ظاهرة اضطهاد الأطفال في المدارس Mobbning: التعاون والتواصل بين المدرسة والأهل يحدّان من نتائج كارثيّة قد تكون غير متوقعة ..!!

: 1/29/16, 9:54 AM
Updated: 1/29/16, 9:54 AM

الكومبس -تحقيقات: الشجار الذي حصل بين طالبين في مدرسة Göinge بمدينة Broby، جنوب السويد، في 11 كانون الثاني/ يناير 2016، والذي أودى بحياة أحدهما، أظهر بشكل واضح الآثار النفسية المؤلمة والصادمة التي يخلفها الاضطهاد أو المضايقة أو ما يطلق عليه بالسويدية Mobbning. فيما تناقلت الصحف ووسائل الإعلام السويدية والعالمية القصة، ومعظمها نقل مواد نشرت على الكومبس حولها.

هذه الظاهرة شائعة بين الأطفال والمراهقين ليس في السويد فحسب، بل على مستوى العالم، وهي ظاهرة يجري الحديث عنها في بعض المجتمعات بشكل خجول.

لكن هنا في السُويد، يجري الاهتمام بها بشكل كبير جدا، وتولي الجهات التربوية المعنية، والصحافة والإعلام اهتماما متزايداً بها، نظراً لانعكاساتها السلبية الخطيرة، على سلوك الأطفال.

وبحسب الإحصائيات السويدية، فأن نحو 45 طفلاً ومراهقاً ينتحرون سنوياً نتيجة لذلك، فيما يتعرض ما يزيد عن 60 ألف طالب وطالبة، يومياً الى المضايقة، بأشكال مختلفة ليس في المدارس فحسب بل عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة.

IMG_0764

د. رياض البلداوي

طبيب نفساني: ” يجب على الوالدين عدم ترك أطفالهم للعزلة”

يقول استشاري الطب والتحليل النفسي في ستوكهولم الدكتور رياض البلداوي، إن التأثيرات النفسية للاضطهاد، Mobbning التي يتعرض لها الأطفال والمراهقين بشكل خاص قد تكون خطيرة وصادمة، خاصة إذ ما كانوا يتعرضون لذلك لفترة من الزمن، كأن تكون أشهر أو سنوات، لجهة أن الهدف الذي يسعى إليه الشخص القائم بعملية الاعتداء هو تحطيم شخصية الفرد الآخر ونفسيته وفرض السيطرة عليه وجعله يشعر بالدونية وبأن لا قيمة له أمام نفسه وأمام الجماعة، ومن شأن ذلك كله أن يولد ردود أفعال خطيرة وغير متوقعة لدى الشخص المُعتدى عليه، قد تمتد تأثيراتها لمديات بعيدة، كما حصل في مدرسة Göinge .

ويقول البلداوي لـ “الكومبس”، أن “ردود أفعال الأطفال والمراهقين الذين يتعرضون للاضطهاد مختلفة، حيث أن لكل مرحلة عمرية من حياتهم متطلباتها وظروفها. لكن وبشكل عام ونتيجة لما يتعرضون له، تتولد لدى البعض شخصيات انهزامية، إذ يشعرون بأنهم أشخاص بلا قيمة ولا يستحقون أن يكون لهم أصدقاء وليس لديهم الحق في المطالبة بذلك وبأنهم أقل شأناً من الآخرين، ومع الوقت، يشعرون بردود أفعال تجعلهم يخجلون ويتأبهون حتى من الحديث في الموضوع”.

الصمت أو الرد الصادم

ويتابع البلداوي، أنه وفي الغالب ” لا يتجرأ غالبية الأطفال بين سن 7-12 الحديث عن المضايقة أو الاعتداءات التي يتعرضون لها من قبل زملاءهم سواء في المدرسة أو الشارع، فيما تبدو الردود قوية ومفاجئة عند المراهقين، الذين يلجأ البعض منهم الى الدفاع عن أنفسهم بشكل مباشر، إذ يتجنبون الحديث في الموضوع، خوفاً من أن يظهروا بمواقف ضعف غير طبيعية، لا تتناسب مع مفاهيمهم ضمن المرحلة العمرية التي هم فيها”.

ويواصل، أنه “قد يكون للاضطهاد في سن المراهقة، ردود أفعال مختلفة على شخصية الفرد، إذ قد تكون شديدة وعصبية، فيزيائية كالطعن بالسكين، انطوائية أو الهروب من الواقع الى آخر استسلامي إنهزامي، كأن يصبح المراهق عبداً تابعاً لعصابة من المراهقين، يعمل ما يؤمر به، وذلك بهدف حصوله على حمايتهم، رغم أن وصوله الى هذه المرحلة بحد ذاتها قد تجعلها عرضة لإهانة أكبر”.

“الأهم أن يكون الوالدان على إطلاع بما يجري في المدرسة”

يقول البلداوي، إن “من المهم جداً، بل والأكثر أهمية على الإطلاق أن تكون إدارة المدرسة والمعلمين وأولياء الأمور على إطلاع بما يحصل بين الطلبة والتلاميذ في المدرسة والشارع، فالتغيرات المزاجية والسلوكية التي قد تطرأ على شخصية الأطفال والمراهقين في هذه المرحلة، قد تعني الكثير والخطير مما لا يريدون الحديث عنه، لذا تلعب العائلة والمدرسة هنا دوراً أساسياً، يمنع من تفاقم الخطر في حال وجوده”.

ويؤكد على ضرورة عدم ترك الأطفال للعزلة وسؤالهم عن يومهم الدراسي وعلاقاتهم مع أصدقائهم، والأهم أن يجري كل ذلك بأجواء من الانفتاح والتفهم والرغبة في سماع الآخر.

Skärmavbild 2016-01-29 kl. 09.50.39

ربيع الديب

باحث اجتماعي: “التواصل مع المدرسة كفيل بتفاقم المشاكل”

ويتفق الناشط الاجتماعي في شؤون الاندماج في بلدية إسكلستونا ربيع الديب مع البلداوي على أهمية الدور الكبير الذي تلعبه العائلة في منع زيادة مثل هذه الحالات، ويقول في حديثه لـ “الكومبس”، إن “على أولياء الأمور أن يدركوا أن العلاقة بين المدرسة والمنزل في السويد، علاقة تكاملية وأن تلك العلاقة لن تسير في سياق سليم بدون تعاون بين الإثنين”.

ويلفت، إن حديث الأطفال والمراهقين بشكل خاص عما يتعرضون له من مضايقة أو اعتداء من قبل زملاءهم، سواء في المدرسة أو الشارع، يعتمد الى حد كبير على علاقتهم بعوائلهم ومدى الثقة والانفتاح اللتين تسودان تلك العلاقة، رغم أن الغالبية يختارون عدم الحديث في الموضوع، لكن ذلك يبدو جلياً من خلال التغيرات النفسية والمزاجية التي تطرأ على سلوكيات الأبناء وعدم رغبتهم في الذهاب الى المدرسة، متحججين بأمور كثيرة”.

ويقول: ” هنا يأتي الدور المهم للعائلة من خلال التقرب من الطفل أو المراهق والحديث إليه بشكل ودي والاستماع إليه حتى النهاية بروح صبورة ومتفهمة، والأهم الابتعاد عن الانتقاد وكيل التهم المسبقة دون معرفة حقيقية ما يحصل”.

“الحديث مع المدرسة ضرورة قصوى”

ويتابع: ” ثم عليهم التواصل بعد ذلك مع المدرسة، إذ أن من الضروري في مثل هذه الحالات التحدث مع المدير والباحث الاجتماعي للمدرسة ومرشد الصف والاتصال بهم مباشرة، والمطالبة بمعرفة الخطة التي تعتمدها المدرسة لمواجهة ظاهرة الـ Mobbning”.

ويوضح، أن بعض الأطفال والمراهقين على وجه الخصوص، قد يختارون عدم تدخل أولياء امورهم وحديثهم مع المدرسة بشأن المضايقة التي يتعرضون لها، إذ يعتقدون أن ذلك يسيء الى شخصياتهم، الا أن من الضروري أن يُقدم الوالدين على الاتصال بالمدرسة، حتى لو اضطروا للقيام بذلك بدون معرفة أبناءهم، والطلب من الإدارة عدم إخبار أبناءهم بالأمر لحين معالجة المشكلة.

ويقول: ” في حالة عدم استجابة المدرسة لذلك، وهو أمر نادر ما يحصل، يمكن لأولياء الأمور التوجه الى المدير العام للمدارس الموجود في كل بلدية أو السياسيين المسؤولين عن التعليم في البلدية، والحديث إليهم حول ذلك”.

ويشدد على أن: “من المهم جداً تدارك الأمر وعدم إهماله، لأن نتائج ذلك قد تكون أكبر بكثير من المتوقع”.

لينا سياوش

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2023.