مدير دائرة الشؤون الاجتماعية فريد الشاني: لا توجد قوة تستطيع أخذ الأطفال من عوائلهم بلا مبرر

: 3/4/18, 11:24 AM
Updated: 3/4/18, 11:24 AM
مدير دائرة الشؤون الاجتماعية فريد الشاني: لا توجد قوة تستطيع أخذ الأطفال من عوائلهم بلا مبرر

الكومبس – لقاءات: مع كل حادثة، تقوم فيها دائرة الشؤون الاجتماعية، التي تسمى بين أوساط المهاجرين بـ (السوسيال)، بسحب أطفال من عوائلهم، يتصاعد الجدل بين المهاجرين، ويصل أحياناً الى مديات تتقاطع فيها وجهات النظر بشكل حاد جداً، ويصبح الموضوع حديث وسائل التواصل الاجتماعي.

لماذا يأخذ (السوسيال) الأطفال؟ هل تربية الأطفال مسؤولية الوالدين أم المجتمع؟ لماذا يتم أخذ الأطفال، “بسهولة” كما يعتقد البعض؟ وما السبيل الى تجنب كل ذلك؟

“الكومبس” تحدثت في اللقاء التالي، مع الباحث الاجتماعي، مدير دائرة الشؤون الاجتماعية في أحد أقسام مدينة يوتوبوري فريد الشاني، لإلقاء الضوء على هذه الأسئلة، ومعرفة الأسباب التي تدفع بالدولة الى سحب الأطفال من عوائلهم:

هناك انطباع شائع لدى بعض المهاجرين، أن “السوسيال” ينتزع الأطفال من أهاليهم لأتفه الأسباب. فكيف توضح هذا الأمر؟ متى يتم هذا الاجراء؟

هذا الانطباع خاطئ جداً، ويؤدي إلى تشنج وتوتر كبير بين العوائل التي تقع في مثل هذه المشاكل، ومؤسسات الدولة. ولا يمكن في أي حال من الأحوال أخذ طفل من عائلته دون سبب، ذلك غير وارد بتاتاً، ولابد من التسليم بأنه انطباع في غير محله.

من حق كل شخص الاعتراض ثلاث مرات على كل القرارات الصادرة من دائرة الشؤون الاجتماعية. هكذا، لن يضيع حق أحد في حالة اصدار قرار غير صحيح حسب القانون.

على سبيل المثال، عندما تصل إلى دائرة الشؤون الاجتماعية ملاحظة من طبيب أو مدرسة أو جيران، أو أي شخص آخر، بوجود مشكلة في عائلة ما، وأن الطفل لا يعيش في ظروف مناسبة، حينها يجرى فتح تحقيق، مع الوالدين في البداية. فإن ثبت أن البيئة التي يعيش فيها الطفل غير مناسبة فعلاً، في البداية تعطى فرصة للأهالي للمساهمة في تحسين وتغير الظروف وخلق بيئة مناسبة للنمو فيها. وإذا كانت العائلة بحاجة لمساعدتها في خلق هذه الظروف تقوم دائرة الشؤون الاجتماعية بإعطاء كل المساعدات المناسبة. وإذا هذه المساعدات لم تعط نتائج ايجابية وهناك خوف على صحة ونمو الطفل بشكل غير جيد يتم في حينها اتخاذ الإجراءات القانونية.

لو توخينا الدقة، وافترضنا أن الطفل تعرض للضرب صباحاً وذهب إلى المدرسة وآثار الضرب ماثلة عليه، فما هو الإجراء الذي تتخذه المدرسة؟

تقوم إدارة المدرسة، بإبلاغ دائرة الشؤون الاجتماعية والتي بدورها تلتقي بالطفل في المدرسة ويتم دراسة الموضوع. وإذا كانت هناك خطورة على حياة الطفل يتم اتخاذ ما يلزم حسب القانون لحماية الطفل. وفي نفس الوقت يُجرى استدعاء الأم والأب ومساءلتهما عن الموضوع، بعدها، يعتمد الأمر على مدى تعاونهما مع الدائرة بغية تأمين بيئة سليمة وطبيعية لنشأة طفلهما.

ما الذي تقصده بالتحديد بـ ” تعاونهما”؟

تعمل الخدمات الاجتماعية بطرق مختلفة لضمان حصول الأطفال كافّة على حياة جيدة وأن ينمو في ظروف آمنة. والوالدان مسؤولان عن حصول الأطفال على الرعاية والطمأنينة التي هُم بحاجة اليها. ويمكن عند الحاجة أن تدعم الخدمات الاجتماعية الوالدين في ممارسة دورهما كوالدين. أن طلب الدعم في مجال الرعاية الأبوية هي طريقة لتحمّل المسؤولية. والوالدان اللذان يحصلان على مساعدة مبكرة يمكنهما تجنيب أطفالهم الوقوع في المشاكل في حياتهم فيما بعد.

“يكلف أخذ الأطفال الدولة السويدية مبالغ طائلة”

عندما يهُّمل طفل في الوقوع في خطر ما تتعاون الخدمات الاجتماعية مع العائلة والأشخاص البالغين الآخرين كي يتمكنوا جميعاً من أن يحصل الطفل على حياة جيدة قدر الامكان. ولدى الخدمات الاجتماعية مهارات للعمل لمعالجة مختلف أنواع المشاكل التي تتكون لدى العوائل. ويمكن لذلك مثلاً أن يتعلّق بوجود حالات شجار كثيرة في المنزل، والدان قلقان على وضعهما وما إذا كان ذلك يؤثر على أطفالهم، أطفال يشعرون باغتراب الذات، أطفال يتعرضون للعنف، أو التهديد أو الانتهاكات، أطفال يرتكبون جرائم، يدمنون على تناول الكحول أو المخدرات أو أطفال يعيشون في عوائل توجد فيها حالات ادمان.

عادةً ما يكون الوالدان والخدمات الاجتماعية متفقين على نوع المساعدة التي يحتاجها الطفل والعائلة. وفي المقام الأول يجب أن تُمنح تلك المساعدة التي تعرضهُا الخدمات الاجتماعية سوية مع الأبوين وبموافقتهما.

هل تقصد أننا، لكوننا نعيش في السويد، لم نعد نملك أطفالنا؟

أطفالنا بالطبع هم لنا، ولكن لا نمتلكهم كاشيا جامدة، بمعنى ليس لدينا الحق في إيذائهم. انا لي مطلق القناعة بان جميع الذين تركوا بلدانهم ولجأوا الى السويد كان ذلك من اجل حماية اطفالهم وضمان مستقبلهم، إذا لابد من تطبيق أساليب التربية الحديثة. وهذا الشي مفيد لنا أيضا لأن نشأة الطفل في بيئة طبيعية تؤمن له مستقبلاً أفضل. لذلك، ينبغي خلق الحوار مع الأبناء والتخلي عن أسلوب الضرب.

في القوانين السويدية مثلا هناك قانون يُدعى قانون الوالدين. وينّص قانون الوالدين على حق الاطفال في الحصول على الرعاية والعناية بشكل جيد والأمان وعلى تربية جيدة. ويُسمى جزء من هذا القانون بقانون منع الضرب (anti-agalagen) وتم سن هذا القانون في السويد منذ سنة 1979. وكلمة (aga) تعني ضرب طفل لغرض تربيته.

وحقوق الطفل ايضا مصانة دوليا من خلال اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وهي معاهدة اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 تشرين الثاني / نوفمبر 1989 وتشكل جزءا من القانون الدولي. صدق 196 بلدا على الاتفاقية. وتنص على ما ينبغي أن ينطبق على جميع الأطفال في جميع أنحاء العالم. وينطبق التعريف في جميع المجتمعات، بغض النظر عن الثقافة أو الدين أو غيرها من الخصائص. وتتعلق الاتفاقية بحقوق الطفل كل على حدة.

وينصّ قانون منع الضرب على أنّه يُمنع استعمال العنف الجسدي والنفسي ضدّ الأطفال. والعنف الجسدي هو جميع أنواع العنف الموّجهة ضد الجسم. وكذلك الضرب غير المبرّح (الخفيف)، والجرّ من الشعر والقرص تشكّل هيّ أيضاً عنفاً جسدياً والعنف النفسي يمكن أن يكون على هيئة تهديد، إثارة فزع، تجميد شخص (اخراجه من نطاق مجموعته) أو حبس طفل في مكان ما. يمكن للعنف النفسي أن يؤذي احترام الطفل لذاته وتطوّره بنفس القدر الذي يفعله العنف الجسدي.

حيث توجد شروط لهما ليكونا والدين قويين وواضحين في البلد الجديد والذي تسوده الديمقراطية والانفتاح الكبير قياسا الى بلد الام من اجل ان يخلقان بيئة آمنة لأطفالهما. وإذا كانت العائلة كلّها متفهمة لمعايير المجتمع الجديد وقيمهِ وتحاول بجد السعي الى المواكبة والتكيف يمكنها أن ترى أوجه التشابه والاختلاف مع هويتها الخاصة والثقافية وإن ذلك يمنح الأطفال فرصاً جيدة للحصول على حياة مستقرّة.

فمن المهم للوالدين والكبار بذل جهد كبير من اجل الحصول على معلومات عن المجتمع الذي جاءت العائلة اليه وأن يفهموا أنّ التحديات في الحياة اليومية الجديدة والبيئة المعيشية للطفل ستصبح أيضاً جزءاً من شخصيتهم. سلامة الطفل هي مهمة الوالدين، سلامة الطفل في المنزل وخارج البيت وفي اوقات الفراغ والمشاركة في النشاطات الرياضية والثقافية كلها تقع ضمن مسؤولية الوالدين.

“لابد من كسر حاجز الخوف بيننا وبين المؤسسات الاجتماعية”

حُبّ الطفل عند كل الآباء أهم من كل شيء آخر. ومن الطبيعي يحتاج جميع الأطفال الى الوالدين وأشخاص كبار. فالكبار يلعبون دورا مهما لتقديم الارشادات وتشجيعهم لتعزيز الثقة بالنفس من خلال اعطائهم الحب والحنان. كما يجب أن يضع الكبار الحدود للأطفال من دون استعمال العنف وبطرق تربوية حديثة. أنّ كيفية تربية الطفل لها تأثير كبير على ثقة الطفل بنفسه واحترامه لذاته. الاطفال الذين يحصلون على تربية مطمئنة يعّم فيها الحُب يستطيعون أيضاً النجاح في المدرسة بشكل أسهل يتمتعون بصحة جيدة عندما يكبرون.

من المعلوم على سبيل المثال الحرية والعيش في مجتمع ديمقراطي لا يعني ان تفعل ما تشاء حسب رغباتك وارادتك إذا كان ذلك اجتياز الحدود تجاه الاخرين. (انا حر عندما يشعر المقابل بحريته) كما قال الفيلسوف الدنماركي Soren Kierkegaard

تعيش بحرية في المجتمع الديمقراطي عندما تلتزم بالقوانين.

إذن، لماذا هذا الفهم الخاطئ لموقف “السوسيال”، ومن المسؤول عن هذا الغموض وتلك الضبابية لدى المهاجرين؟ أين تعتقد مكمن الخلل في هذا التهويل والتخوف “المبالغ” به من بعض العوائل في موضوع أخذ الأطفال؟

أنا لا أجد أي موضوعية أو مسوغ للتخوف من أخذ الطفل، أو الاعتقاد أنه من دون سبب. ولا توجد قوه تستطيع أخذ أطفال من أهاليهم بلا مبرر. لابد أن تكون الأسباب قوية جداً، كتعاطي العائلة مخدرات، أو لجوئها إلى أساليب قاسية واستخدام القوة والعنف في التربية أو اضطهاد نفسي يؤثر في نفسية الطفل. ورغم ذلك كله، إذا تحسنت البيئة، لا يستبعد إرجاع الطفل، فالقرار ليس نهائياً.

ما هي المؤشرات الأخرى التي تستدعي تدخل دائرة الشؤون الاجتماعية؟

إذا كانت البيئة غير نظيفة والتغذية غير مناسبة، ومراقبة الطفل منعدمة، أو يتعرض الطفل للخطر في البيت، مثلاً من الطباخ او النار، أو إذا اقترب من الشارع من دون رقابة، أو من الماء وهو لا يجيد السباحة، وكذلك التغيب المتكرر من المدرسة، وذلك جانب في غاية الأهمية.

بعض العوائل القادمة حديثاً، وأحياناً حتى القديمة، تفتقر إلى الوعي بتلك الأمور، بحيث حتى الضرب لا تعدّه مؤشراً خطراً، إنما ممارسة “عادية” لا تستدعي أخذ الأطفال من ذويهم.

كيف يمكن، في رأيك، رفع درجة الوعي لديهم؟

ثمة برامج كثيرة لتوضيح تلك الإجراءات والقوانين، وهي مترجمة في اللغات كافة، وليس العربية وحسب.

كيف يتم الحصول على تلك المعلومات؟

إنها موجودة على الإنترنت، وكذلك لدى دائرة الشؤون الاجتماعية، ويمكن الحصول عليها بسهولة. أي شخص يستطيع الاستفسار عنها، ويمكنه طلب مترجم إذا كانت غير واضحة لديه. وأنا أنصح بالاطلاع على تلك المعلومات لأنها مهمة جداً بغية تقوية دور الآباء والأمهات وتوعيتهم في كيفية التعامل مع الطفل، مثلاً إذا كان يعاني إعاقة نفسية، لتجنيبه الإحساس بالنقص جراءها.

“لا يمكن في أي حال من الأحوال أخذ طفل من عائلته دون سبب، ذلك غير وارد بتاتاً”

أود هنا إضافة جانب اخر مهم جداً، هو ضرورة إبداء الثقة بمؤسسات الشؤون الاجتماعية وكيفية طلب المساعدة منها والتعامل معها من دون خوف. إذ لابد من كسر حاجز الخوف بيننا وبينها، تحت طائلة أن نعيش في عزلة مع سوء فهم للواقع. يجب أن نتجاوز حاجز الخوف من الدوائر الرسمية بشكل عام وإلا سنبقى مهمشين.

ماذا تقول لبعض الأهالي الذين يعتقدون أن أخد الأطفال منهم يتم بشكل منظم ومقصود لعوائل المهاجرين؟

هذا الاعتقاد لا أساس له من الصحة، وما من أي دليل لإثباته.

هل تعتقد أن هناك تصوراً مسبقاً في ذهن بعض موظفي دائرة الشؤون الاجتماعية بأن المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط أكثر عنفاً في تربية أطفالهم؟

لا أعتقد ذلك. إنهم يعدّونها مسألة فردية. وعموماً، ينتبهون لطريقة سلوك الشخص في الحوار والتصرفات، ولديهم الخبرة في تحديد ما إذا كان عنيفاً. لكنهم لا يعمدون إلى التعميم. ربما يوجد أشخاص لديهم تعصب عنصري أو أفكار مسبقة، لكنها حالات نادرة وفردية. والقانون صريح في منعها في إطار إجراءات أخذ الأطفال. فالدائرة برُمتها مسؤولة عن هذا القرار، وليس مجرد هذا الموظف أو ذاك.

بدءاً من أي عمر يمكن أخذ طفل؟

من عمر يوم واحد إلى 18 سنة. في العمر الصغير، تكون البيئة هي السبب. وعندما يكبر الطفل، فأن السلوكيات هي السبب او الاثنين معاً.

هل لك أن توضح كيف تجرى الأمور عندما يكبر الطفل، مثلاً في سن 17؟

إذا كان يؤذي نفسه أو المحيطين به، ومع عجز الأهل عن التعامل معه، أو إذا كان يتعاطى المخدرات والأهل غير مكترثين، وربما غير منتبهين أصلاً، او في حالة ارتكاب الجرائم وتعرض نفسه او الاخرين الى الخطورة.

أين يذهب الأطفال الذين تأخذهم مصلحة الهجرة؟

– يتم إيلاؤهم إلى أقاربهم، عوائل تتوافر عندها شروط البيئة المناسبة للعناية بالأطفال.

حاورته: زينب وتوت

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.