الكومبس – خاص: فيما يتراجع الدعم الأوروبي للضربة العسكرية الأمريكية المحتملة لسوريا، لا تزال الدنمارك من الدول المحافظة على "وفائها" للحليف الأمريكي، كما حصل في حروب دولية أخرى، في أفغانستان والعراق وليبيا. ويبدو أن البرلمان الدنماركي يتقدم على الكونغرس الأمريكي نفسه في عدم ممانعته بالقيام في توجيه ضربة عسكرية لسوريا بدون موافقة الامم المتحدة
الكومبس – خاص: فيما يتراجع الدعم الأوروبي للضربة العسكرية الأمريكية المحتملة لسوريا، لا تزال الدنمارك من الدول المحافظة على "وفائها" للحليف الأمريكي، كما حصل في حروب دولية أخرى، في أفغانستان والعراق وليبيا. ويبدو أن البرلمان الدنماركي يتقدم على الكونغرس الأمريكي نفسه في عدم ممانعته بالقيام في توجيه ضربة عسكرية لسوريا بدون موافقة الامم المتحدة.
لكن هذا الحرص الدنماركي على "مساعدة" السوريين من خلال إرسال صواريخ إلى بلادهم، لا يتناسب مع المعاملة التي يجدها طالبو اللجوء السوريين في الدنمارك، كما يقول ماجد، لـ " الكومبس " وهو أحد اللاجئين السوريين في مراكز اللجوء بالدنمارك، منذ بدء الاضطرابات في بلاده، بعد أن رفضت السلطات الدنماركية طلب لجوئه عدة مرات.
الكومبس مع اللاجئين في الدنمارك
يقول ماجد متشائما وبلهجة المحبط من طول انتظار الحصول على إقامة : " أفكر أحيانا بالعودة الى سوريا، واعتبر أن حالة الحرب في بلادي أفضل من حالة الانتظار، بدون أمل هنا في الدنمارك. أنا لا أريد أن تتدخل الدنمارك وتشارك عسكريا في تدمير بلادي، وإذا كانوا بهذه الانسانية فلماذا لا يمنحون اللجوء للسوريين؟"
يتابع ماجد قائلا "يكفي أن الدنمارك قد دمرتني نفسيا، وقتلت كل أمل في داخلي، فأنا أقبع في معسكر اللجوء منذ سنتين ونصف، وإلى الآن لم أحصل على حق اللجوء وقد رفض طلبي نهائياً، مع أن أغلب الدول الأوروبية تمنح السوريين اللجوء، في ظل حالة الحرب التي تمر بها بلادهم"
فيما لا يتوقع سمير، وهو طالب لجوء سوري آخر، أن تتخذ الحكومة الدنماركية اي تغيرات جديد على وضع اللاجئين المرفوضة طلباتهم، في حال شاركت بالضربة العسكرية على سوريا. مضيفا : " لم نسمع عن اية اشارات لتعديل وضعنا ولا أتوقع أن نسمع أي شيء فهناك لاجئين ليبين لم يحصلوا على حق اللجوء أثناء تدخل الدنمارك عسكريا في بلادهم.
الكومبس تحدث مع عدد أخر من طالبي اللجوء في الدنمارك، بعضهم يتواجد في مراكز اللجوء منذ عامين والى الآن لم يحصلوا على حق الإقامة المؤقتة او الدائمة، أغلب المتحدثين لا يعولون على أية تغيرات تقود إلى حصولهم على الإقامات
فيما ذهب آخرون الى المقارنة بين معاملة السويد لطالبي اللجوء السوريين ومعاملة الدنمارك، التي لم تغير من قوانين منح اللجوء للسوريين، بناء على تقيمات جديدة للوضع السوري، كما فعلت السويد مثلا، والتي قررت مصلحة الهجرة فيها تقييم الوضع في سوريا بوضع "حالة الحرب".
الدنمارك لن تغير سياستها وتنتظر إستقرار الأوضاع في سوريا لإعادة اللاجئين
وهذا ما أكد علية مورتين غول، مدير بيت اللاجئين (ترامبولين هوس) في كوبنهاغن وهي منظمة غير حكومية تعمل على مساعدة اللاجئين من جنسيات مختلفة، في حديث للكومبس، تناول الاستفسار عن مستقبل طالبي اللجوء السوريين في الدنمارك، وأوضح مورتين أن الدنمارك لن تغير من سياستها في منح حق اللجوء، على اسس التعامل الذاتي مع كل طلب على حدى، وليس هناك مقاييس ضمن التعامل الجماعي كما هو في السويد، فكل شخص يجب أن يبرر طلبه، ويعرض قصته وحالته الفردية.
مورتين غول، مدير بيت اللاجئين – ترامبولين هوس
وأضاف مورتين، أن الدنمارك تحاول بهده الطريقة كسب الوقت، من أجل إعادة اللاجئين عندما تستقر الأوضاع في سوريا، ولو كان هذا الوقت طويلاً، هم لا يستطيعون إرجاع احد الآن الى سورية الآن ولكن يأمل السياسيون بأن يوماً ما سوف يحدث سلام في سوريا
أما في حالة قررت الدنمارك إعطاء حق اللجوء لكل السورين فهذا سوف يكون صعباً جدا لخوفهم من عدم القدرة على إرجاعهم في المستقبل. وأشار مورتين بأن الدنمارك لم تعطي حق اللجوء الجماعي للأفغان مع أن الجيش الدنماركي متواجد هناك منذ عشرة سنين على الخطوط الأولى في جبهة القتال.
ولكن لماذا تصر الدنمارك على عدم التخلي عن واشنطن، وتريد المشاركة في التدخل عسكريا حتى ولو خارج نطاق مجلس الأمن؟
خبير دنماركي: الدنمارك تريد أن تكون قريبة من أمريكا دائماً
في اتصال هاتفي مع الدكتور (جاكوب غو بيتسرن) الخبير في جامعة كوبنهاغن للدراسات الإسلامية والشرق الأوسط، والذي اهتم بالشأن السوري مؤخرا، اعتبر أن موقف الدنمارك له أساس تاريخي يعود إلى حقبة الحرب الباردة، أيام الصراع بين الكتلتين الشيوعية والرأسمالية، ولأن الدنمارك دولة صغيرة فهي تريد أن تكون قريبة دائما من أميركا الحليف الأقوى عسكرياً حتى اللحظة في حال أية تهديدات أو حرب في المستقبل تجاهنا من أي دولة في العالم. فقد انضمت الدنمارك الى حلف الناتو علم 1949 وهي من الدولة المؤسسة للحلف وفي عام 2009 من الشهر الرابع أجمع حلف الناتو على تعين رئيس الوزراء الدنماركي أندرس فو راسموسن، بعد أن وافقت تركيا على حل الخلاف الذي كانت معترضة عليه بسبب نشر الدنمارك الرسوم المسيئة للنبي محمد (ص)
من المعروف أن الدنمارك شاركت بعدة حروب عالمية من حرب أفغانستان الى حرب العراق وأخرها كان حرب ليبيا عندما شكر رئيس الحكومة المؤقتة الليبية السيد علي زايدان الدنمارك على ارسالها طائرتها الحربية وقصفها لقوات النظام السابق وتحرير ليبا من القذافي، حسب قول زايدان في مؤتمر صحفي بالعاصمة كوبنهاغن.
أما الصحفي الدنماركي مارتين سورنسن المتواجد، في مدينة اسطنبول، لتغطيته الشأن السوري ومحاولة أن يكون قريباً من سوريا في حال حدوث أي ضربة أميركية محتملة فاعتبر أن مزاج الشارع الدنماركي لا يتوافق مع مشاركة البلاد في حرب جديدة ضد سوريا: " هناك أغلبية في البرلمان الدنماركي قد تسمح بالتدخل في سوريا، وذلك لتوفر الحجة الأخلاقية، كما هو معتقد، بعد الهجمات الكيميائية التي حدثت الأيام الماضية" وأضاف أن غالبية الشعب الدنماركي غير موافق ولا يؤيد تدخل الدنمارك خارج نطاق الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لكن ربما البرلمان الدنماركي يرى مصلحة بعدية الأمد لمساعدة الولايات المتحدة الأميركية"
واستبعد الصحفي الدنماركي امكانية تدخل الناتو كحلف " من الواضح أن حلف شمال الأطلسي/ الناتو لن يتدخل لأن سوريا لم تهاجم تركيا أو اية دولة أخرى عضوا في الحلف، لكن أذا قادت الولايات المتحدة ضربة محتملة ضد سوريا فمن المحتمل أن تشارك الدنمارك فيها وفرنسا وبعض دول أخرى"
ومهما كان القرار الأمريكي في الايام أو الساعات القليلة المقبلة، فإن مأساة السوريين لن تنتهي قريبا، ولكنها قد تتزايد، فمعدلات اللجوء في ارتفاع
متزايد، ولعل طالبي اللجوء السوريين في الدنمارك يشكلون نموذجا أقل معاناة ممن هم في بلدان أخرى، او ممن اصبحوا لاجئين في بلادهم
قتادة أبو يونس