فوانيس رمضان في ليالي السويد البيضاء
الكومبس – تحقيقات: رمضان في الحكايات العربية وفي أجواء الطقوس الدينية والعادات والتقاليد الشعبية يبقى شهرا متميزا في ذاكرتنا التي نحملها معنا إلى الغربة، مع كل خصوصيات وظروف المحافظة على معاني هذا الشهر، خاصة بين المجتمعات الجديدة التي انتقلنا إليها، مع التمني أن ننقل دائما معنا أيضا ما تعلمناه من حالة تصالح الناس مع أرواحهم ومع نبلهم في الإحساس بالآخر مستمدين ذلك من العقيدة السمحة للإسلام في جعل قلوب الناس مليئة بالمحبة والرحمة للجميع. من أجل أن نعبر عن ذاتنا في المشاركة مع البشر في صنع المحبة والخير والسلام والتعايش.
لا يستطيع أحد أن لا يرى أجواء رمضان في عدد من المدن والمناطق السويدية، المحال الشرقية تشتعل فيها الحياة وتكتظ بالناس في حمى التسوق من أجل صيام وإفطار طيب قد تكون مائدته عامرة بكل شئ لكن تبقى حبة تمر وكأس لبن طعم ومشتهى لفقير جائع أو مُهجر في حر الصيف حيث اوطاننا هناك تعاني الكثير من عبث المارقين والقتلة أعداء الحياة..!
رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه… اهلا رمضان
سيبقى دوما هكذا شهرا كريما وجميلا ومدهشا..!
هذه مقابلات سريعة اخترناها هذا العام للتعرف من خلالها على الأجواء الرمضانية في السويد -كيف حالكم في رمضان؟

ضمن هذه المقابلات، عرجنا على محل بغدادي في مالمو المختص ببيع اللحوم لنسأل عن تصاعد استهلاك اللحوم خلال شهر رمضان فيجيبنا احسان البدر أحد العاملين هناك: خلال شهر رمضان يزداد استهلاك اللحم الى 50% خصوصا في البداية حيث يدعون الناس بعضهم البعض وجميع الاطباق الرئيسية الشرقية تحتوي على اللحوم.
وفي منتصف رمضان تقل هذه النسبة بشكل طفيف، أما في نهاية الشهر فيعود الاستهلاك الى الحد الطبيعي وايضاً يعود للتزايد في الأيام الاخيرة بسبب العيد”.
“السويد تنتج فقط لحوم الأغنام مذبوحة على الطريقة الاسلامية، اما العجول والدجاج فيأتي من الدنمارك ومن ايرلندا وتكون هذا المسالخ مستعدة أصلا لفترة رمضان لأنهم يعرفون بان كمية الطلب سترتفع.
محلات الغذاء الكبيرة في السويد تستعد أيضا لرمضان

والحال لا يختلف كثير في محلات السوبر ماركت الكبيرة، حيث تخصص إدارات الشركات الكبرى أقسام خاصة للمأكولات الشرقية وتتوقع زيادة في مبيعاتها بشكل كبير، كما يخبرنا هوراس تحسين مدير محل mex mat في منطقة روزنغورد في مالمو.
شهر رمضان هو أكثر شهر من بين جميع شهور السنة تزداد به نسبة المبيعات الى الضعف خصوصا في أول وآخر عشرة ايام من الشهر استعداد للعيد ويكثر الإقبال على منتجات مثل العدس والحمص والبقوليات لأنها تدخل في مكونات المائدة الرمضانية كالشوربة.
بسبب طول ساعات الصيام يهرب الكثيرون للسفر خارج السويد
الكومبيس زارت أحد مكاتب السفر للاستعلام عن حركة السفر خلال هذا الشهر

يقول مؤيد جليل دَاوُدَ من مكتب الجزيرة في مالمو: “السفر خلال شهر رمضان في العادة يزيد والتحضير لهذا الرحلات يكون قبل الشهر الكريم بفترة وفي هذا العام يأتي رمضان مع وقت العطل لذلك فنسبة السفر ارتفعت بشكل ملحوظ للغاية، أي منذ شهر فبراير ومارس وأبريل قد بيعت جميع تذاكر السفر للرحلات في فترة شهر رمضان وهذه الزيادة وصلت الى مالا يقل عن 50%.”
فمثلا رحلات الخطوط الجوية العراقية قد نفذت بالكامل منذ تلك الفترة ولغاية 15 يوليو/ تموز، والعودة غير متوفرة كذلك لغاية أغسطس، وهذه الزيادة بالتأكيد تحدث نحو الوجهات الشرق اوسطية، فالطلب بالدرجة الأول إلى العراق ومن ثم لبنان الاردن ومصر.
فأغلب المواطنين الأجانب ذهبوا الى بلدانهم لقضاء رمضان وسط الأهل والاصدقاء وايضاً بسب ساعات الصيام الطويلة في السويد.
رمضان ينعش الأسواق السويدية
يؤكد الكثير من المحللين الاقتصادين السويدين على التأثيرات الاقتصادية الإيجابية لشهر رمضان على الاقتصاد السويدي، حيث أشارت الى ذلك بشكل واضح الخبيرة الاقتصادية السويدية ليسا بوردين في تقريرها الذي نشرته بعد شهر رمضان في العام الماضي في “SVENSK HANDEL”.
توكيد ليسا بوردين على إن الكثير من الاسواق السويدية تعد نفسها لتهيئة مستلزمات رمضان حيث يجري إبراز هذه المواد في مواقع بارزة في هذه المحلات لكي تكون على مرئى المتسوقين. حيث يجري ذلك بنفس الطريقة التي يجري فيها إبراز المواد الخاصة بأعياد الميلاد ورأس السنه الميلادية، او عندما يجري فيها عرض سمك السلمون والبيض في عيد الفصح. بينما تعيد محلات الملابس أيضاً اعادة ترتيب رفوفها قبل عيد الفطر بأيام بغية ان يتناسب ذلك مع حاجات الناس في العيد.
إحصائيات عام 2012 تشير الى ان مبيعات شهر رمضان تزيد التسوق بما يقدر 1,5 مليار كرون سويدي، وتعتقد المحللة ليسا بوردين الى ان الأرقام قد تصل في رمضان الحالي الى مستويات عالية جدا.
الكثير من الاسواق السويدية الكبيرة قطعت خطوة متقدمة في مخاطبة الجالية المسلمة في السويد بتضمين منشورات الدعاية التي ترسل عبر البريد ببعض الإشارات الخاصة بشهر رمضان، كما أصبحت شركات الاتصالات العملاقة تتنافس بشكل واضح في شهر رمضان والعيد بتقديم عروض خاصة بأسعار المكالمات الدولية لبعض البلدان الاسلامية.
على الرغم من معاني شهر الصوم العامة والمشتركة لدى جميع المسلمين أينما كانوا، إلا أن طعم رمضان في بلد مثل السويد بين الجاليات الإسلامية له طابع خاص، ليس فقط لأنه يأتي هذا العام في عز الصيف، بل لأنه أيضا تقليد تزداد أهميته مع تزايد عدد المسلمين في هذا البلد، ومع تزايد التحديات أمام امتحان معاني المساواة والمواطنة المشتركة ومحاربة التطرف والإسلاموفوبيا، زيادة الشعور بأن المسلمين جزء من مكونات المجتمع السويدي.
زينب وتوت