د. لميس كاظم: “المجتمع السويدي يتحمل أيضاً مسؤولية نجاح أو فشل الاندماج “
الكومبس – خاص: صدر هذا العام، للأديب السُويدي العراقي الدكتور لميس كاظم، كتابٌ جديد، بعنوان: “اندماج العراقيين في المجتمع السويدي بين الأنين والحنين”، يحتوي معلومات هامة، حول قوانين اللجوء والهجرة، اللغة والتعليم، سوق العمل والضرائب، الإقامة والسكن، الثقافة الوطنية والمجتمعية والمشاركة السياسية، التزاوج بين ثقافة الوطن الأصلي وثقافة البلد الجديد، التأقلم والمجايلة والعودة إلى الجذور.
لماذا اخترت اللاجئين العراقيين انموذجاً في كتابك؟
السبب في اختيار اللاجئين العراقيين انموذجاً في كتابي، يكمن في إنني انتمي إلى تلك الجالية، وبالتالي أعرف عاداتها، تقاليدها، خصائص شخصياتها، والمجتمع الذي جاؤوا منه وظروفه، فمن السهل تحديد أسباب اندماجها وانغلاقها، ويمكن في النتيجة تعميم أغلب فقرات الكتاب وتطبيق مضامينه، بأنها تنطبق إلى حد كبير على جزء من الجالية العربية، هؤلاء الذين عاشوا ظروف الحرب والتشرد، التي تشابه إلى حد ما ظروف العراقيين، ويمكنني القول أن نسبة اللاجئين العراقيين الذين جاؤوا في أول موجات الهجرة هم حملة الشهادات، كوادر مهنية، ورجال أعمال انخرطوا في سوق العمل واثبتوا جدارتهم.
ما هي أوجه التقارب والتباعد بين الشخصيتين والأسرتين العربية والسويدية، وهل يمكن المقارنة بينهما؟
هناك بون واسع بين الشخصيتين والأسرتين، نتيجة اختلاف المجتمعين اختلافاً جوهرياً في الاقتصاد والسياسة والاجتماع، فهم يحكمهم قانون مدني ديمقراطي متجدد يسعى إلى رفاهية الفرد والأسرة، بينما يحكمنا قانون الحاكم المستبد، الذي يسخره لتلبية حاجته واضطهاد الفرد، وعدم حماية الأسرة ومصادرة حقوق المواطن.
لقد أجريت هذه المقارنة بين الشخصيتين، لأُعَرف كل شخصية وما هي نقاط الاشتراك والافتراق، ليستفيد منها الطرفين في التعامل فيما بينهما، وقد وجدت أن الاختلاف أكبر من القواسم المشتركة وهذه معضلة كبيرة، أما ما يتعلق بعملية الاندماج، فإن السويد تراهن على الشخصية باعتبارها ثروة اجتماعية وإنتاجية، يمكن تنميتها وتزويدها بالطاقة الايجابية، لتتحول إلى قوة إنتاجية تدر نتائج مادية واجتماعية، بينما لا تراهن البلدان العربية على المواطن كقوة إنتاجية، لهذا لا تمتلك أسس بناء الشخصية المنتجة والإيجابية، والأسرة العربية عبارة عن شركة فردية يملكها الرجل، يُشرع قوانينها وأدارتها وحقوقها بما يتناسب مع وعيه، بينما الأسرة السويدية عبارة عن شركة مساهمة يؤسسها شريكان مساهمان مادياً، ومتكافئان في الإدارة وتوزيع المهام وإصدار القرارات، وملتزمان بالخطوط التي يحددها القانون السويدي، والذي يدخل شريكاً مراقباً في أدارتها.
هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول عملية الاندماج في المجتمع السويدي، هل تعتقدون بأن ما ورد في الكتاب من معلومات، كاف لتصحيح مسار التعايش وتسهيل عملية الاندماج؟
نعم يطرح كتابي مقترحات جديدة لمعالجة إخفاقات الاندماج، ورسمت فيه خارطة طريق واقعية، تعبر عن وجهة نظر أجنبي مندمج عاش ربع قرن في السويد، لأن برامج الاندماج ما زالت نظرية، ومطلوب منها أن تُحول إلى ورشات عمل تطبيقية، كما أن هناك فهماً مشوشاً يؤكد أن العمل هو الهدف الاستراتيجي الذي يحقق الاندماج.
أنا اعتقد أن العمل هو أحد أهم أدوات الاندماج الفاعلة، لكن يجب أن تصاحبه بقية أدوات الاندماج وأهمها الرغبة في الاندماج، علماً أن برنامج الاندماج ينتهي مع الفترة التأسيسية للمقيمين الجدد، في الوقت الذي يحتاج فيه المقيم إلى برامج إضافية بعد السنوات الثلاث الأولى، وإن السويديين لم يحددوا خارطة طريق صحيحة، للوصول إلى ضفة الاندماج، لهذا يسبح الأجنبي بدوامات فيصاب بالإحباط.
“السويديون يتحملون العبء الأكبر في فشل الاندماج”
ما زال السويديون يكتبون برامج الاندماج من وجهة نظرهم، دون أن يراعوا مستوى وعي المقيم القادم، أو يتقاسموا الفكرة معه، بل يعتبرونه مجموعة مستهدفة لبرامج الاندماج، وهناك فهماً خاطئاً يشير إلى أن الأجانب هم سبب فشل سياسة الاندماج، في الوقت الذي يتحمل السويديين العبء الأكبر منه، لأن برامج الاندماج حتى الآن، لم تدخل الى المناهج التربوية الأساسية والعالية، ولم تتبن المؤسسات الإعلامية برامج اندماجية، لتحسين صورة المقيم ليتقبلها السويديون.
اتمنى على المعنيين بسياسة الاندماج، أن يترجموا كتابي هذا إلى اللغة السويدية، ليفهم السويديين كيف يفكر العرب المندمجين والمنعزلين، ولكي يعرف السويديين وجهة نظرنا بهم وما هو دورهم في الاندماج.
يشكل كتاب “اندماج العراقيين في المجتمع السويدي بين الأنين والحنين”، الأهمية ذاتها للموظفين الأجانب والسويديين العاملين مع الجالية العربية تحديداً، كونهم لا يعرفون إلا القليل عن تركيب الشخصية والعائلة والتقاليد العراقية والعربية، وبالتالي سيجيب هذا الكتاب على الكثير من الأسئلة الغامضة، وربما سيكون مدخلاً للتعرف على القادمين الجدد، وقد يساهم في حل الإشكالات الكثيرة عند التعامل مع الجالية العربية، وفهم جذورها وطريقة تفكيرها ونوعية مشاكلها، وربما يسهل طرق المعالجة وخلق ظروف جديدة للاندماج.
لميس كاظم في سطور:
الدكتور لميس كاظم: مهندس معماري في مشروع بناء مدينة مالمو قديماً عام (1690)، أستاذ محاضر ومدرب في سوق العمل السويدي، مستشار الجمعيات الأجنبية في مدينة مالمو جنوبي السويد، عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، وعضو اتحاد الكتاب العرب، صدرت له أربع روايات هي: (الجسد المر، عقيق النوارس، قناديل مطفأة، وهمس الغرام)، ونص مسرحي راقص “الوحش الجميل” يعالج موضوعة تلاقح الحضارات.
رئيس اتحاد الجمعيات الإبداعية في السويد، مدير الجمعية الإسكندنافية للتبادل الثقافي، التي أنتجت فيلم دراما “حلم آخر”، مسرحية “يلا إلى روزنكورد”، مهرجانات الشعر العربي السويدي، أسبوع الموسيقى العربية السويدية، مهرجان الموسيقى النسائية، ومهرجان الرقص النسائي.
محمد المنصور
الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر