رزق الله ملكي: فهم مفاتيح سوق العمل خطوة حاسمة في النجاح

: 8/5/20, 4:18 PM
Updated: 8/5/20, 4:18 PM
رزق الله ملكي: فهم مفاتيح سوق العمل خطوة حاسمة في النجاح

رزق الله ملكي، مهاجر سوري من مدينة الحسكة، استطاع بعد فترة زمنية قصيرة من انتقاله إلى السويد، أن يصبح مثالاً ناجحاً سواء من حيث سرعة تعلم اللغة، أو كيفية إيجاد فرص العمل، أو المشاركة في ممارسة الأنشطة الترفيهية والتطوعية، ما جعل عديد وسائل الإعلام والمؤسسات التأهيلية السويدية، تستعين بخدماته لعرض تجربته الشخصية المميزة على نظرائه من المهاجرين، حرصاً على تحفيزهم بدورهم، للسعي عبر سبل النجاح المهني والاجتماعي، متجاوزين كافة عقبات التضارب الثقافي والحضاري.

“الكومبس” التقت (رزق الله ملكي)، الذي تحدث لها عن بعض من أهم أحداث تجربته هذه:

حدثنا قليلاً عن مشوارك المهني في بلدك قبل الهجرة إلى السويد؟

عندما أنهيت دراستي الأكاديمية لأتخرج كمهندس مساعد، قررت أولاً، بدء العمل لحساب نفسي في بعض مجالات التجارة، حيث شرعت بإدارة محلي الخاص لبيع العطور والاكسسوارات ومستحضرات التجميل ولوازم الحلاقة، جملة وقطاعي. كما قمت بشراء عديد قطع الأراضي وتشييد الشقق السكنية عليها ثم بيعها، إلى جانب امتلاكي قطعة أرض خصبة أزرعها دائماً قمحاً وشعيراً.

أيضاً، كان لي نصيب وافر في ممارسة الحرف اليدوية، سواء من خلال امتهاني تصفيف الشعر للسيدات ما بين عامي 1990 إلى 1998، أو عملي خطاطاً للافتات.

أما على الصعيد الفني، فعملت ممثلاً مسرحياً ومقدماً للحفلات والبرامج والسهرات، فضلاً عن إدارتي فرقة موسيقية، أحيينا عبرها عديد الحفلات والمناسبات والاجتماعية.

كيف كانت بدايتك مع تعلم اللغة السويدية؟

بسبب ظروف الحرب، هاجرت إلى السويد سنة 2013، صحبة زوجتي المهندسة رانيا عبد الله وابني البالغ من العمر 13 عاماً، روني ملكي. حيث أقمنا في مدينة يوتوبوري. بعد ثلاثة أشهر من تقدمنا بطلبات اللجوء، مُنِحّنا حق الإقامة المؤقتة مدة ثلاث سنوات، ثم سرعان ما جرى تحويل إقامتنا إلى دائمة مع حلول شهر سبتمبر/أيلول من العام التالي.

في الأشهر الثلاثة الأولى، تمكنت من إنهاء دراسة اللغة السويدية ضمن مرحلة (إس إف إي) بكاملها، نلت على إثرها مكافأة مالية قدرها 12000 كروناً سويدياً، كما تلقت زوجتي، المكافأة عينها من مديرية التربية في بلدية يوتوبوري، لقاء تحقيقها ذات الإنجاز، خلال ستة أشهر تقريباً. لقد استرعى الخبر اهتمام عديد وسائل الإعلام المحلية، المسموعة منها والمقروءة، حيث ما انفكوا يسألونني عن سر نجاحي في تحقيق ذلك ويطالبونني بعرض تجربتي عبر منصاتهم ليستفيد منها الأخرون. لذا، قمت بعد انقضاء أقل من 6 أشهر على وجودي في السويد، بالتحدث باللغة السويدية فقط، مدة 13 دقيقة متواصلة، داخل إحدى دور العرض (سينما)، أمام ما لا يقل عن 400 شخص سويدي، حول تجربتي وكيفية تعلمي للغة بسرعة، مصحوباً بتشجيع وتصفيق جميع الحضور. بيد أني لم أكتف بالوقوف عند هذا الحد وحرصت على استكمال دراسة اللغة، لأنهي كافة مستويات (چروند ليچاندا) خلال أربعة أشهر، ثم المستويين (ساس 1) و(ساس 2)، في الأشهر الخمسة التالية، تاماً بهذا جميع مراحل تعليم اللغة السويدية للمهاجرين، الإلزامية والاختيارية، خلال عام واحد.

حينها، قررت البدء في البحث عن أنشطة أو فرص عمل تتيح لي الاندماج إيجابياً داخل مجتمعي الجديد، فشاركت بتدريب فريق مواليد سنة 2001 للفتيان، في نادي (كونلسيه إس ڤي يوتوبوري) لكرة القدم، حيث تسنى لي الوصول به لاحقاً إلى الدور نصف النهائي من كأس (كوتيا)، الجاري إقامتها سنوياً في مدينة يوتوبوري، بمشاركة 124 فريقاً.

ما أهم العقبات التي واجهتك في سعيك للاندماج داخل مجتمعك الجديد؟

لقد كانت فترة وجودنا على ذمة مصلحة الهجرة، صعبة جداً، عانينا خلالها الكثير. حيث اضطررت وزوجتي إلى الإقامة مع ابننا المراهق في شقة صغيرة بمنطقة يلبو التابعة لبلدية يوتوبوري، تتألف من حجرة نوم واحدة ومطبخ، مدة سنة وعشرة أشهر تقريباً، بعد أن اعتدنا السكن في مساحة 200 متراً مربعاً بشقتي الكائنة في سوريا، ضف على ذلك، مشكلة انتقالنا من وضع معيشي ممتاز في بلادنا إلى محض لاجئين، يعتمد مصدر دخلنا كلياً على الإعانات فقط. كما أن محاولة الحصول على بداية جديدة في غربتنا، انطلاقاً من مستوى دون الصفر مع الأخذ بالاعتبار كبر سننا النسبي ومحاولة اندماجنا داخل مجتمع ذو ثقافة غريبة علينا تماماً، سواء في العادات أو التقاليد أو اللغة أو غيرها من الأشياء الأخرى، شكلت تحديات كبيرة حالت دون استئنافنا لحياتنا بصورتها الطبيعية سريعاً، إلا أننا نجحنا، عبر التصميم والإرادة والسعي إلى مجاراة احتياجات سوق العمل، في نيل مرادنا.

كيف بدأت مسيرتك المهنية الجديدة؟

في الأول من ديسمبر/كانون الأول سنة 2014، انتقلنا من سكن الهجرة إلى شقة خاصة بمدينة لينشوبينچ، حيث أدركنا أنه من الصعب جداً علينا إيجاد مسكن أخر في مدينة يوتوبوري. هناك، بدأت أجري تدريباً على العمل مع منظمة تدعى (إن بي ڤي)، إلا أنني تمكنت لدى مرور أسبوعين فقط، من إثبات كفاءتي للقائمين عليها، عن طريق ترجمة موضوعات دراسية عدة إلى اللغة العربية الفصحى، ما جعلهم يسارعون لإجراء مقابلة رسمية جديدة معي، عينوني على إثرها معلماً للغة السويدية ودروس القيادة النظرية للسيارة (ثم الدروس العملية لاحقاً، بعد مرور 5 سنوات على استصداري رخصة قيادة سويدية)، بعقد مدته 6 أشهر وراتب 165 كروناً في الساعة. كما تسنى لي في ذات الوقت تقريباً، العمل بنفس الشروط، مع منظمة ثانية تدعى IOGT.NTO

عقب انتهاء عقد عملي المؤقت مع منظمة (إن ڤي بي)، مددوا لي أولاً، عبر توقيع عقدين سنويين متتاليين، تلاهما توقيع عقد عمل ثابت، يسمى (تيلس فيداري) أو (حتى إشعار أخر).. إنني أعمل ضمن كوادر هذه المنظمة الآن، منذ 4 سنوات تقريباً.

ما أبرز نشاطاتك لمساعدة الوافدين الجدد على الاندماج؟

في هذا الجانب، أسست نادياً رياضياً، ثقافياً، اجتماعياً، بمدينة لينشوبينچ، أسميته (لنا فورينينچ)، أُعَلِّم من خلاله الوافدين الجدد، أساسيات اللغة السويدية وغيرها من الأنشطة المختلفة. لقد تسنى إلى كثير من تلاميذي، الانتقال مباشرة لدراسة اللغة في مراحلتي (چروند ليچاندا) و(ساس)، بمجرد حصولهم على قرارات الترسيخ، دون الحاجة إلى دراسة مرحلة (إس إف إي)، حتى أن بعضهم نجحوا سريعاً في الحصول على فرص عمل. لهذا، ما انفك موظفو مكتب العمل يأتون بالأشخاص المسجلين على الترسيخ لديهم إلى مقر نادينا، لأحكي لهم عن تجربتي وكيفية تعلمي اللغة وحصولي على العمل بقصد تحفيزهم. كما أني أساعد دائماً كل من أقبل علي طلباً لفهم قوانين البلاد أو الترجمة أو حجز المواعيد أو تعبئة المستندات، بشكل تطوعي ودون مقابل.

ماذا أفضت جهودك مؤخراً على الصعيد الرياضي؟

على الصعيد الرياضي، أعمل حالياً كإداري في نادي (الجزيرة) لكرة القدم بمدينة لينشوبينچ، حيث أشرفت على تنظيم عديد البطولات المحلية، مثل بطولة السلام من أجل سورية السنوية، دورة الميلاد في سودرتاليا، دورة الربيع في نورشوبينچ، دورة الصداقة في لينشوبينچ ودورة المحبة في ستوكهولم. كما كنا حريصين دائماً على تنظيم بطولات جديدة مماثلة كل شهرين داخل إحدى المدن السويدية قبل انتشار جائحة كورونا.

قسم التحقيقات

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.