جميلة تدمر وزنوبيا في معرض بكوبنهاجن
الكومبس – كوبنهاغن: السيدة التي تظهر في الصورة أعلاه، هي أمرأة تدل هيئتها على كونها إحدى نبيلات تدمر، و التمثال النصفي أكتشفه عالم اثار دنماركي في تدمر في القرن العشرين. عندما تنظر الى صورة السيدة في التمثال تجد أن لها جاذبية عالية كونها تظهر بفخامة وأناقة متزينة بحلي تخطف الأنظار.

في متحف ني
كارلسبيرغ غليبتوتيك في كوبنهاجن يقام معرض تحت عنوان (الطريق الى تدمر) للفترة من
20 سبتمبر/ أيلول ويستمر الى 1
مارس/ آذار، يعرض فيه نسخة الكترونية
بهيكلة تصورية لجميلة تدمر.
العرض يبين كيف كانت جميلة تدمر في الصورة
الملونة. ونجد أنهم عرضوا أيضا مكونات المواد التجميلية المستخدمة انذاك والاحجار
الكريمة التي ترصع تاجها وحليها, كحجر اللازورد, والأليزارين (وهو مركب عضوي
استخدم كطلاء للون الأحمر), ولأليزارين, والمُغْرَة (الحجر الذي
يستخرج منه اللون البني المصفر), وأبيض الرصاص, والفحم, والذهب.
في الوقت الذي تؤثر فيه العولمة
والهجرة والصدامات الثقافية في كافة ارجاء العالم, تلفت تدمر مرة أخرى أهتماما
شاسعا أذ انها واحدة من المجتمعات المتعددة الثقافات متمركزة في الصحراء السورية
بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط.
نظرا لموقعها, كانت تدمر ملتقي طرق
التجارة والقوافل وبالتالي كانت مركزا لتبادل السلع والثقافة بين الشرق والغرب. في
الوقت ذاته, كانت المدينة هي السور الخارجي للامبراطورية الرومانية من الشرق. بسبب
هذه الخلفية, أصبحت المدينة مكانا ساحرا للقاء الثقافات المتعددة. فقد جلبت قوافل
الحرير من الصين, والقطن والتوابل
والأحجار الكريمة والأصباغ من الهند, والعاج من افريقيا, واللبان من شبه الجزيرة
العربية, والنبيذ والمعادن والزجاج من الغرب.
مجد زنوبيا
وصف تدمر على مر الأزمان في النصوص اليهودية والعربية القديمة كان متمركزا على الملكية زنوبيا, والتي تم وصفها وتفسيرها في العصر الحديث أيضا في الأدب والفنون البصرية والموسيقى والأفلام. في المعرض, يمكن مشاهدة العديد من الأعمال الفنية المختلفة عن زنوبيا منذ أكتشاف المدينة في القرن الثامن عشر بواسطة الانجليزيين داوكينز و وود.

في الصورة أعلاه يعرض المعرض اللوحة التي رسمها الألماني هيربرت غوستاف شمالتز بعنوان
“زنوبيا تنظر الى تدمر للمرة الأخيرة”. وهي تمثل الملكة زنوبيا وهي تنظر الى تدمر تحترق لكنها لم ترضخ للذهاب الى روما, بل تلك الشامخة التي قررت أنهاء حياتها بكرامة على أرضها.
يبدو أن زنوبيا ودعت تدمر مرتين, مرة عند موتها, واخرى عندما دمرها تنظيم داعش الأرهابي في عام 2015, وبذلك يعتبر الأرث الثقافي هذا مهددا بالأنقراض. لذلك من كان بأمكانه القدوم لرؤية جمال تفاصيل حضارة تدمر بالأسراع, فهي تجربة فريدة من نوعها.
بلسم عبود – قسم التحقيقات ( كوبنهاجن)