حتى لا تتحول مبادرات توظيف القادمين الجدد إلى جعجعة بلا طحين
الكومبس: يجري الإعلان بين الحين والآخر عن مبادرات جديدة لمساعدة القادمين الجدد في الاندماج والانفتاح على المجتمع ولكن أكثر هذه المبادرات تركز على موضوع العمل وإيجاد الوظائف.
مبادرات يقوم بها وينظمها شركات ومؤسسات ومنظمات مختلفة، تنبهت الى أهمية الاستثمار في طاقات وقدرات هائلة يحملها معهم معظم اللاجئين والقادمين الجدد، ومع أن أغلب هذه المبادرات تهدف فعلا إلى تسهيل دخول هذه الموارد البشرية الجديدة الى سوق العمل بأقصر وقت وربما بأقل جهد، إلا أن هناك مبادرات تريد فقط ركوب الموجة والاستفادة الربحية السريعة من برامج قصيرة أو من دورات تدريبية وتعليمية مفعولها على الأغلب مؤقت، أو الاستفادة من الازدهار النسبي لسوق التوظيف والعمولات التي تدفع مقابل مهن معين ووظائف محدودة الوقت.
هذا إلى جانب إدراك البعض من الشركات، خاصة الكبرى للميزات العديدة التي يمكن الحصول عليها من قبل الدولة والدعاية الإيجابية في أوساط المجتمع، لمن يساهم في قضايا الاندماج وتأمين فرص العمل.
وسط كثرة هذه المبادرات وازدحامها قد لا يشعر اللاجئ أو القادم الجديد بأنه “مدلل” لهذه الدرجة والكل يريد مساعدته والأخذ بيده نحو بر الأمان الاجتماعي في الحصول على وظيفة، بل يمكن أن يشعر بأنه يشبه “السلعة” التي يريد البعض المتاجرة به.
خاصة أن عدد من المسجلين في مكاتب العمل بدأوا بفقد ثقتهم بهذه المؤسسة الحكومية وبالخدمات التي يقدمها، وهذا حكم للأسف فيه الكثير من الاجحاف والحكم المسبق وقد يكون نتيجة اليأس من الحصول على عمل مناسب أو حتى غير مناسب.
ومهما كثرت هذه المبادرات وارتقت إلى مستوى حاجة المتلقي لها، يبقى شرط قابلية واستعداد اللاجئ والقادم الجديد على مساعدة نفسه أهم من استعداده لتلقي مساعدات الآخرين.
مسؤولية اللاجئ والقادم الجديد هي في أن يعرف أولا ما الذي يريده من هذه المبادرات؟ وما هي قدراته على المشاركة بها؟ والأهم من ذلك ماهي توجهاته المستقبلية إلى سوق العمل؟
مساعدة اللاجئ والقادم الجديد على مساعدة نفسه وتقوية قواعد الاختيار لديه، أهم برأينا من أي مبادرة تخصصية، مع أن أي مبادرة يجب أن لا يستهان بها، ولكن الحديث هنا عن الأولويات.
لقد تميزت أغلب المبادرات التي تقوم بها الشركات الكبرى والمتوسطة في التركيز على اختصاصات معينة خاصة في مجال البرمجيات والاتصالات، حيث لا يعار أهمية كبيرة لإتقان السويدية في حال كان المستهدف من هذه المبادرة يجيد اللغة الإنكليزية المهنية خاصة.
وما قد يعتبر إيجابيا إلى درجة كبيرة انتباه مكتب العمل إلى أهمية مساعدة جيش كبير من المسجلين لديه باختصاصات مطلوبة من خلال تنظيم دورات تدريبية لتقوية فرص نجاحهم باختبارات الحصول على شهادات مزاولة المهنة خاصة في مجالات الرعاية الصحية والطبية.
وفي مقابلة أجرتها شبكة الكومبس مع يوويل هيلستراند، الموظف المسؤول في مكتب العمل عن دورة التأهيل لاختبارات الحصول على شهادة مزاولة مهنة الطبيب في السويد ودورة أخرى للممرضين، أكد المسؤول أن هذه الدورة التدريبية ستكون أفضل طريقة لتحضير الأطباء قبل تقديم امتحان مجلس الخدمات الاجتماعية Socialstyrelsen حول اختبار الكفاءة الطبية. وستركز هذه الدورة التعليمية على الجوانب النظرية انطلاقاً من الاعتماد على الحالات المرضية السريرية. وسيحصل المشاركون في الدورة على المساعدة في مجال الفحص التشخيصي الأمر الذي سيمكنهم من تحديد الفجوات المعرفية الخاصة بهم.
وخلال البرنامج التعليمي سيتمكن المشاركون من ممارسة قدرتهم على الاندماج المنهجي والنقد واستخدام المعارف، والتعامل مع الحالات المرضية والمعلومات العلمية وكذلك التحليل والتقييم ومعالجة الظواهر المعقدة والمشاكل والأوضاع في المجال الطبي. وستتضمن الدراسة ضمن البرنامج التعليمي أيضاً نوعاً من التمارين والممارسة العملية والحالات المرضية السريرية والزيارات الدراسية في مجال الرعاية الصحية.
توافق المبادرات مع احتياجات سوق العمل المستقبلية
من أجل نجاح أي مبادرة لتوظيف القادمين الجدد من المفيد أن تكون هذه الدورات شاملة على معلومات ووسائل تدريب تفيد المتلقي على تقوية خياراته، إضافة إلى اعتماد بعض المبادرات على ورش عمل ومحاضرات ومعارض تقرب بين أرباب العمل والباحثين عن الوظائف، وان تكون منسجمة مع متطلبات سوق العمل.
فقد نشر مكتب العمل قوائم أعدها حول فرص العمل الجيدة للأشخاص من حاملي شهادة تعليم ما بعد المرحلة الثانوية، وقوائم أخرى تخص حاملي الشهادات الجامعية، وذلك ضمن بيان شمل أيضا توقعات حول تزايد الوظائف في محافظة ستوكهولم بنحو 57000 فرصة عمل خلال عامي 2016 و 2017.
وأشار البيان إلى أفضل المجالات للحصول على فرصة عمل ضمن اختصاصات التكنولوجيا والحواسيب والهندسة التقنية والعلوم الطبيعية والرعاية الصحية والطبية والتعليم والبناء والتشييد، ومما جاء في البيان:
يوجد العديد من فرص العمل في ستوكهولم لاسيما في قطاع الخدمات التي لا تتطلب شروط ممارسة التدريب لمدة طويلة والتمتع بالخبرة المهنية الجيدة، كما أنها لا تقتصر فقط على الشباب والأشخاص الذين يتقنون اللغة السويدية. وخلال عامي 2016 و 2017 سيكون من الأسهل الحصول على فرصة عمل ضمن معظم مجالات الأعمال المهنية. ولكن مع ذلك فإن الفرص بشكل عام ستكون أفضل للمهن التي تنص على شروط تمتع الشخص بالتعليم والمعرفة والخبرة.
شهادة التخرج الثانوية تفتح الأبواب
ويوجد أيضاً فرص عمل جيدة في العديد من المهن المتعلقة ببرامج التدريب والتعليم المهني في مدارس المرحلة الثانوية، مثل الطباخين ومساعدي الممرضين والعاملين في الحرف المهنية المتعلقة بالبناء.
وقالت مديرة التسويق في مكتب العمل بستوكهولم وغوتلاند Pia Ackmark في بيان صحفي تلقت الكومبس نسخةً منه إن الاقتصاد في محافظة ستوكهولم قوي جداً وبالتالي فإن وظائف العمل حققت نمواً على نطاق واسع جداً، وهذا الأمر يوفر العديد من فرص العمل لأولئك الذين يرغبون في دخول سوق العمل.
وأضافت “لقد مضى وقت طويل جداً منذ آخر مرة رأينا فيها مثل هذه الاتجاهات الإيجابية في سوق العمل سواء بالنسبة للأشخاص الذين حصلوا على شهادة التعليم الثانوي أو أولئك الذين يتمتعون بشهادات التعليم ما بعد الثانوي. ولكن إنهاء وإتمام مراحل الدراسة الثانوية والحصول على شهادة تخرج التعليم الثانوي تعتبر شرط أساسي للحصول على فرصة عمل جيدة”.
وفيما يلي قائمة أعدها مكتب العمل حول فرص العمل الجيدة للأشخاص من حاملي شهادة تعليم ما بعد المرحلة الثانوية:
- هندسة البناء وعمال البناء الفنيين
- الهندسة المدنية والبناء والتشييد
- الهندسة الكهربائية وعمال الكهرباء
- مدرسو أوقات الفراغ، ومدرسو الحضانة، وممرضات الشيخوخة
- معلمو المرحلة الثانوية في مادة هندسة تقنيات المعلومات
- الأطباء
- معلمو مدارس المرحلة الأساسية
- برامج الحاسوب ومطوري الأنظمة التقنية والممرضات، والتعليم الأساسي، ورعاية الحالات الطارئة والعمليات الجراحية والطب النفسي والتصوير الشعاعي
- سكرتير الخدمات الاجتماعية
- هندسة التدفئة والسباكة والصرف الصحي
وفيما يلي قائمة أعدها مكتب العمل حول فرص العمل الجيدة للأشخاص ممن لا يحملون شهادات التعليم العالي:
- عمال البناء وعمال تشغيل آلات البناء
- ميكانيكي السيارات
- صانع ومركب ألواح الزجاج
- عمال بناء الصفائح المعدنية
- عمال بناء الأرضيات
- عمال التركيب
- الطباخ
- ميكانيكي شاحنات
- دّهان
- صانع القراميد
- الجزارين والقصابين
- التحكم والتقنيات التنظيمية
- عمال تركيب الأسقف
- عمال الأخشاب، والنجّار
- مساعد ممرض
- عمال السباكة والصرف الصحي
أما فرص العمل الجيدة والقليلة
- أعمال الإدارة والسكرتير
- موظف مصرف
- مساعد الشؤون الاقتصادية
- الباعة، والبقاليات ومتاجر بيع التجزئة
- عمال الأشغال الصعبة ضمن مجالات البناء والتشييد
- عمال تقنيات المعلومات
- عمال المستودع
- الرواتب ومساعدي الموظفين
- الناطور
- مساعد ممرض
وهكذا نجد أن المجتمع والحكومة في السويد يعطون أولوية كبيرة لموضوع العمل خاصة بما يخص القادمين الجدد، ولأن العمل ليس فقط يساهم في تأمين متطلبات الإنسان ويحفظ كرامته، بل لأن تأمين فرص عمل للكفاءات الجديدة يعد التحدي الأول لنجاح الاندماج واستيعاب الدفعات الكبيرة نسبيا التي وصلت إلى البلاد عن طريق اللجوء إلى جانب طبعا التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن نجاح أو فشل هذا التحدي.
Foto: Camilla Veide