حديث “نووي” مع الدكتور كاظم المقدادي:
خطر التلوث الإشعاعي يبقى لأجيال

: 8/19/15, 12:38 PM
Updated: 8/19/15, 12:38 PM

الكومبس – لقاءات: الصراع على السلطة والنفوذ هو جنوح فطري لدى الإنسان، رافقه على مر العصور والأزمان وأستمر معه إلى يومنا هذا، فسخر المنجزات العلمية والإبتكارات التكنولوجية والطاقات البشرية، لصنع أسلحة فتاكة مثل: (الأسلحة البيولوجية والأسلحة الكيميائية)، ولم يكتف بصنع الأسلحة القذرة، بل حول الإستخدام السلمي للطاقة النووية إلى إستخدام عسكري مدمر، فكانت (الأسلحة النووية)، التي تفوق قدرتها التدميرية كل ماسبقها من أسلحة فتاكة، وتصل تأثيراتها الإشعاعية إلى مساحات شاسعة، وتدمر السكان والطبيعة والبيئة، ويمتد ضررها إلى الأجيال القادمة، وقد عرفت هذه الأسلحة بـ (أسلحة الدمار الشامل) المحظورة والمحرمة دولياً.

ولمعرفة المزيد وتعميم الفائدة، وتزامناَ مع تداعيات الإتفاق حول الملف النووي الإيراني، فقد أحلنا بعض الأسئلة والأفكار، إلى الأستاذ الدكتور كاظم المقدادي، المتخصص بطب الأطفال وبطب المجتمع، المقيم في ستوكهولم، وهو باحث متخصص بالبيئة والصحة وبالتلوث الإشعاعي والأضرار البيولوجية لإستخدام أسلحة اليورانيوم.

كيف تنظرون إلى تاثيرات الأسلحة المحرمة دولياً، خاصة ما يعرف منها بأسلحة اليورانيوم، على البيئة في منطقة الشرق الأوسط، وهل لنا بتعريف مبسط لأسلحة اليورانيوم المنضب؟

أسلحة اليورانيوم من الأسلحة الحديثة، وتعرف بالذخائر المشعة، المصنعة من اليورانيوم المنضب، الذي هو نفايات نووية ناتجة عن عملية تخصيب اليورانيوم، تتميز بقدرة تدميرية هائلة، فعندما تخترق القذيفة الهدف وينفجر محترقاً، تتولد فوقه سحابة أو غيمة غبار مشع، مكون من جزيئات أوكسيد اليورانيوم، أي أن اليورانيوم المنضب يتحول عند الإنفجار، إلى مليارات مليارات من الجزيئات المجهرية لأوكسيد اليورانيوم، وهذه تنتقل عبر الرياح إلى مسافة عشرات الكيلومترات، فيتم التعرض لها عبر تنفس الهواء الملوث أو بلع غذاء أو شرب ماء ملوث بها، وكذلك عبر الإحتكاك بالأعتدة المضروبة، وهي أسلحة فتاكة، حيث ثبت علمياً صلة إنتشار الأمراض السرطانية والتشوهات الولادية وغيرها من الحالات المرضية غير القابلة للعلاج بإستخدام هذه الأسلحة، ولذا تتصاعد المطالبة بمنع إستخدامها وإنتاجها.

هل خفتت الأصوات المطالبة بمحاسبة المتسببين في الكوارث البيئية؟

في الواقع، لم تخفت الحملة المناهضة لأسلحة اليورانيوم، والدليل أن التحالف الدولي لحظر أسلحة اليورانيوم ومقره في لندن، قد جمع تحت لوائه أكثر من (168) منظمة من (34) دولة في العالم، وله يعود الفضل بطرح مشروع تحريم إستخدام وإنتاج ونقل وتخزين ذخائر اليورانيوم المنضب في الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة مرات، وصوتت لصالحه في اَخر مرة عام (2014)، أكثر من (150) دولة بزيادة فارقة عن الدورات السابقة (كل سنتين).

أما خفوت الأصوات المطالبة بمحاسبة المتسببين في الكارثة البيئية، ففي الحقيقة السبب الرئيس هو أن الجهات المعنية بالمحاسبة الدولية، لا تستجيب لمثل هذا الطلب، إلا إذا قدم من قبل الحكومة العراقية وهذه لم تقم رسمياً بمثل هذه الخطوة لحد الآن.

أما تأثر دول الجوار بيئياً بالخطر فهو تأثر كبير، إنعكس في تزايد الإصابات السرطانية وأمراض أخرى غير قابلة للعلاج، وقد نشرت وسائل الأعلام العربية معلومات غير قليلة عن الكويت والسعودية.

عندما يذكر السلاح النووي، يتبادر إلى الذهن الملف النووي الإيراني، فما هي خطورة هذا الملف، الذي تم الإتفاق حوله مؤخراً؟ ولماذا يتم التغاضي عمداً عن ذكر الملف النووي الإسرائيلي، ألم يكن خطراً هو الآخر؟

في الوقت الذي لم يثبت إمتلاك إيران لأسلحة نووية، يعرف القاصي والداني أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، وأكدت تقارير من داخل إسرائيل إمتلاكها لأكثر من (200) قنبلة ذرية، ومفاعل ديمونا النووي الأسرائيلي، يشكل بحد ذاته خطراً كبيراً على دول الجوار، مع هذا يتم فعلآ التغاضي عن الملف النووي ومخاطره على شعوب المنطقة، الأمر الذي، خلق بؤرة توتر دولي مزمنة، وسباق تسلح محموم في المنطقة.

الملف النووي الإيراني ما زال يكتنفه الغموض، وما تزال الأمم المتحدة تفرض عقوبات على طهران، في حين نفت إيران مراراً سعيها لحيازة السلاح النووي، وأكدت أن برنامجها النووي مدني الطابع، وتصر على أنها تقوم بتخصيب اليورانيوم لإستخدامه في إنتاج الطاقة الكهربائية وأغراض أخرى سلمية.

ويبقى التوتر قائماً، مادامت هناك دول يحق لها أن تمتلك الأسلحة النووية وأخرى لا يحق لها، وتمنع حق إمتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، والشرطي الدولي غير الشرعي هو الدول النووية العظمى، التي هي نفسها غير جادة بنزع السلاح النووي ومنع إنتشاره.

محمد المنصور

الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر

الكومبس © 2023. All rights reserved