الكومبس – تجارب وقصص نجاح: عبد الرحمن كيالي، شاب سوري من مدينة حلب، في الحادية والعشرين من عمره، يقطن مدينة Arboga. بات من خلال اجتهاده وطموحه اللامحدود وإيمانه الكامل بقدراته، أسوة حسنة ومثالاً حياً لما يمكن للشاب المهاجر بلوغه في مجتمعه الجديد من نجاح، بل وتفوق، إن هو سعى مخلصاً نحو أهدافه.
تمكن كيالي هذا العام، من تحقيق المركز الثاني في اختصاصه الدراسي العلمي (برنامج العلوم الطبيعية) Naturvetenskapsprogrammet على مستوى مدرسة Ullvigymnasiet بمدينة شوبينغ Köping، ونيل شهادة تكريم مع منحة مالية دراسية، تعينه على تغطية جزء من رسوم تعليمه الجامعي، العام المقبل.
كما استطاع الحصول على وظيفة في شركة بوست نورد، يجني راتبها طوال مواسم العطلات، إلى جانب شغل منصب مدرب ولاعب بفريق كرة السلة في نادي شوبينغ باسكيت، بينما لا يزال بعد طالباً في المدرسة، كوسيلة لمزاولة هوايته المحببة ونشاطه الرياضي المفضل.
الكومبس التقت بالكيالي في اللقاء التالي:
كيف كانت بدايتك في الاندماج داخل المجتمع السويدي؟
فور وصولي مع عائلتي إلى السويد في شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 2015، انعقدت صداقة سريعة بيني وبين بعض الشباب السويديين من خلال انضمامي لفريق كرة السلة في نادي شوبينچ باسكيت. حيث اقترح علي مدربهم القيام بالتسجيل لدراسة المرحلة الثانوية في Ullvigymnasiet بدلاً من أربوغا، كونه سيستطيع حينها القيام بتدريبي معهم بعد انضمامي إلى صفوف فريق كرة السلة هناك، حسب حصص “باسكيت بروفيل” الموجودة لديهم.
هكذا راقت لي الفكرة كثيراً وقررت مباشرة الدراسة في مدينة شوبينغ. إلا أنني اضطررت إلى تأجيل الأمر عاماً كاملاً حتى أتمكن أولاً من إتمام دراسة اللغة السويدية لمرحلة IM–Språk ، بمدينة أربوغا.
كيف تخطي مشكلة اللغة خلال عام واحد فقط؟
لا أخفيك سراً أنني خشيت في البداية ألا أتمكن من تعلم اللغة سريعاً، ما قد يشكل عائقاً يحول دون متابعة دراستي الأكاديمية. لكنني حين شرعت في دراستها، وجدت أن خوفي كان بلا مبرر والأمر أبسط مما تخيلت، كما ساعدتني كرة السلة كثيراً على إثراء حصيلتي اللغوية، بسبب الاحتكاك المباشر مع زملائي في اللعب.
هل خططت منذ البداية للفوز بالمنحة دراسية؟
نعم، بالتأكيد. عندما بدأت دراسة الصف العاشر، رأيت إحدى لاعبي فريق كرة السلة الأكبر سناً يتحصل على منحة دراسية، بعد اختياره ضمن أفضل عشرة طلبة على مستوى مدرستنا. لقد ترك الموقف حينها في نفسي أثراً شديداً، جعلني أصمم على السعي لتحقيق ذات الإنجاز. هكذا صببت كل تركيزي على الدراسة، إلى درجة أن المعلمين كانوا كثيراً ما يطلبون مني أن أهون على نفسي وأترك أداء الفروض إلى ما بعد انتهاء فترات الاستراحة، لكنني كنت أجيبهم أنني أنوي إنهاء المرحلة الثانوية وتحقيق مركز متقدم على مستوى المدرسة.
عندما انتشرت جائحة كورونا في البلاد وصرنا ندرس بمنازلنا عبر الإنترنت، خشيت أن يكون حلمي بالمنحة قد ضاع إلى الأبد. لكنني فوجئت في أحد الأيام باتصال هاتفي من مدير مدرستنا شخصياً، يبارك لي فيه ويبلغني أنني من ضمن أفضل عشرة طلبة على مستوى المدرسة بأسرها، مما يخولني للحصول على المنحة الدراسية. إن فرحتي آنذاك كانت أكبر من أن توصف بمجرد كلمات.
كيف جرى تكريمكم؟
لقد تم منح كل واحد منا مبلغاً وقدره 20.000 كروناً سويدياً، بالإضافة إلى شهادة تقدير وكتاب. كما أبلغونا بشهادات المعلمين في حقنا مشمولة بعبارات الثناء.
كيف خططت للاستفادة من منحتك؟
أنوي دراسة طب الأسنان، حيث قدمت طلبات الالتحاق إلى عدد من الجامعات السويدية المرموقة في يوتوبوري وستوكهولم ومالمو ولا زلت حتى هذه اللحظة بانتظار الردود.
كيف تقضي وقت فراغك؟
أعمل حالياً في شركة بوست نورد خلال فترة الإجازات، كما كنت أعمل فيما سبق مدرباً لفريق كرة السلة في نادي شوبينچ باسكيت، 3 أيام أسبوعياً.
أين وجدت الحافز لتحقق كل ما أنجزته اليوم؟
أغلب المهاجرين مجروحون نفسياً نتيجة الأوضاع القاسية التي أجبرتهم على ترك أوطانهم وقد جعلت هذا الأمر حافزاً لي لتحقيق أهدافي. لقد فرقت الحرب بين أفراد عائلتي أيضاً. حيث خلفت شقيقي الأكبر (ناصر) بعيداً عنا، لذا أضعه دائماً نصب عيني كلما حققت نجاحاً ما، مدركاً أنني بهذا أهديه فرحتي وأجعله يرفع رأسه عالياً بي من شدة الفخر. كما أنني أستلهم العزيمة من رغبتي في رد جزء من أفضال عائلتي التي تعبت لأجلي كثيراً حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، خاصة شقيقي (غيث). الأهم من ذلك كله، أنني لا أدخر جهداً أبداً في محاولة تقديم صورة مشرفة عن بلدي، أستبدل بها تلك الصورة المشوهة التي تظهرنا أمام المجتمع كأشخاص مستهترين بقيمة التعليم، لا يحركنا إلا نهم دائم لجمع المزيد من المال.
ماذا تنصح نظرائك من الشباب المهاجرين؟
“لا شيء في الدنيا مستحيل” هذا هو الشعار الذي يجب أن يعيش في ظله أي إنسان حمل في قلبه حلماً يسعى إلى تحقيقه. أنا لست فلتة زماني، كما لست أشد الناس ذكاء. إن كنت نجحت في الوصول إلى هنا، فأنت أيضاً قادر على الوصول إلى ما وصلت إليه وأكثر. ضع رضا وفرحة عائلتك دائماً حافزاً لنجاحك. اجعل نجاحك تقديراً منك لما بذلوه لأجلك. نظم وقتك بين الدراسة والعمل والأنشطة الترفيهية. أحسن اختيار رفاقك وراقب الله في تصرفاتك دائماً.
حاوره: عمر سويدان