجرين، لم يكن الطريق سالكاً أمام إسكندر في حصوله على عمل، لكنه تمكن من ذلك من خلال برنامج Vägen till arbete التابع لبلدية ترولهاتن وبالتنسيق مع مكتب العمل، حيث بدأ مشواره بالتدريب في قسم البيئة لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يحصل على العقد.
ويرى إسكندر، أن التوعية في مجال البيئة مسألة متبادلة، وليست بإتجاه واحد، تتطلب تجاوباً من المواطنين. لافتاً الى أن غالبية الشكاوى التي تصل قسم البيئة في بلديته تكون من السويديين وليس من المنحدرين من أصول أجنبية، لجهة عدم معرفتهم بالقوانين البيئة أو ربما عدم إهتمامهم بذلك، رغم ما في الموضوع من أهمية.
ويشجع إسكندر على ضرورة التواصل ومحاولة فهم علم البيئة لأنه أكثر الأمور التي تمس حياتنا بشكل يومي، سواء على المديات القريبة أو البعيدة.
لينا سياوش
الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر