ما الذي يحدث إذا اعتدى رب العمل على موظف بالضرب؟
الكومبس – تحقيقات: توجد في السويد العديد من القوانين التي تحمي حقوق العامل أو الموظف، كما يتقاسم أرباب العمل والموظفين مسؤولية الحفاظ على بيئة عمل آمنة، ويقع ضمن مهام صاحب العمل، الحد من المخاطر في مكان العمل، ومنع وقوع الحوادث وغير ذلك من حماية الصحة البدنية والنفسية للموظفين.
كما يحظر القانون السويدي، التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو السن أو التوجه الجنسي أو الإعاقة الوظيفية، والتمييز في مكان العمل على أي أساس كان.
ومن الضروري جدا على الشخص توقيع عقد العمل ومعرفة حقوقه وواجباته، والتسجيل في النقابة للدفاع عنه في حال الإختلاف مع رب العمل، أو استغلاله.
في مقابل ذلك، لا يستطيع أي رب عمل، مهما كانت شركته كبيرة، إلحاق الضرر المادي والمعنوي بالموظف في حال كان كل شيء بينهما قانونيا. كما على الموظف الإلتزام بواجباته مثلما يحرص على المطالبة بحقوقه.
الغاية من هذه المقدمة هي تسليط الضوء على بعض حقوق العمال والموظفين، التي قد لا يدركها كثيرون منهم لاسيما من بعض القادمين الجدد، وقد يقعون ضحية لعدم معرفتهم بها، وفي هذا الإطار تصل إلى الكومبس بعض الشكاوى التي يتحدث فيها أصحابها عن وقوع ظلم عليهم ( كما يعتقدون )، من أرباب عملهم، وصلت إلى حد الاعتداء الجسدي، كتلك الشكوى التي بعثها لنا أحد القراء وهو يقيم في السويد منذ 5 سنوات، ويعمل في معرض للسيارات في أحد المدن السويدية منذ حوالي السنة والنصف كمسؤول عن تنظيف السيارات ونقلها إلى المعرض.
“صاحب العمل ضربني”
يقول في شكواه، إنه في أول 3 شهور من عمله كانت معاملة رب عمله بصورة عادية معه، لكن ما لبثت أن تحولت إلى معاملة يطغى عليها الفوقية، رافقها المزيد من ضغط العمل وتكليفه بمهام عديدة، قائلاً إن رب عمله، كان أحياناً يقلص من ساعة استراحة الغذاء اليومية الممنوحة له إلى قرابة 30- 35 دقيقة فقط.
ويضيف، إنه كثيرا ما كان يسمعه كلمات مهينة حتى أمام الزبائن من قبيل (أنا الذي وظفتك وبدوني ستكون تائه في الشوارع) وإلى ما هنالك.
وعند سؤالنا له هل هذه المعاملة تقتصر عليه؟ إدعى أن العديد من الموظفين تركوا العمل سابقا معه بسبب هذه المعاملة وفقاً لوصفه، موضحاً أنه قدم شكوى إلى نقابة العمال طلب خلالها، إنهاء عمله، وهي بدورها تواصلت مع صاحب العمل، الذي نفى أن يكون قد عامله بسوء مؤكداً رغبته بأن يستمر في العمل معه.
يضيف الموظف الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه جراء فترة طويلة من الضغط النفسي في العمل، اضطر إلى مراجعة الطبيب أكثر من مرة، والذي وصف له بعض الأدوية المهدئة للأعصاب.
ويقول، إن الخلافات مع رّب العمل تفاقمت عندما ارتطمت سيارة تابعة للمعرض كان يقوم بنقلها إلى مكان العمل بسيارة أخرى في الشارع، ما تسبب ببعض الضرر للأخيرة، وهذا الأمر أفقد صاحب العمل كما يدعي طوره لدى علمه بالأمر، إذ بدأ بالصراخ عليه طالباً منه ترك العمل.
وفعلاً إنقطع الموظف عن عمله لمدة شهر كما يقول، ليعود بعد ذلك مطالباً رب العمل بإنهاء التعاقد معه، ولكن ووفقاً للموظف فإن المسؤول رفض طلبه قبل أن يوقع على تعهد بينهما يوضح أن الموظف هو من طلب ترك العمل بنفسه، بشكل لا يحسب ضده في مكتب العمل وفقاً لتفسير الموظف.
كما طالبه في الوقت نفسه بتحمل جانب من أعباء السيارة التي تسبب ببعض الضرر فيها جراء الحادث، الأمر الذي رفضه قائلا له، إن الحادث وقع خلال ساعات العمل ولايمكن تحمل مسؤولية ذلك ليدور بينهما نقاش حاد وبصوت عالي وصل إلى حد إقدام صاحب العمل بضرب الموظف كما يدعي على رأسه مستخدما حذاءه، هرب على أثرها، وليقوم بعدها بالإتصال بالشرطة التي بدأت تحقيقاتها بالأمر مع طرفي القضية، و خلال التحقيق، تعرض الموظف لحالة إغماء نقل على إثرها للمستشفى.
ماذا يقول رّب العمل؟
الكومبس إتصلت بصاحب العمل، لتوضيح موقفه واعطائه مساحة كافية للرد على هذه الاتهامات، وخلال اتصالنا به نفى هذه الاتهامات قائلاً لنا: “كيف يمكن أن تستمعوا لكلام شخص غير سوي يتعاطى الممنوعات ومتزوج من نفس جنسه”؟ وعندما قلنا له إن الميول الجنسية هي قضية خاصة بالموظف وليست تهمة أو جنحة بحسب القوانين السويدية، عندها رد متسائلاً: هل يمكن لشخص يدعي أنه يعامل من قبلي بطريقة سيئة أن يبقى في عمله لعام ونصف العام ؟
مؤكداً على أن ماساقه من اتهامات ضده كلام باطل وأن الأمر الآن بيد الشرطة ونقابة العمال، مشيراً إلى أن الموظف كان لديه غيرة من أحد زملائه وأنه ألح عليه أكثر من مرة بأن يلغي عقد هذا الموظف ويحاول افتعال المشاكل معه، وهو ماكان يرفضه بتاتا.
وأضاف أنه بالرغم من أن الموظف لم يكن مقصراً في عمله، إلأّ أن بعض تصرفاته إنعكست عليه سلباً، ولدى سؤاله عن سبب ترك أكثر من موظف في وقت سابق للعمل معه، أكد أن ذلك يعود لاسباب تتعلق بهؤلاء أنفسهم، فمنهم من إنقطع عن العمل لفترة طويلة وهذا بطبيعة الحال إخلال بالعقد، ومنهم من طلب العمل بالأسود وهو أمر مرفوض لديه وإلى ما هنالك من أسباب.
وبالرغم من طلبه منا عدم نشر أي شيء عن الموضوع، مهدداً بملاحقتنا بتهمة التشهير عاد وأتصل بنا مجدداً ليوضح لنا بعض الأمور، منها أن هذا الموظف أتهمه لدى النقابة بعدم تحويل الرواتب الشهرية له، وقد قام بإرسال كشوفات للنقابة توضح عكس ذلك، كما أشار إلى بعض التصرفات التي كان يقوم بها الموظف بحق زملاء آخرين واصفاً أياها بالسلبية، ليختم حديثه معنا بالتأكيد من جديد، على نفيه أن يكون تعرض للموظف بالضرب، متهماً أياه بأنه هو من قام بالاعتداء عليه وليس العكس وأن الأمور كلها الآن بيد الجهات المختصة في الشرطة والنقابة.
الخلاصة
مثل هذه المشاكل، قد تكون طبيعية، وتقع في كل مكان وزمان. وبما أننا نعيش في السويد، فان القانون السويدي يكفل للجميع، ( أرباب العمل والموظفين ) حقوقا وواجبات، تنظم العلاقة بينهما في عقد رسمي.
وفي حال نشوء خلافات، فان النقابة كفيلة بحلها اذا كان العقد رسميّا، أما الشرطة فهي معنية في حال وقوع اعتداءات او ممارسة عنف او جريمة. وعند تقديم بلاغ سواء من الموظف او رب العمل لدى الشرطة فانها تقوم بالتحقيق وفي حال وجود ادلة يجري تقديم القضية الى المحاكم ليتم معاقبة المدان بحسب القوانين.
هاني نصر