كيلدا ينسين: إمراة قوية لم تحنيها قسوة الحياة
الكومبس – خاص: قصة كيلدا ينسين القادمة من لبنان، هي حكاية إمرأة وجدت نفسها في مرحلة من مراحل حياتها، وحيدة مع ثلاثة أطفال وديون متراكمة، كانت قد تكفلت بها لغيرها، تعكس حكايتها كيف نجحت في تحويل كل ذلك الى نجاح وتفوق على صعد مختلفة، لتبرهن أن النجاح وتحدي الصعوبات ممكن في هذا البلد.
في حديثها لـ " الكومبس "، تختصر، تجربتها في الحياة وما واجهته من صعوبات، قائلة: "لا يتأخر الوقت أبداً للمحاولة والبدء من جديد. وأصعب الطرق، تهون على صاحبها عندما يكون النجاح شرطاً للبقاء والأستمرار".
تعيش في السويد منذ قرابة الـ 35 عاماً، حيث وصلتها في العام 1979. تزوجت وهي لا زالت في السادسة عشرة من عمرها، لتنجب إبنتها الأولى بعد عام من ذلك، رزقت بعدها بطفلين آخريين، فتاة وصبي، ليصبح مجموع أبناءها ثلاثة، أنهى جميعهم دراسته الجامعية وحصلوا على وظائف جيدة.
لم تستسلم للضغوطات النفسية والصعوبات
بعد قرارها الطلاق، وجدت كيلدا نفسها، وحيدة مع ثلاثة أطفال، تولت حضانتهم على عاتقها، بالإضافة الى ديون متراكمة، كانت قد تكفلت بها لغيرها، ما جعلها ملاحقة من قبل مصلحة إستحصال الديون، الأمر الذي عقد عليها كثيراً، الحصول على سكن مناسب لها ولأطفالها، كما إن العلامات التي حصلت عليها في دراستها الإعدادية لم تؤهلها للحصول على وظيفة.
تقول: " واجهتني مصاعب كثيرة في الحصول على سكن ووظيفة، أتمكن خلالها من كسب قوت أطفالي، لكني لم اعجز ولم أتوقف عن البحث والمواصلة، ولم أُغرق نفسي في الأوضاع النفسية السيئة التي كنت أمر بها بعض الأحيان بسبب الضغوطات المتراكمة عليّ، كنت أحاول على كل الأصعدة وفي جميع المجالات، ولا أسمح لشيء ان يوقفني".
شقة من غرفة واحدة
مع محاولاتها المستمرة تمكنت عن طريق مجلس المحافظة الحصول على شقة، مؤلفة من غرفة واحدة فقط، للسكن فيها لمدة أربعة أشهر، لحين حصولها على سكن آخر، وهو ما تحقق لها بعد أربعة أشهر.
خلال تلك الفترة، حاولت كل جهدها الحصول على وظيفة، وعملت في كافتيريا حتى جرى قبولها في شركة Nordic Process Owner, للإستشارات الإقتصادية.
تقول: تمكنت خلال سنوات، تطوير نفسي بالدراسة والعمل، حيث توفر لي في المكان الذي أعمل فيه فرصة الحصول على منصب وظيفي أعلى، لكن بشرط الحصول على الشهادة الجامعية، الا ان سؤء العلامات التي حصلت عليها في الدراسة الإعدادية، أرغمتني على إعادة دراسة العديد من المواد الأساسية اللازمة لدخول الجامعة، وهكذا فعلت.
قُبلت كيلدا في الجامعة بعد إنهاءها دراسة المواد المطلوبة منها، وتمكنت من إكمال دراستها الجامعية في عامين بدل الأعوام الثلاثة المقررة.
"أسعد أيام حياتي"
تقول بفرح: يوم قبولي في الجامعة كان من أسعد أيام حياتي، بكيت من الفرحة، كان عمري حينها 41 عاماً تقريباً.
الدراسة الجامعية، فرضت مسؤوليات إضافية عليها، لكنها لم تنحن لها، اذ تقول " كان عليّ أخذ إجازة من العمل بلا راتب، والقرض الدراسي الذي أخذته لا يكفي لسد نفقات منزلي وأطفالي، وهو ما أضطرني للعمل أيام العطل الأسبوعية ولمدة 12 ساعة يومياً، لتحقيق وارد إضافي يساعدني في المضيّ بطريقي، فيما كنت في بقية الايام أواصل دراستي الجامعية".
وبعد أن أنهت دراستها الجامعية حصلت على منصب وظيفي أعلى في الشركة، حيث تعمل ومنذ العام 2009 كمتخصصة في وضع خطط الشركة الإقتصادية على المديين القريب والبعيد في السويد والنرويج وفنلندا، (Energibalans controller ) ما يتطلب منها التنقل بشكل مستمر بين تلك البلدان.
الأبناء على خطى أمهم
أبناؤها ساروا على خطاها، فكانوا يحاولون تحقيق النجاح مثل والدتهم، وبفضل ذلك تمكن جميعهم من إنهاء دراستهم الجامعية ولديهم وظائفهم جيدة الآن. تقول: " أنا مطمئنة عليهم لأني تمكنت من إيصالهم الى بر الآمان".
أشادت كيلدا بدور والدتها والدعم الذي تلقته منها أثناء الفترات الصعبة التي مرت بها، قائلةً: " أمي كانت تقف الى جانبي، وتساعدني، وجميل أمي لا أستطيع نكرانه".
تختم قصتها قائلة: حياتي لم تكن ضائعة، إستثمرت كل وقت وكل فرصة فيها، ومسؤولياتي تجاه أطفالي جعلتني لا أرى غيرهم.
لينا سياوش
الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر