حيدر حسين يُطرد من وظيفته ويتهم النقابة بالتقاعس: متى وكيف يمكن للنقابات أن تساعد المنتسبين لها؟
الكومبس – خاص: يتفاجأ بعض العمال والموظفين في السويد في حالات معينة، بقرارات فصلهم من وظائفهم من قبل أصحاب العمل دون سابق إنذار وتنبيه، رغم امتلاكهم عقود عمل، ويواجه البعض الآخر مشاكل متعددة مع أرباب العمل، ويدخلون في صدام حول مواضيع إشكالية متعددة منها ما يتعلق بالحصول على حقوقهم وأخذ تعويضاتهم المالية، وحرمانهم من امتيازات العمل وغيرها من الأمور.
وفي بعض الحالات يرى أصحاب العمل أن مطالبات العمال غير محقة، وتتنافى مع شروط العقد، وفي كل الأحوال هناك العديد من الأشخاص يُضطرون إلى التنازل عن حقوقهم وامتيازاتهم الوظيفية، نتيجة عدم معرفتهم بأهمية النقابات ودورها في حماية حقوق الموظفين والعمال في مختلف المجالات.
وبشكل عام يتميز نموذج العمل السويدي بوجود نقابات تنظم العلاقة بين العمال من جهة، وصاحب العمل من جهة أخرى، وتُعتبر الاتفاقيات بين النقابات واتحادات أصحاب العمل من أهم الأسس التي تنظم سوق العمل في إطار قانوني يكفل حقوق الجميع.
ولكن أين وكيف يحصل هذا الاصطدام بين أرباب العمل والموظفين والعمال؟ لعل حالة حيدر حسين تسلط الضوء على جانب من هذه المشكلة.
حيدر حسين: “النقابة التي من المفروض أن تساعدني وقفت ضدي”
حيدر حسين أحد العاملين السابقين في شركة خدمية لأعمال التنظيف والمساعدة، تحدث إلى شبكة الكومبس، حول المشاكل التي واجهته في العمل، وتقليص ساعات عمله إلى النصف، ثم صدور قرار من الشركة بفصله.
يوضح حسين أنه على الرغم من انضمامه إلى نقابة خاصة بالعاملين في مجال المطاعم والفنادق Hotell- och restaurangfacket ، إلا أن ممثل النقابة لم يحاول مساعدته أو الدفاع عنه أمام إدارة الشركة عندما فسخت العقد فجأة، مشيراً إلى أن ممثل النقابة برر قيام الشركة إبطال العقد، وحاول اقناعه بشروط الشركة بما يتناسب مع مصالحها.
عبَر حسين عن خيبة أمله من تصرف ممثل النقابة، الذي وعده بتأمين عمل آخر لكنه لم يفعل شيئاً، مبيناً أن النقابة بشكل عام لم تحاول الاتصال به ومساعدته في البحث عن عمل آخر.
وأضاف ” من المفروض أن تؤدي النقابة دور المحامي للدفاع عن حقوق أعضائها، ومعالجة المشاكل وتحسين الأوضاع المعيشية وتنفيذ مطالب العمال والموظفين، والعمل على تفادي النزاعات بين العامل وصاحب العمل”.
حسين لا يعرف الكتابة والقراءة، وهو لا يتقن السويدية بشكل جيد، مما جعله يقع في مشاكل مع النقابة، مثل رغبته بتقديم اعتراض مباشر لموظفة استعلامات النقابة حول طريقة تعامل الشركة معه وإلغاء عقده، وعدم دفاع ممثل النقابة عن حقوقه، إلا أن الموظفة رفضت الاعتراض مباشرة، وطلبت من حسين تطبيق قانون النقابة، وتقديم الاعتراض عن طريق الانترنت، لكن حسين رفض ذلك.
ويبقى السؤال: هل إصرار حسين على عدم تقديم الاعتراض عن طريق الانترنت وفقاً لقانون النقابة، سيؤدي إلى خسارته أكثر، وبالتالي سيفقد دعم النقابة كطرف يحاول تأمين حقوقه من صاحب العمل، ومساعدته في البحث عن عمل آخر؟
“النقابة تساعد العامل في حال ارتكب صاحب العمل خطأ قانونياً”
شبكة الكومبس التقت بالمسؤولة في المكتب الصحفي بنقابة المطاعم والفنادق Patricia Widergren وسألتها عن الشكوى التي قدمها حسين، وما هو دور النقابة في الحفاظ على حقوق العمال والموظفين؟
أوضحت باتريسيا ويديرغرين أن النقابة مهمتها مساعدة الأعضاء المنتسبين إليها في حال ارتكب صاحب العمل خطأ معين وقيامه بفسخ عقد عمل الموظف بدون سبب واضح، أما إذا قامت الشركة أو صاحب العمل بإلغاء عقد العامل وفقاً للقوانين والعقود المتفق عليها، فإن النقابة لا تستطيع أن تساعد العامل في هذه الحالة.
“نحاول تجنيب العامل خطر البطالة”
وذكرت ويديرغرين أن النقابة تساعد سنوياً عدد كبير من العاملين الذين يواجهون مشاكل مع أصحاب عملهم، وتحاول تقديم حلول تجنب العامل خطر البطالة، مبينةً أن العامل يجب أن يكون عضو في النقابة لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، حتى تستطيع النقابة مساعدته في المفاوضات مع رب العمل.
“نستعين بمترجمي اللغة لإعطاء المعلومات ومساعدة العمال الذين لا يعرفون السويدية”
وحول كيفية مساعدة أعضاء النقابة ممن لا يتقنون اللغة السويدية، ولا يعرفون حقوقهم النقابية، بينت مسؤولة المكتب الصحفي ويديرغرين أن العديد من العاملين في مجال المطاعم والفنادق يتكلمون لغات أخرى غير السويدية، ولذلك يوجد في النقابة موظفين يتكلمون أكثر من لغة لمساعدة العمال الذين لا يتقنون اللغة، بالإضافة إلى وجود بعض الحالات التي يتم فيها الاستعانة بالمترجمين، من أجل توفير المزيد من المعلومات اللازمة للأعضاء حول النقابة وحقوقهم النقابية.
دعوة الأعضاء لإبلاغ النقابة عن حالات الطرد والفصل من العمل
ودعت ويديرغرين عمال المطاعم والفنادق المنتسبين للنقابة إلى الاتصال والإبلاغ عن حالات الطرد من العمل وفسخ العقود بشكل غير قانوني، موضحةً أن النقابة مهمتها الأساسية حماية الأعضاء، وتأمين حصوله على شروط عمل جيدة وعادلة، مثال ذلك تفاوض النقابة سنوياً أصحاب العمل من أجل إعادة حوالي 10 مليون كرون، من مجموع تعويضات الفوائد وأجور العمال.
“دور النقابة Facket”
ويمكن القول إن فكرة تأسيس نقابات لكل من العمال وأرباب العمل، جاءت لتسهيل وضع العمال والموظفين، وتقديم مطالبهم إلى رب العمل، بشكل قانوني ومنظم، ومن أهم مهام النقابة السعي لرفع رواتب أعضائها وتحسين بيئة عملهم عبر سلسلة من المفاوضات ينتج عنها توقيع اتفاقات مع أصحاب العمل، ولذلك فإن معظم العمال والموظفين يختارون الانتماء إلى النقابات الخاصة بمجال عملهم.
على الرغم من الدور الكبير وأهمية الانتساب للنقابات، إلا أن الجدل لا يزال قائماً حول النقابات ودورها ومدى دفاعها عن حقوق أعضائها، فأهمية النقابة بالنسبة للبعض تنحصر في تحسين شروط وظروف العمل وحماية حقوق العامل، فيما يرى البعض الآخر أن عمل النقابة لا يقدم أو يؤخر شيئاً طالما أن صاحب العمل يستطيع فسخ العقد بشكل قانوني.
“لمحة تاريخية”
برزت الحاجة إلى تأسيس نقابات عمالية في السويد منذ بدايات عام 1800، وذلك بعد قيام العمال بتنظيم حركات احتجاجية وأعمال شغب، وبحسب بعض المؤرخين فقد تأسست أول نقابة في السويد عام 1846، وأطلق عليها نقابة المطابع السويدية، وفي عام 1898 تأسس اتحاد النقابات العامة “LO”، حيث ضم جميع النقابات الموجودة في السويد، ونظمها بشكل قانوني، ويقدر عدد المنتسبين لمختلف النقابات العمالية بنحو 70% من عدد العاملين في السويد.
وتبقى حالة حسين نموذج في طريقة التعامل مع النقابات وفهم حقوق الموظفين والعمال ودور النقابات إجمالاً في الدفاع عن حقوق المنتسبين إليها خاصةً وأن هناك من لا يؤمن بأهمية ودور هذه النقابات خاصةً من القادمين الجدد بسبب تجارب سابقة في أوطانهم.
الكومبس ترحب بتلقي رسائلكم حول حالات أخرى.
نهيل كورية